تعارض منصب المحافظ مع القانون
وقال عابدين إن القانون الأساسي الفلسطيني لا يعترف بوجود المحافظين في أي من نصوصه. وبناءً عليه، فإن استمرار وجود هذا المنصب يتعارض تماماً مع النصوص الدستورية التي تُنظم الإدارة المحلية عبر مجالس محلية منتخبة وفقاً للمادة (85) من القانون الأساسي.
وأوضح عابدين: “منصب المحافظ كان موجوداً في الحقبة الأردنية، لكن مع نشر القانون الأساسي الفلسطيني في 7 يوليو 2002، انتهى هذا المنصب من الناحية الدستورية. وقد حافظ القانون الأساسي المعدل في 19 مارس 2003 على هذا الموقف، مما يجعل استمرار عمل المحافظين بمثابة انتهاك للمرجعية الدستورية الفلسطينية.”
وتابع “رغم أن الرئيس أصدر مرسوماً في عام 2003 يحدد اختصاصات المحافظين، فإن هذا المرسوم يخالف بشكل واضح نصوص القانون الأساسي الفلسطيني. كما أن مرسوم 2021 المعدل يعزز هذا الخرق بتوسيع صلاحيات الرئيس في تعيين المحافظين، وهو ما يجعل أي قرار صادر عنهم غير قانوني.”
موقف الرئيس من تعيين المحافظين
محاولة تعديل المادة (38)
وأوضح عابدين أن هناك محاولات سابقة لتعديل المادة (38) من القانون الأساسي، وتحديدًا في عام 2005، عندما تم تقديم مشروع قانون لاستبدال عبارة “هذا القانون” (القانون الأساسي) بـ “القانون” (القانون العادي).
وأضاف: “كان الهدف من هذا التعديل توسيع صلاحيات الرئيس، إلا أن المحاولة باءت بالفشل، لعدم حصول المشروع على النصاب القانوني اللازم المتمثل في موافقة ثلثي أعضاء المجلس التشريعي، وفقًا لما تنص عليه المادة (120) من القانون الأساسي”.
قرارات المحافظين
وأشار عابدين إلى أن قرارات “المحافظين” المتعلقة بـ”التحريض”، و”إثارة الفتن”، و”الإخلال بالأمن العام” تُعتبر انتهاكًا واضحًا للقانون الأساسي الفلسطيني المعدل والاتفاقيات الدولية التي انضمت إليها فلسطين، ولا سيما العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
وأكد: “هذه المصطلحات الفضفاضة وغير المحددة تُشكل خرقًا لمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات المنصوص عليه في المادة (15) من القانون الأساسي، كما أنها تخالف المعايير الدولية المعروفة بـ ‘Three-Part Test’، الذي يشترط وضوح النص القانوني، وارتباطه بهدف مشروع، وضرورته في مجتمع ديمقراطي”.
ونبّه عابدين إلى خطورة التجريم بناءً على قرارات إدارية غامضة، قائلاً: “هذه القرارات تفتح الباب للتأويل التعسفي، وتقوض أسس العدالة وسيادة القانون، وتُعد انتهاكًا صارخًا لحرية التعبير التي يجب أن تُحمى، حتى في أشد حالات النقد للسلطة”.
شغور منصب الرئيس
وفيما يخص الإعلان الدستوري المتعلق بشغور منصب رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية، قال الدكتور عابدين: “هذا الإعلان يمثل تحديًا خطيرًا للمبادئ والقيم الدستورية، ويضرب في جوهر إرادة الشعب الفلسطيني، باعتباره مصدر السلطات والسيادة”.
وأضاف: “هذا النوع من القرارات يضع مستقبل النظام السياسي والدستوري الفلسطيني على المحك. يجب أن تكون هناك وقفة جادة من المجتمع المدني والمؤسسات الحقوقية لرفض هذه الانتهاكات، وضمان احترام النصوص الدستورية ومبدأ سيادة القانون”.
ودعا الدكتور عابدين إلى ضرورة أن يتصدى المجتمع المدني لهذه الانتهاكات، قائلاً: “على المجتمع المدني أن يلعب دورًا محوريًا في فضح هذه التجاوزات، من خلال إعداد تقارير قانونية مُوثقة تُرسل إلى آليات الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان وسيادة القانون”.