تحليلات واراء

من نزار بنات إلى شذى الصباغ.. بطش السلطة الفلسطينية لا يرحم معارضيه

في ذروة حملتها القمعية على فصائل المقاومة في جنين وما تثيره من غضب شعبي متصاعد، سعت السلطة الفلسطينية إلى توجيه رسالة بطش صريحة عبر قتل الصحفية الشابة شذى الصباغ.

وسرعان ما ذكرت الجريمة بجريمة مماثلة تمثلت في قتل الشهيد نزار بنات بشكل متعمد بعد اعتقاله والاعتداء عليه بالضرب والتنكيل حتى الموت للخلاص من صوته المنتقد.

وكما حصل مع عائلة بنات، حملت عائلة الصحافية الصباغ، التي أصيبت برصاصة في الرأس بمخيم جنين للاجئين يوم السبت الماضي، السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية “المسؤولية المطلقة” عن قتلها.

تعيش العائلة في المخيم، في الضفة الغربية المحتلة، والذي يخضع لحصار من قبل قوات الأمن الفلسطينية منذ الخامس من ديسمبر/كانون الأول.

ويعد مخيم جنين معقلا للمقاومة، فيما كان شقيق الصحفية الصباغ، معتصم، عضوا في مجموعة ألوية جنين وقتلته القوات الإسرائيلية في عام 2023.

وكانت الصباغ (21 عاماً) تدرس الصحافة وتغطي القضايا المحلية في المخيم والسياسة الفلسطينية. وقُتلت أثناء مغادرتها أحد المحلات مع أقاربها مساء السبت.

وقال شقيقها مصعب إنها كانت مستهدفة من قبل قوات الأمن بسبب تقاريرها، وأنها واجهت تهديدات من قبلهم في الأيام الأخيرة.

وتضمن تقريرها الأخير، الذي نشرته على إنستغرام في يوم وفاتها، مقابلة مع سكان مخيم جنين الذين أكدوا أن قوات الأمن الفلسطينية أشعلت النار في منازلهم.

وقال شقيقها “إننا نحمل السلطة الفلسطينية المسؤولية الكاملة عن مقتل شذى”.

وأضاف ن شارع المهيوب الذي أصيبت فيه شقيقته كان “خالياً تماماً” من أي نشاط مسلح في ذلك الوقت وكان تحت سيطرة قوات الأمن الفلسطينية.

وتابع “لقد سيطرت قوات الأمن الفلسطينية على منزل الشهيد يزيد الجعيصة أمام منزلنا مباشرة، ومنزل آخر قريب. كما كانت لديهم مركبة مدرعة متمركزة على طول الطريق. ولم يكن هناك مسلحون غيرهم في المنطقة، ولم تحدث أي مواجهات معهم على الإطلاق”.

ووصف الصباغ اللحظات الأخيرة في حياة شقيقته، كما روت له والدته. وقال: “كانت شذى وأمي وجارتنا وطفلان صغيران – معتصم وليوا – خارجين لشراء بعض المواد الغذائية من الطابق الثالث من المبنى الذي نقيم فيه حوالي الساعة 11 مساءً يوم السبت. لقد شاهدها [رجال الأمن] تدخل لكنهم انتظروا خروجها قبل أن ينهالوا عليها الرصاص، بما في ذلك رصاصة اخترقت رقبتها وخرجت من رأسها”.

كانت الصباغ تحمل الطفل معتصم البالغ من العمر عامًا واحدًا بين ذراعيها عندما أُطلق عليها الرصاص. وكانت صفاء، جارتها وقريبتها، تقف على الدرج أمامها عندما أُطلقت الرصاصات.

قالت صفاء “لقد سقطنا جميعاً على الأرض. كنت أصرخ: “لدينا أطفال. توقفوا عن إطلاق النار!” لكنهم استمروا في إطلاق النار”.

وأضافت “بعد أن تمكنت من العودة إلى الداخل، حاولت سحب معتصم نحوي لكنهم استمروا في إطلاق النار علينا. بمجرد أن رأيت بركة الدماء، اعتقدت أن معتصم قُتل. كان باردًا ومغطى بالدماء ولم يكن يبكي. ثم أدركت أنه لم يكن هو الذي أصيب بالرصاص. كانت شذى”.

وذكرت أن الجيران والأقارب حاولوا تقديم المساعدة، لكن في كل مرة اقتربوا فيها، اشتد إطلاق النار. “في النهاية، ارتدت إحدى جاراتنا، وهي فنية طبية مدربة، سترة الإسعاف وحاولت الاقتراب – حتى يتمكنوا من رؤية شخص مصاب. لكنهم استمروا في إطلاق النار”.

وقال محمود السعدي مدير جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في جنين إن الصباغ “توفيت على الفور”، وتم نقلها إلى مستشفى قريب حيث أعلنت وفاتها.

ويبرز مراقبون أن السلطة الفلسطينية باتت تفرض أن الفلسطينيين أصبحوا هم ضحية الأجهزة الأمنية التي تنتهج قمع الحق في التعبير والوصول إلى المعلومة وتعتبره إجراء جرميا، يعادى فيه الصحفي، ويعتقل، ويعذب في السجون، بل وتُصوب رصاصة قناص فلسطيني إلى رأس صحفية فلسطينية وتقتلها قبل أن تبدأ حياتها المهنية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى