معالجات اخبارية

تحقيق يفضح استخدام الاحتلال أطفالا في غزة دروعا بشرية

فضح تحقيق نهج جيش الاحتلال الإسرائيلي في استخدام أطفالا في غزة دروعا بشرية في خضم حرب الإبادة المتواصلة منذ نحو 11 شهرا.

ويعمد جيش الاحتلال كسياسة ثابتة لديه إلى اعتقال وتعذيب الأطفال الفلسطينيين في قطاع غزة بشكل ممنهج، بما في ذلك استخدام بعضهم كدروع بشرية.

خلال اجتياح عسكري إسرائيلي لمنطقة التفاح في مدينة غزة في 27 ديسمبر 2023، اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي ما لا يقل عن ثمانية أطفال فلسطينيين واستخدمت العديد منهم كدروع بشرية، وفقًا للوثائق التي جمعتها الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال – فلسطين.

اعتقالات تعسفية

اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي حوالي 50 فلسطينيًا، بمن فيهم الشقيقان عبد الله ح. البالغ من العمر 13 عامًا وعبد الرحمن ح. البالغ من العمر 11 عامًا بالإضافة إلى كريم س. البالغ من العمر 12 عامًا.

وقد أجبرهم جنود الاحتلال على خلع ملابسهم وقيدوا أيديهم قبل إجبارهم على السير أمام الدبابات الإسرائيلية.

وقال كريم “لقد أهانونا وصفعوني على وجهي وركلوني في بطني وخصري، وكدت أموت من الضرب، ثم أجبرونا على السير أمام الجرافات والدبابات في الشوارع حتى لا تستهدفهم المقاومة”.

وقال عبد الرحمن إن جنود الاحتلال “أطلقوا علينا الكلاب لتخويفنا، وضربوني على رأسي، وجردوني من ملابسي، وأطلق الجنود الرصاص فوق رؤوسنا وأهانونا. جلسنا في منتصف ملعب اليرموك طوال الليل ورؤوسنا بين أرجلنا، محاطين بالكلاب والجنود والدبابات. كل من طلب الماء أو احتاج إلى استخدام الحمام تعرض للضرب بالبنادق”.

منذ عام 2000، سجلت الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال ما لا يقل عن 31 حالة استخدمت فيها القوات الإسرائيلية أطفالاً فلسطينيين كدروع بشرية. ويحظر القانون الدولي ومحكمة العدل العليا الإسرائيلية استخدام المدنيين كدروع بشرية.

وخلال نفس الاقتحام لحيّ التفاح، اعتقلت قوات الاحتلال ما لا يقل عن خمسة أطفال فلسطينيين آخرين، بحسب توثيقات الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال.

هجوم بالكلاب المتوحشة

“تعرضت للإرهاب والإذلال والضرب والشتائم والتهديد بالكلاب”، هذا ما قاله حسن س. البالغ من العمر 14 عامًا.

وأضاف “عندما قصفوا أجزاء من المنزل، حاولنا النجاة بحياتنا ومغادرة المنزل، أنا وأمي وأبي وإخوتي الصغار وأخواتي. كانت والدتي ترفع العلم الأبيض عندما أطلق الجنود النار فوق رؤوسنا وأجبرونا على السير أمام الدبابة في شارع صلاح الدين. عندما وصلنا إلى مفترق الشجاعية، قيدونا وجردونا من ملابسنا وعصبوا أعيننا وسمحوا للنساء بالذهاب إلى غرب غزة”.

وقال والد حسن “لقد تعرضنا للضرب المبرح بأعقاب البنادق، وتركوا بيننا كلاباً تنهش بعض المعتقلين، وسبونا بأبشع الألفاظ، ومنعونا حتى من شرب الماء، وكانت المجندات تأتين ويبصقن في وجوهنا، كانوا يحاولون إبادتنا، وبقينا على هذه الحال لعدة ساعات قبل أن يطلق الجنود سراحي، ولم أعرف مصير ابني حسن، ولا ماذا فعلوا به، إلا بعد عدة ساعات من ذلك المساء”.

فيما قال محمد س. البالغ من العمر 16 عامًا “لقد عاملونا كحيوانات وليس كبشر. عندما دخلوا منزلنا، كان الجنود يصرخون ويطلقون الرصاص في كل مكان. أخذوني من المنزل وأمروني بخلع ملابسي، ثم قيدوني وعصبوا عيني”.

وتابع “لقد ركلوني في وجهي، ولا تزال العلامات ظاهرة. جرّوني على الأرض، وكان الدم يسيل من ركبتي وقدمي ووجهي ورأسي. لم أكن أعرف أين أنا. هددوني بالقتل وإلقاء جثتي للكلاب لتأكلها، وشتموني باستمرار بكلمات بذيئة لم أسمعها من قبل”.

خلال الاقتحام وبعد أن هدمت قوات الاحتلال باب منزله، دخلت طائرة استطلاع إسرائيلية صغيرة إلى منزل محمد وبدأت بإطلاق الرصاص الحي، فاعتقله جنود الاحتلال، وأُمرت عائلته بالتوجه إلى جنوب غزة عبر شارع الرشيد.

وانقطع الاتصال بالطفل بعد الفصل القسري حتى أخبرهم أحد الجيران أن محمدًا تم إطلاق سراحه وتم تهجيره إلى مدرسة القاهرة في مدينة غزة.

أفاد عبد المنعم د. البالغ من العمر 16 عامًا “قال لي الضابط: أنتم جميعًا من المقاومة، وأنه سيذبحني بالسكين التي في يده، ضربوني بالبنادق على رأسي وظهري وخصري، وكان الدم ينزف من جسدي بالكامل”.

كما اعتقلت قوات الاحتلال الطفل إبراهيم س (13 عاماً)، مع والدته وشقيقاته، بعد مداهمة منزلهم في حي التفاح.

وقال إبراهيم “بدأنا بالصراخ بصوت عالٍ: مدنيون، مدنيون، لكن دون جدوى”. أطلقت قوات الاحتلال الذخيرة الحية على المنزل قبل إرسال طائرة بدون طيار وكلاب عسكرية لجمع المعلومات.

وتابع “بعد ذلك دخل الجنود واقتادوني مع نحو عشرة أشخاص آخرين من الحي، جردونا من ملابسنا وعصبوا أعيننا وقيدونا وسط الضرب بأعقاب البنادق على رأسي والصراخ المجنون وإطلاق النار من حولنا”.

وأضاف “نقلونا إلى منطقة إيرز حيث استجوبونا. وظلوا يقولون لنا إنهم سيقتلوننا جميعًا لأننا من المقاومة وأطلقوا علينا الكلاب. أحد المعتقلين معنا عضه كلب، سمعناه يصرخ من الألم عندما عضه الكلب”.

وأمام الطفل، ضرب جنود الاحتلال والده بالبندقية، وأطلقوا الكلاب لعض المعتقلين، وشتموهم بألفاظ نابية، وهددوهم بالاغتصاب. وقال إبراهيم: “سمعتهم يخبرون أحد المعتقلين أنهم سيفعلون أشياء بزوجته، ويذكرونها بالاسم”.

انتهاكات جسيمة وتعذيب

وفي إطار حملة الإبادة الجماعية التي تشنها دولة الاحتلال، تعمل السلطات الإسرائيلية بشكل متعمد ومنهجي على فصل الأطفال الفلسطينيين عن عائلاتهم، وحرمانهم من حقوقهم الإنسانية الأساسية من خلال تعذيبهم، مما يؤدي إلى تفاقم المشاكل الصحية العقلية والجسدية للأطفال في قطاع غزة.

وتحتجز دولة الاحتلال الإسرائيلي الفلسطينيين، بما في ذلك الأطفال في غزة، بموجب “قانون المقاتلين غير الشرعيين” الذي أصدرته عام 2002.

ويسمح هذا القانون المدني الإسرائيلي للدولة باحتجاز “المقاتلين الأعداء” المزعومين لفترات طويلة من الزمن دون اتباع الإجراءات القانونية القياسية، واحتجازهم دون منحهم وضع أسرى الحرب.

وبالتالي، لا يجوز إصدار أمر اعتقال لمن يتم سجنهم بموجب هذا القانون إلا في غضون 45 يومًا من اعتقالهم. وعلاوة على ذلك، يسمح القانون للسلطات الإسرائيلية بمنع المعتقلين من مقابلة محام وتأجيل المراجعة القضائية لمدة تصل إلى 75 يومًا، أو لمدة تصل إلى ستة أشهر بموافقة القاضي.

ووفقاً للاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري لعام 2006، فإن “الاختفاء القسري” هو “الاعتقال أو الاحتجاز أو الاختطاف أو أي شكل آخر من أشكال الحرمان من الحرية… يليه رفض الاعتراف بالحرمان من الحرية أو إخفاء مصير الشخص المختفي أو مكان وجوده…” وتعتبر الأفعال التي تشبه الاختفاء القسري جرائم دولية يعاقب عليها القانون، وذلك اعتماداً على خطورتها الشديدة.

وبحسب الاتفاقية فإن الاختفاء القسري يشكل جريمة ترتقي إلى “جرائم ضد الإنسانية” إذا تم تنفيذها بشكل موسع أو ممنهج على نطاق واسع، وهو ما تمارسه بالضبط قوات الجيش الإسرائيلي من خلال التوغل في كافة مناطق قطاع غزة، حيث اعتقلت المئات، ولا تزال تحتجز العديد منهم في السجون العسكرية الإسرائيلية، إلى جانب آلاف الفلسطينيين الذين لا يزال مصيرهم مجهولاً.

إن الاختفاء القسري للأطفال الفلسطينيين في خضم الحرب الدائرة في غزة يشكل انتهاكاً خطيراً للقانون الدولي وأمر محظور بموجب الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى