تحليلات واراء

فايننشال تايمز: نتنياهو يواصل حكمه على حساب دماء المدنيين في غزة

أكدت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يعيد ترتيب أوراقه وينقذ تحالفه الحكومي على حساب دماء المدنيين في غزة باستئنافه حرب الإبادة الجماعية.

وأبرزت الصحيفة أنه منذ أن وافق نتنياهو على مضض على وقف إطلاق النار متعدد المراحل مع حركة حماس في يناير الماضي، لم يخفِ استياءه من شروطه. وفي الساعات الأولى من صباح الثلاثاء، أنهى نتنياهو السلام الهش الذي أتاحه هذا الاتفاق.

وبينما كان سكان غزة نائمين، شنّ الجيش الإسرائيلي ضربات واسعة النطاق على القطاع الساحلي، أسفرت عن قتل أكثر من 400 شخص، وفقًا لمسؤولين فلسطينيين، في واحد من أكثر الأيام دموية في القطاع منذ الأسابيع الأولى لحرب الإبادة التي دخلت شهرها السابع عشر.

وقد لقيت الحملة العسكرية الجديدة ترحيبًا من حلفاء نتنياهو اليمينيين المتطرفين الذين يعتمد عليهم لبقاء ائتلافه السياسي، في وقت يواجه فيه ضغوطًا متزايدة بسبب فضائح وقصور أمني سمحا لهجوم طوفان الأقصى للمقاومة الفلسطينية في 7 أكتوبر 2023.

لكن هذه الحملة أثارت أيضًا غضب عائلات الأسرى الذين ما زالوا محتجزين في غزة، وفاقمت الكارثة الإنسانية هناك، وأثارت اتهامات من معارضيه بأنه يتصرف بدافع حسابات سياسية، وليس من منطلق اعتبارات أمنية وطنية.

وقال إيتمار ياعار، نائب رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي السابق: “لدى نتنياهو مصلحة شخصية في استمرار الحرب. لا يشعر بأي إلحاح لإنهائها”.

والاتفاق الأصلي، الذي وقّعت عليه الحكومة الإسرائيلية في يناير، كان ينص على عملية من ثلاث مراحل: تقوم حماس خلالها بالإفراج تدريجيًا عن الأسرى الإسرائيليين، مقابل إطلاق سراح أسرى فلسطينيين، ووقف لإطلاق النار يؤدي في النهاية إلى انسحاب إسرائيلي كامل من القطاع ونهاية دائمة للحرب.

لكن في الأسابيع الأخيرة، وبدعم من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، رفض نتنياهو إنهاء الحرب وسحب القوات من غزة، وسعى إلى هندسة ترتيبات جديدة.

وتقضي الشروط الجديدة المقترحة من الولايات المتحدة، والمدعومة إسرائيليا، بالإفراج عن عدد كبير من الأسرى الإسرائيليين في وقت مبكر مقابل تمديد الهدنة لأسابيع، دون ضمان لإنهاء دائم للحرب، وهو ما رفضته حماس.

حرب مرتبطة بسياسة داخلية

قال منتقدو نتنياهو إن توقيت الهجوم الإسرائيلي الجديد له علاقة بالسياسة الداخلية. فمنذ شهور، يتعرض رئيس الوزراء لضغوط من حلفائه اليمينيين لاستئناف الحرب على غزة.

فقد انسحب إيتمار بن غفير، وزير الأمن القومي السابق، وزعيم حزب “القوة اليهودية” اليميني المتطرف، من الائتلاف احتجاجًا على اتفاق وقف إطلاق النار في يناير، وهدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش بالانسحاب أيضًا.

لكن الهجوم الجديد غيّر المعادلة السياسية، إذ أعلن بن غفير الثلاثاء عودته إلى الائتلاف الحكومي بقيادة نتنياهو، واعتبر محللون أن تهديدات سموتريتش لم تعد مرجحة.

كما اتهم سياسيون معارضون نتنياهو بأن الغارات تهدف إلى تشتيت الانتباه عن أزمة متصاعدة تتعلق بعزمه إقالة رئيس جهاز الأمن الداخلي “الشاباك”.

وكتب يائير غولان، زعيم حزب العمل اليساري، على منصة “إكس”: “الجنود في الجبهة والأسرى في غزة مجرد أوراق في لعبة نتنياهو للبقاء السياسي”.

وأثارت العمليات العسكرية الجديدة غضب الأسرى السابقين وأقارب من لا يزالون محتجزين في غزة، الذين حذروا من أن الهجوم الإسرائيلي يعرض حياة نحو 25 أسيرا يُعتقد أنهم لا يزالون أحياء للخطر.

وقال محللون إن الهجوم الجديد قد يؤدي إلى تصعيد التوترات في الضفة الغربية المحتلة، التي ظلت نسبيًا هادئة رغم الحرب في غزة. وبعد تجدد الغارات الإسرائيلية، دعت حماس الفلسطينيين في الضفة إلى الانتفاض ردًا على الهجوم.

وقال إيتمار ياعار: “على الأقل في الوقت الحالي، يسيطر الجيش الإسرائيلي على الوضع في الضفة”. وأضاف: “لكن لا توجد شركة تأمين يمكنها أن تضمن أن هذا سيظل الحال في المستقبل القريب”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى