إبادة غزة.. تطابق موقف السلطة الفلسطينية مع الاحتلال وواشنطن

توالت بيانات الإدانة العربية والدولية لاستئناف الاحتلال الإسرائيلي حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة وسط تطابق غريب ومستهجن موقف السلطة الفلسطينية مع دولة الاحتلال وداعمتها الرئيسية الولايات المتحدة الأمريكية.
إذ يسجل بشكل مثير أن الأطراف الوحيدة في العالم التي قررت إدانة غزة وهي تتعرض لحرب الإبادة الجماعية، هم الاحتلال الإسرائيلي منفذ الإبادة، والإدارة الأمريكية التي قررت علنا حرق غزة وتحويلها إلى جحيم، إلى جانب الرئاسة الفلسطينية.
وبينما حتى دول التطبيع لم تقل إنها تدين طرفا فلسطينيا عند التعليق على استئناف قتل المدنيين الفلسطينيين، فإن الرئاسة تجرأت على ذلك في أحدث سقوط مهين لسلطة التنسيق الأمني والعمالة لصالح الاحتلال.
في البداية أصدرت الرئاسة بيانا صريحا يدين المجازر في غزة ويحمل الاحتلال المسؤولية، ثم تحت عنوان تحديث البيان أضافت الرئاسة الجملة الأخيرة التي تعبر عن وجهة نظر الاحتلال الإسرائيلي والأمريكي وجاء فيها “وفي هذا الصدد فإننا ندين تصرفات حماس غير المسؤولة”.
وتساءل مراقبون عن مغزى إدانة الرئاسة في خضم شلال الدم النازف في غزة وماذا تريد الرئاسة من حماس تحديدا ثم من الذي يكتب بيانات الرئاسة الفلسطينية حتى تصدر بهذا التطابق مع مرتكبي الإبادة أنفسهم.
ولا يعد هذا الموقف غريبا على السلطة الفلسطينية التي ردت بالخضوع والتآمر ضد المقاومة على خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن ترحيل سكان غزة إلى دول مجاورة.
فبدلا من مواقف جدية تعارض خطة ترامب وتشتبك معها سياسيا وقانونيا واتخاذ خطوات فعلية لتوحيد الموقف الفلسطيني، اتخذت سلطة التنسيق الأمني المقدس النهج المعتاد عليها.
إذ سارعت السلطة إلى عقد اجتماع سري مع ستيف ويتكوف مبعوث دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط في كانون الثاني/يناير الماضي، عرضت خلالا استعدادها “للصدام” مع حركة حماس والمقاومة إذا كان هذا هو الثمن اللازم للاستيلاء على السلطة في قطاع غزة.
وتقاتل السلطة الفلسطينية بشدة حتى لا يتم تهميشها تماما منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض. فمنذ أوائل ديسمبر/كانون الأول، كانت السلطة الفلسطينية تحاصر مخيم جنين للاجئين، وتهاجم عناصر المقاومة الفلسطينية.
وقد كان احتمال عودة السلطة إلى غزة في صميم خطة إدارة الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن لحكم غزة بعد الحرب، لكن ترامب لم يذكر السلطة الفلسطينية إلا بالكاد.
وبعد أن تخلت السلطة الفلسطينية عن المقاومة المسلحة لإسرائيل، لم تتمكن من التوصل إلى حل سياسي وإقامة دولة فلسطينية مستقلة، في حين اتسع نطاق المستوطنات غير الشرعية في الضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية المحتلة.
وعندما تم توقيع اتفاقيات أوسلو، كان يعيش حوالي 250 ألف مستوطن في الضفة الغربية المحتلة. وقد ارتفع هذا العدد إلى أكثر من 700 ألف اليوم، بما في ذلك في القدس الشرقية المحتلة، والتي يتصورها كثيرون عاصمة للدولة الفلسطينية المستقبلية.