تحليلات واراء

فتح تطلق حملة تحريض واسعة ضد اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

في ظل تهميش وازدراء تعانيه بشكل متزايد فيما يتعلق بملف غزة، لجأت حركة فتح كعادتها لإطلاق حملة تحريض واسعة ضد اتفاق وقف إطلاق النار وإنهاء حرب الإبادة الجماعية على القطاع.

ويرى مراقبون أن مسارعة فتح إلى التحريض وإطلاق الاتهامات جزافا ضد المقاومة يعبر عن أزمتها وخيبة أملها من بقاء المقاومة في غزة والاتفاق معها على اتفاق متبادل مع دولة الاحتلال دون نجاح هدف القضاء عليها.

ومع إشارة غالبية المراقبين إلى أن فتح لم تظهر أصلا على مدار 15 شهرا من حرب الإبادة اهتمامها بشلال الدم في غزة، فإن لغة التحريض التي تنتهجها يكرس التهميش الهائل للحركة وقيادتها وللسلطة الفلسطينية عن الأحداث الأبرز في الساحة الفلسطينية.

الإعلام الرسمي منصة للتحريض

كعادتها سخرت حركة فتح أدوات الإعلام الرسمي التي يفترض أنها تتبع لكل الفلسطينيين، منصة للتحريض على فصائل المقاومة في غزة.

واستضافت إذاعة “صوت فلسطين” الرسمية عدد من قيادات فتح والمرتزقة التابعين لها للإدلاء بتصريحات تحريضية والهجوم على المقاومة وسط متابعة فورية من وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا).

أحد هؤلاء نائب أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح صبري صيدم، الذي ركز هجومه على ما وصفه ” سرية اتفاقية وقف إطلاق النار” في غزة رغم أن حركة حماس والمقاومة وحتى الوسطاء أعلنوا كافة تفاصيل بنود الاتفاق.

وزعم صيدم أن “هناك الكثير من القضايا بقيت طي الكتمان حول مجريات اتفاقية وقف إطلاق النار بغزة، وأن الأطراف جميعها اجتمعت قبل إتمامها على ضرورة أن يتم التعامل معها بسرية تامة، وأن السرية بدأت تتكشف من خلال الخطوات الفعلية على الأرض”.

ومن غير المعروف السرية التي قصدها صيدم لا سيما مع اقتصار حديثه إلى الإشارة على تفتيش مركبات النازحين لدى عودتهم من جنوب إلى شمال قطاع غزة رغم أن ذلك معلن منذ أسابيع وحتى أشهر قبل توقيع الاتفاق.

لكن ما يثير غضب صيدم وحركة فتح ظهر بوضوح في تصريحاته عبر زعمه أن “السلطة الوطنية الفلسطينية يجب أن تكون هي العنوان، وهي التي تدير حياة الناس باتجاه إعادة الإعمار وعودة النازحين”.

ويعني ذلك أن غضب فتح هو من تهميشها والسلطة الفلسطينية من أي دور في غزة وليس على مضمون بنود اتفاق وقف إطلاق النار نفسه!.

من جهته لم يفوت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أحمد مجدلاني، الفرصة كعادته للمشاركة في حملة التحريض والهجوم على المقاومة علنا حد الزعم بأنها “نسفت كافة مُنجزات النضالات الفلسطينية”.

الأمر نفسه ينطبق على عضو المجلس الوطني عمران الخطيب، الذي زعم أنه “كان من المفترض أن تكون منظمة التحرير الفلسطينية التي تمثل شعبنا على رأس الحوار المتعلق بموضوع المعتقلين والانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة”.

عن أي شرعية تتحدث السلطة الفلسطينية؟

مؤخرا صرح رئيس وزراء حكومة رام الله محمد مصطفى بأنه “لن يكون مقبولا أن يحكم قطاع غزة أي كيان آخر غير القيادة الفلسطينية الشرعية وحكومة دولة فلسطين”.

وقد رد موقع ميدل إيست مونيتور الأمريكية على هذه التصريحات بالقول إن السلطة الفلسطينية ليست أصلا قيادة شرعية.

ففي عام 2006، فازت حركة حماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية، الأمر الذي أزعج النتيجة التي يفضلها العالم الغربي. ووفقاً للغرب، لا يمكن للديمقراطية أن تتوافق إلا مع التوقعات الغربية؛ وبالتالي فقد ذاق الفلسطينيون طعم ما تفعله الولايات المتحدة عندما تحطم الديمقراطية التوقعات الإمبريالية.

وذكر الموقع أنه بدلاً من احترام النتيجة الانتخابية، شرعت الولايات المتحدة وفتح في سلسلة من تكتيكات زعزعة الاستقرار والإكراه، بهدف تهميش حماس بشكل أكبر وفي نهاية المطاف تدمير التمثيل الشرعي للفلسطينيين وفقاً لنتيجة الانتخابات في عام 2006.

وفي حين تم تجاهل حماس ورفض جهودها الدبلوماسية، على الرغم من أنها جمعت بين المقاومة والبراغماتية السياسية، كثفت السلطة الفلسطينية جهودها لإجبار حماس على التخلي عن السلطة، وفرض العقوبات على جيب يتعرض لقصف إسرائيلي متكرر.

وعندما احتج الفلسطينيون في الضفة الغربية المحتلة على مثل هذه الاستبداد والقسوة، أطلقت السلطة الفلسطينية أجهزتها الأمنية ضد المدنيين، ولا تزال تفعل ذلك.

وبينما استمرت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في ضخ الأموال لتعزيز وحشية السلطة الفلسطينية تحت ستار بناء الدولة، استمرت السلطة في إيذاء الفلسطينيين باسم الأمن، إلى حد اعتقال وتعذيب، وفي بعض الأحيان قتل، منتقديها.

وقد تم تدبير كل هذا لأن المجتمع الدولي انحاز إلى تمثيل سياسي غير شرعي تحت مظلة الديمقراطية. فهل نفترض أن الشرعية والديمقراطية تتغيران وفقاً للمصالح الاستعمارية والإمبريالية؟ بحسب الموقع الأمريكي.

وقال الموقع إنه منذ بدأت دولة الاحتلال الإسرائيلي حرب الإبادة الجماعية في غزة، سعت السلطة الفلسطينية باستمرار إلى التنقل بين أروقة السلطة من خلال تقديم نفسها كبديل لحماس. لكنها في القيام بذلك أهملت تماما حقيقة مفادها أن صمتها على الإبادة الجماعية يعادل دعما ضمنيا.

وأضاف “لقد اكتفت السلطة الفلسطينية بتكرار أهمية نموذج الدولتين كما فعلت لعقود من الزمان، دون الاعتراف بحقيقة مفادها أن حتى الفرضية لا يمكن أن تستمر، ناهيك عن تنفيذها. وفي الوقت نفسه، ولكسب تأييد (إسرائيل) والمجتمع الدولي، وربما لإثبات مدى أهميتها لحكم غزة بعد الإبادة الجماعية، بدأت السلطة هجومها الخاص ضد المقاومة الفلسطينية”.

وتابع الموقع “إن محاولات السلطة الفلسطينية لإثبات جدارتها المزعومة بحكم غزة هي السبب الذي يجعلها لا تستحق ذلك. فالأساس الوحيد الذي تقوم عليه السلطة هو التمويل الأجنبي والاستعمار الإسرائيلي. وبعد أن باعت نفسها لأعلى مزايد (ناهيك عن انعدام الشرعية الملموس منذ عام 2006)، فما هي الزعامة والشرعية الفلسطينية التي تتحدث عنها السلطة حقاً؟”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى