تحليلات واراء

تأثير حظر “إسرائيل” للأونروا.. أكبر من قطع محتمل للمساعدات

يتجاوز تأثير حظر دولة الاحتلال الإسرائيلي لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” التداعيات الخطيرة على القطع المحتمل للمساعدات للفلسطينيين إلى محاولة إنهاء الرمزية السياسية للوكالة الدولية وعلاقتها بملف اللاجئين.

وتعرضت “إسرائيل” لانتقادات واسعة النطاق، بعد أن أقر برلمانها مشاريع قوانين تحظر على “الأونروا“، العمل في المناطق التي ينطبق عليها القانون الإسرائيلي.

وتشكل مشاريع القوانين التي سيستغرق دخولها حيز التنفيذ ثلاثة أشهر، ضربة قوية للمنظمة التي يبلغ عمرها 75 عاما والتي تخدم ستة ملايين لاجئ فلسطيني في الأراضي المحتلة والشرق الأوسط.

وتتزايد المخاوف بشأن ما يعنيه الحظر بالنسبة لعمليات الوكالة في غزة، حيث تلعب دوراً محورياً في توزيع المساعدات للتعامل مع أزمة إنسانية واسعة النطاق. ويمر جزء كبير من المساعدات التي توزعها الوكالة عبر المعابر الإسرائيلية.

انهيار سلاسل الإمدادات

قالت تمارا الرفاعي، مديرة الاتصالات الخارجية في الأونروا: “إن سلاسل الإمدادات التي تعتمد عليها الوكالة سوف تنهار. وإذا تم تنفيذ هذه القوانين، فمن المرجح أن تؤدي إلى انهيار عمليات الأونروا في غزة، مما يهدد بانهيار العملية الإنسانية للأمم المتحدة بأكملها والتي تعتمد على منصات الوكالة”.

وأضافت الرفاعي: “لقد أثبتت الأشهر الأخيرة أن الأمم المتحدة، وخاصة الأونروا، هي الكيان الأكثر قدرة على تأمين توصيل المساعدات، كما أن الوكالة هي الكيان الوحيد القادر على إعادة تشغيل التعليم لأكثر من 650 ألف طفل، وانهيارها يهدد بخسارة جيل كامل”.

وتستخدم الوكالة التابعة للأمم المتحدة البنوك الإسرائيلية لتحويل الأموال إلى غزة والضفة الغربية المحتلة، وهي أبسط وسيلة على الإطلاق لتمويل مشاريعها العديدة.

ويهدد الحظر الجديد بجعل استمرار هذه العلاقة مستحيلا على البنوك الإسرائيلية. ومن المؤكد تقريبا أن القوانين ستؤدي أيضا إلى إغلاق مكتب الأونروا في الضفة الغربية في القدس الشرقية، والذي كان هدفا للمحتجين الإسرائيليين، الذين أصبحوا عنيفين بشكل متزايد على مدار العام الماضي.

وقالت الرفاعي إن “الفواتير من شأنها أن تؤدي إلى انهيار عمليات الأونروا في الضفة الغربية المحتلة حيث تدير الأونروا 96 مدرسة (47 ألف طالب)، وثلاثة مراكز للتدريب المهني، و43 مركزا صحيا، وتقدم مدفوعات المساعدات النقدية وغيرها من المساعدات لأكثر من 150 ألف لاجئ فلسطيني”.

وأضافت أن هذه الإجراءات قد تمنع موظفي المنظمة الدوليين من زيارة المناطق التي تسيطر عليها دولة الاحتلال. بل إن المنظمة تخشى أن يتعرض موظفوها للاعتقال.

إدانات دولية

قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إن هذه القوانين سيكون لها “عواقب مدمرة على اللاجئين الفلسطينيين” ودعا الحكومة الإسرائيلية إلى احترام ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي”.

فيما قال المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني في منشور على موقع X بعد وقت قصير من إقرار القوانين إن هذه القوانين “تزيد من معاناة الفلسطينيين ولا تقل عن العقاب الجماعي”.

وزعم مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن إسرائيل مستعدة للعمل مع المجتمع الدولي لإيصال المساعدات إلى غزة خلال التسعين يوما التي تسبق دخول التشريع حيز التنفيذ.

ومع ذلك، قال المتحدث السابق باسم الأونروا كريستوفر جانيس إن “هذا القرار من شأنه أن يحول الكارثة الإنسانية إلى كارثة إنسانية”. وأنا أستخدم هذه الكلمة عن قصد، لأنني أعتقد أننا نشهد تحول غزة على الهواء مباشرة إلى معسكر موت على نطاق صناعي”.

كما صدرت إدانات من مختلف أرجاء المجتمع الدولي. وقال جوزيب بوريل، مسؤول الأمن والسياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، إن هذه القوانين “ستجعل العمليات الحيوية لوكالة الأونروا في غزة مستحيلة بحكم الأمر الواقع”.

وقال وزير الخارجية النرويجي إسبن بارث إيدي: “لا أحد يستطيع أن يتحمل مسؤوليات الأونروا في تلبية الاحتياجات الأساسية للاجئين الفلسطينيين من الغذاء والحماية والمأوى والرعاية الصحية والتعليم. إن الأونروا تبذل جهوداً هائلة في الوقت الذي اضطرت فيه منظمات الإغاثة الأخرى إلى مغادرة غزة”.

فيما قال رئيس الوزراء الأيرلندي سيمون هاريس إن هذه الخطوة “كارثية ومخزية”.

وقالت منظمة أوكسفام الخيرية الدولية إن هذه الفواتير هي جزء من تفكيك منهجي لغزة “كأرض مستقلة وقابلة للعيش بالنسبة للفلسطينيين”.

وتابعت “لقد قصفت (إسرائيل) الفلسطينيين حتى الموت، وأصابتهم بتشوهات، وأجوعتهم، وهي الآن تحرمهم من أكبر شريان حياة للمساعدات”.

وقال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر إن “الأونروا وحدها القادرة على تقديم المساعدات الإنسانية بالحجم والوتيرة المطلوبين” في غزة، كما سلط الضوء على التأثير الذي ستخلفه هذه القوانين على الضفة الغربية، قائلا إن هذه الخطوة تعرض “تقديم الخدمات الصحية والتعليمية الأساسية” في المنطقة للخطر.

يشار إلى أن حركة المقاومة الإسلامية “حماس” وباقي الفصائل الفلسطينية رفضت القوانين الإسرائيلية الرامية إلى حظر “الأونروا” في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

واعتبرت حماس القوانين الإسرائيلية ضد الأونروا “جزءًا من حرب الصهاينة وعدوانهم على شعبنا، لتصفية قضيتنا الوطنية، وحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم”، مطالبة المجتمع الدولي والأمم المتحدة، باتخاذ مواقف حازمة ضد “إسرائيل”، وتقديم الدعم للأونروا، بما يضمن استمرار عملها في إغاثة الفلسطينيين.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى