معالجات اخبارية

قتل ممنهج للصحفيين وتضييق على الإعلام.. إسرائيل في ذروة إجرامها

ما بين قتل ممنهج للصحفيين في قطاع غزة وتعمد استهدافهم وتدمير مقرات عملهم وتضييق غير مسبوق على الإعلام، تعبر دولة الاحتلال الإسرائيلي عن ذروة إجرامها ووجها الأكبر قبحا أمام العالم ومن دون مواربة.

أحدث جرائم الاحتلال تمثل فجر الخميس بقتل خمسة صحفيين يعملون في قناة القدس اليوم الفضائية عبر قصف سيارة البث الخارجي التابعة للقناة واغتيال من فيها من صحفيين أثناء تأدية عملهم الصحفي في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة.

والصحفيين الشهداء هم: فيصل أبو القمصان والذي كان يعمل مراسلاً صحفياً في قناة القدس اليوم الفضائية، والصحفيين في القناة أيمن الجدي وإبراهيم الشيخ علي ومحمد اللدعة وفادي حسونة.

ورفع ذلك عدد الشهداء الصحفيين إلى (201 صحفياً وصحفيةً) منذ بدء حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة في السابع من تشرين أول/أكتوبر 2023.

وقد أدان المكتب الإعلامي الحكومي بأشد العبارات استهداف وقتل واغتيال الاحتلال للصحفيين الفلسطينيين، داعيا الاتحاد الدولي للصحفيين، واتحاد الصحفيين العرب، وكل الأجسام الصحفية في كل دول العالم إلى إدانة هذه الجرائم الممنهجة ضد الصحفيين.

وحمل المكتب الإعلامي الحكومي الاحتلال والإدارة الأمريكية والدول المشاركة في جريمة الإبادة الجماعية مثل المملكة المتحدة بريطانيا، وألمانيا، وفرنسا؛ المسؤولية الكاملة عن ارتكاب الجرائم النَّكراء الوحشية بحق الصحفيين.

من جهته أكد مركز حماية الصحفيين الفلسطينيين، أن استمرار الاستهداف الإسرائيلي للصحفيين يمثل “جريمة حرب” واضحة، ويعكس التعمد الإسرائيلي في إسكات صوت الحقيقة من خلال استهداف الصحفيين الفلسطينيين أثناء أداء واجبهم.

وأبرز المركز أن استهداف الصحفيين هو انتهاك صارخ لاتفاقيات جنيف الأربع وبروتوكولاتها الإضافية، التي تحمي المدنيين، بمن فيهم العاملون في المجال الإعلامي، خلال النزاعات المسلحة.

وجدد المركز دعوته للاتحاد الدولي للصحفيين واتحاد الصحفيين العرب والمنظمات الصحفية حول العالم لإدانة هذه الجريمة، وحث المجتمع الدولي على ملاحقة مرتكبيها. كما شدد على أن الصمت الدولي إزاء هذه الجرائم يشجع إسرائيل على مواصلة انتهاكاتها، ويضعف الثقة في النظام الدولي لحماية حقوق الإنسان.

التضييق الإسرائيلي على الاستقلالية الإعلامية

أبرزت منظمة مراسلون بلا حدود الدولية أن وزير الاتصالات الإسرائيلي المنتمي للتيار المحافظ المتشدد إحداث تغييرا دائم على المشهد الإعلامي في دولة الاحتلال.

فبين مشروع قانون يحظر نشاط وسائل الإعلام الأجنبية التي تُعتبر خطرة في نظر السلطات، وآخر يرمي إلى تمكين الحكومة من التحكم في ميزانية شركة البث العام الإسرائيلية وإضافة قناة خاصة موالية لنتنياهو إلى الشبكة الأرضية للمحطات التلفزيونية، وذلك في خطوة مجانية تماماً، يشجع شلومو كارهي على التعامل مع الحقل الإخباري من منطلق قومي.

وإذ أعربت مراسلون بلا حدود عن عميق قلقها إزاء هذه الهجمات غير المسبوقة على استقلالية التحريرية والتعددية الإعلامية، اللتين تُعدان من الركائز التي يقوم عليها أي نظام ديمقراطي، فإنها دعت الحكومة الإسرائيلية إلى إلغاء هذه التعديلات التشريعية.

ومنذ عدة أسابيع، يئن الحقل الإعلامي الإسرائيلي تحت وطأة وتيرة متسارعة للتعديلات التشريعية التي يطرحها وزير الاتصالات شلومو كارهي، في خضم الحرب المكثفة التي تشنها بلاده في كل من غزة ولبنان.

ففي مساء يوم الأربعاء 20 نوفمبر/تشرين الثاني، أصدر أعضاء الكنيست نسخة مُشدَّدة من قانون “الجزيرة”، كما تسميه وسائل الإعلام الإسرائيلية في إشارة إلى الإجراء الاستثنائي الذي اعتُمد في أبريل/نيسان 2024 لمدة أربعة أشهر، جُدِّدت في يوليو/تموز.

وينص التعديل على تمديد حيز تنفيذ الإجراء إلى 6 أشهر، مع تمديد مدة حظر البث في إسرائيل لأي وسيلة إعلام أجنبية تعتبر أجهزة الأمن أنها تشكل “تهديداً للأمن القومي” الإسرائيلي، وذلك من 45 إلى 60 يوماً.

وفي وقت سابق من هذا الشهر، وبالضبط في 3 نوفمبر/تشرين الثاني،  وافقت اللجنة التشريعية الوزارية المشتركة، المسؤولة عن المصادقة على المقترحات التشريعية المقدمة من أعضاء البرلمان الإسرائيلي – الكنيست – على مشروع قانون من شأنه أن يعزز سيطرة وزير الاتصالات على وسائل الإعلام، من خلال وضع ميزانية شركة البث العام الإسرائيلية تحت سيطرة إدارته.

وذلك خلافاً للنظام المعمول به في الوقت الحالي، حيث يتعين على السلطة التنفيذية المرور عبر ما ينص عليه القانون لتعديل ميزانية قنوات وإذاعات هذه الهيئة الممولة من مصادر مختلفة تمزج بين المال العام وعائدات الإعلانات.

وفي 28 أكتوبر/تشرين الأول، أعطت اللجنة نفسها الضوء الأخضر لتعديل نظام قياس الجمهور في قطاع التلفزيون، لتصبح وزارة الاتصالات هي الجهة التي تضطلع بهذه المهمة بدلاً عن الهيئة المستقلة المعتمدة في هذا المجال، على غرار شركة ميديامتري في فرنسا، أو نيلسن في الولايات المتحدة، أو GfK في ألمانيا.

وقد صرح آن بوكاندي مديرة التحرير بمنظمة مراسلون بلا حدود “تعمل حكومة بنيامين نتنياهو علناً على تقويض الاستقلالية التحريرية والتعددية الإعلامية في (إسرائيل)”.

وذكرت أن وزير الاتصالات شلومو كارهي، الذي يُجسد الجناح المتشدد لحزب الليكود، يستند إلى سياق الحرب المستعرة، إلى حد جعلها الأطول في تاريخ البلاد، لإسكات الأصوات الناقدة للتحالف اليميني المتطرف الحاكم.

إذ يُقدم نواب من الليكود على طرح هذه السلسلة من مشاريع القوانين التي تطال وسائل الإعلام، ثم تصادق عليها اللجنة التشريعية الوزارية المشتركة، التي يهيمن عليها الحزب السياسي نفسه، علماً أن هذا التقويض المستهدف، والذي يطال شركة البث العام الإسرائيلية، ستكون له تداعيات سلبية مستديمة على المشهد الإعلامي الإسرائيلي.

وفي هذا الصدد، دعت مراسلون بلا حدود الساسة الإسرائيليين، بدءاً من الوزير شلومو كارهي ووصولاً إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، إلى التحلي بالمسؤولية وإلغاء هذه التعديلات التشريعية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى