الإيكونوميست: مصر والأردن يكافحان لنيل رضا ترامب دون عوامل قوة

قالت مجلة الإيكونوميست الدولية إن مصر والأردن يكافحان لنيل رضا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لكن من دون عوامل قوة للبلدين في ظل الضعف العام الذي يخيم على مواقفهما.
وأبرزت المجلة أنه على مدى عقود، وصف المسؤولون الأمريكيون حكام مصر والأردن بأنهم ركائز للاستقرار الإقليمي، بعد أن وقعوا اتفاقيات تطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي (في 1979 و1994).
وبحسب المجلة فإن حكام الأردن ومصر “تجنبوا الحروب والانقلابات والثورات، وحافظوا على استقرار دولهم في حين غرقت جيرانهم في الفوضى. حتى أن ترامب نفسه كان معجبًا بهم في السابق، حيث وصف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في عام 2019 بأنه ديكتاتوري المفضل”.
لكن التحول المفاجئ في موقف ترامب يعود جزئيًا إلى طبيعته كرئيس يعتمد على الصفقات والضغط على الحلفاء.
وفي حين تستطيع كندا، على سبيل المثال، الرد على تهديدات ترامب بفرض رسوم جمركية عبر استخدام حوافز وتهديدات مضادة، فإن مصر والأردن تفتقران إلى هذا النفوذ.
إذ أن حجم تجارتهما الثنائية مع الولايات المتحدة لا يتجاوز 9 مليارات دولار لمصر و5 مليارات دولار للأردن. ليس لديهما ثروات ضخمة لاستغلالها، ولم يقدما سوى القليل خلال 16 شهرًا من الحرب الإقليمية سوى دعوات لوقفها.
رغم ذلك، لا تزال العلاقات بين الطرفين قائمة. تمنح مصر السفن الحربية الأمريكية معاملة تفضيلية لعبور قناة السويس، وانضمت الأردن إلى التحالف الذي قادته الولايات المتحدة لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية. لكن أهم ما تقدمه الدولتان هو التحذير من أن الأمور قد تسوء أكثر بدونهما.
في المقابل، المملكة العربية السعودية، التي تواجه أيضًا خلافات مع ترامب، وجدت طرقًا لتخفيف التوتر. رفضت الحديث عن “غزة الجديدة”، ولم تعد متحمسة علنا لتطبيع العلاقات مع “إسرائيل”، وهو ما قد يحرم ترامب من إنجاز دبلوماسي يسعى إليه وربما جائزة نوبل للسلام التي يطمح إليها.
ومع ذلك، عرض ولي العهد السعودي محمد بن سلمان على ترامب استثمارات بقيمة 600 مليار دولار على مدى أربع سنوات، وهو مبلغ ضخم يفوق ما استثمره الصندوق السيادي السعودي في الخارج، لكنه يؤكد النفوذ المالي الحقيقي للمملكة.
السعي لإثبات القيمة!
تسعى مصر والأردن جاهدتين لإثبات قيمتهما. تعملان مع دول الخليج الثرية على إعداد خطة لإعادة إعمار غزة وإدارتها بعد الحرب، والتي من المتوقع تقديمها في القمم العربية المقبلة في الرياض والقاهرة.
لكن وضع خطة شيء، وتنفيذها شيء آخر. فرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يواصل تأجيل المفاوضات مع حركة “حماس” بشأن المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار، والتي قد تنهي الحرب نهائيًا.
وفي 18 فبراير، قرر أن رئيسي جهاز الشاباك والموساد لن يشاركا في المحادثات المستقبلية، وهو ما اعتبره كثير من الإسرائيليين محاولة أخرى لإفشال المفاوضات. إذا استؤنفت الحرب، فلن تكون هناك حاجة لأي خطة لما بعد الحرب.
يُمثل ترامب قطيعة مع السياسات الأمريكية التقليدية، مما يجعل سياساته تبدو وكأنها استثناء. لكن من الجدير بالذكر أنه لم يكن أول مسؤول أمريكي يقترح تهجير الفلسطينيين إلى مصر.
فقد طرح وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن فكرة مماثلة في الأسابيع الأولى من حرب غزة، رغم تحذيرات بعض الدبلوماسيين من أن ذلك سيزعزع استقرار مصر.
وبعد الربيع العربي عام 2011، عندما أطاحت الثورات بخمسة أنظمة ديكتاتورية (بما في ذلك في مصر)، دار نقاش في واشنطن حول جدوى دعم الأنظمة الاستبدادية.
لكن هذا النقاش تلاشى مع تحول الثورات إلى حروب أهلية، وأصبح القادة العسكريون أكثر قبولًا. الآن، وبعد هجوم 7 أكتوبر، يبرز انتقاد جديد يرى أن تركيز أمريكا على الاستقرار سمح للمشاكل بالتفاقم.
لقد انهار الوضع القائم، ما يشير إلى تغيير أعمق في السياسة الأمريكية، قد يستمر بعد ترامب. على الدول العربية أن تتكيف مع واقع جديد، حيث لم يعد يُنظر إلى الجمود السياسي على أنه ميزة.