دبلوماسية أميركية: استقلت من منصبي رفضا لمذبحة “إسرائيل” في غزة
قالت دبلوماسية أميركية إنها استقالت من منصبها قبل عدة أشهر رفضا لمذبحة “إسرائيل” في غزة وحرب الإبادة الجماعية بحق المدنيين الفلسطينيين.
وكانت هالة رهاريت دبلوماسية أمريكية رفيعة ومتحدثة باسم وزارة الخارجية حتى استقالتها في نيسان/ أبريل 2024.
وكتبت رهاريت في مقال لها “عندما أصبحت دبلوماسياً أميركياً في عام 2006، أقسمت اليمين “بدعم دستور الولايات المتحدة والدفاع عنه”. وبروح وتنفيذ هذا القسم، قدمت استقالتي من وزارة الخارجية الأميركية في أبريل/نيسان”.
وقالت “كانت استقالتي بمثابة عمل احتجاجي على سياسة واشنطن غير القانونية واللاإنسانية والفاشلة تجاه غزة، والتي استمرت في زيادة المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل على الرغم من الأدلة الموثوقة على انتهاكات القانون الدولي والأميركي”.
وذكرت رهاريت أنها خلال مسيرتها الدبلوماسية التي استمرت 18 عامًا، خدمت في مختلف أنحاء الشرق الأوسط، وشغلت منصب رئيس الوحدة السياسية / الاقتصادية في القنصلية الأمريكية في ديربان بجنوب إفريقيا.
وأوضحت أنها عملت أيضًا في الكونجرس وفي مراكز الفكر في واشنطن قبل الانضمام إلى وزارة الخارجية. وبصفتها مستشارًا سياسيًا في الخدمة الخارجية الأمريكية، عملت على مجموعة من القضايا من حقوق الإنسان إلى مكافحة الإرهاب.
كما تعاونت مع الوكالات الأمريكية في تنفيذ قوانين مثل قانون ليهي، الذي يحظر على الحكومة الأمريكية تقديم المساعدة للوحدات العسكرية الأجنبية التي ترتكب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
بناء على هذه الخبرة المتراكمة، قالت رهاريت إنها لم يكن بوسعها بضمير مرتاح، تطبيق سياسة عسكرية كارثية مثل تلك التي شهدناها جميعاً في غزة ـ والآن في لبنان.
وقالت “إن هذه السياسة، التي تتسم بنقل الأسلحة المستمر إلى (إسرائيل) والحماية السياسية على المسرح العالمي، تمكن من اتخاذ إجراءات قررت محكمة العدل الدولية أنها قد تنتهك اتفاقية الإبادة الجماعية. وبصفتي دبلوماسياً أميركياً يهتم اهتماماً عميقاً بأهمية سيادة القانون وحقوق الإنسان، لم يكن بوسعي أن أتجاهل هذا”.
وأضافت “أن ما عاناه وتحمله الفلسطينيون الأبرياء على مدى العام الماضي أمر مروع ــ من النزوح المتواصل إلى القصف المستمر، إلى الحرمان من الغذاء والماء والدواء. وهذه كلها جرائم حرب محتملة”.
فضلاً عن ذلك فإن السياسة الأميركية التي تدعم ضمناً ارتكاب هذه الأعمال لا تجعل (إسرائيل) أكثر أمناً (بل إنها تفعل العكس تماماً). فعلى الرغم من هدفها المعلن، فشلت هذه السياسة في تأمين إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، كما أدت إلى زعزعة استقرار الشرق الأوسط إلى حد الحرب الشاملة.
كذلك دمرت مصداقية الولايات المتحدة في حين هددت الأمن القومي الأميركي. وأطلقت العنان لصدمة جيلية، وإذا تُرِكَت دون علاج فإنها ستضمن حلقة مفرغة لا نهاية لها من العنف.
انتهاك القانون الأمريكي
أكدت رهاريت أن السياسة الأميركية تجاه حرب الإبادة الإسرائيلية لا تدعم انتهاكات القانون الدولي فحسب، بل تنتهك القانون الأميركي أيضا.
وقالت إن الحكومة الأميركية لديها أنظمة قائمة لضمان عدم حدوث مثل هذه المواقف ــ وتحديدا، عدم استخدام صادرات الأسلحة الأميركية لارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. ويهدف هذا إلى المساعدة في منع التواطؤ الأميركي في جرائم الحرب أو الجرائم ضد الإنسانية.
وتشمل هذه الإجراءات عملية التحقق من هوية الأشخاص (وهي العملية التي تستخدمها وزارة الخارجية لضمان الالتزام بقانون ليهي)، وقانون مراقبة تصدير الأسلحة، وقانون المساعدات الخارجية. لكن إدارة الرئيس جو بايدن ونائبة الرئيس كامالا هاريس تتجاهل وتنتهك هذه الضمانات عمداً.
وهناك أدلة دامغة، بما في ذلك من داخل وزارة الخارجية، على أن الأسلحة الأميركية تُستخدم بطريقة تتعارض مع القوانين التي ذكرتها أعلاه.
وعلى الرغم من هذه الأدلة، استمرت المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل في الارتفاع ــ وبمستويات قياسية. وقد شجع هذا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وأدى إلى شعور بالإفلات من العقاب، وهو ما يضمن التصعيد المستمر في المنطقة، مما يهدد أمن الجميع.
وكشفت أنها في آخر منصب دبلوماسي لها، كمتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية في المركز الإعلامي الإقليمي في القنصلية الأميركية في دبي، كانت مكلفة بإبلاغ واشنطن بكيفية تغطية وسائل الإعلام التقليدية والاجتماعية في مختلف أنحاء العالم العربي لأزمة غزة وكيفية تلقي الرسائل الأميركية في مختلف أنحاء المنطقة.
توثيق يومي للمجازر
وقالت عن ذلك “في كل يوم، كنت أوثق لواشنطن المجازر التي ترتكبها القوات الإسرائيلية في غزة، وكثيراً ما كنت أشارك صوراً ومقاطع فيديو مروعة انتشرت على نطاق واسع في مختلف أنحاء العالم العربي لأطفال يتعرضون للقصف والتجويع”.
وتابعت “تضمنت هذه التقارير تحذيرات من تواطؤ الولايات المتحدة، مثل استخدام القنابل الأميركية الصنع ضد المدنيين والبنية التحتية المدنية ــ وهي جرائم حرب محتملة”.
وذكرت انه في أي موقف آخر، كانت هذه التقارير، إلى جانب العديد من التقارير الأخرى التي كانت تأتي مباشرة من المسؤولين الأميركيين وخبراء الموضوع، لتثير على أقل تقدير المخاوف ومراجعة المساعدات الأميركية في مجال الأسلحة. ولكن ما حدث كان العكس.
“فرغم أنني كنت على يقين طوال الصراع من أن تقاريري كانت تُقرأ على “أعلى المستويات” في وزارة الخارجية، وتمت مشاركتها عدة مرات مع مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض، فقد قيل لي في يناير/كانون الثاني إن اللقطات اليومية التي كنت أنتجها لم تعد ضرورية. وتعرضت لضغوط بدلاً من ذلك للخروج إلى وسائل الإعلام العربية للترويج لسياسة إدارة بايدن-هاريس تجاه غزة. لكنني رفضت”.
وتابعت “لقد رفضت نشر الأكاذيب وأن أكون واجهة لسياسة كانت تؤدي إلى عمليات قتل جماعي وتجويع المدنيين الأبرياء. واعترضت على أن هذا ليس فقط غير إنساني وغير أخلاقي، بل إنه أيضاً غير قانوني ويتعارض مع مصالح أميركا”.
وحذرت رهاريت من أن المعايير المزدوجة الصارخة التي تنتهجها واشنطن وتجاهلها للفلسطينيين من شأنه أن يدمر مصداقية أميركا في مختلف أنحاء العالم العربي، وأن يؤدي إلى نمو زلزالي للمشاعر المناهضة لأميركا في مختلف أنحاء المنطقة، وأن يهدد في نهاية المطاف الأمن القومي الأميركي، وأن التأثير سوف يستمر لأجيال.
وقالت “لكن اتضح لي أنه مهما فعلت أنا أو غيري من الدبلوماسيين الأميركيين، أو أبلغنا عن ذلك أو وثقناه أو حذرنا منه، فإن السياسة لن تتغير”.
وأضافت “كان من المحزن أن أشاهد بلدي ترفض استخدام نفوذها الدبلوماسي القوي على (إسرائيل) لتحقيق وقف إطلاق النار وضمان حل مستدام وعادل لهذا الصراع التاريخي.
وشددت رهاريت على أن سياسة بايدن-هاريس الفاشلة والمتصلبة لم تحقق أيًا من أهدافها المعلنة، وأبرزها إطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين أو تدمير حماس. إنها تضمن فقط حلقة لا نهاية لها من العنف والانتقام والتطرف والكراهية.
وشددت على أنه يتعين على الولايات المتحدة أن تنفذ قوانينها الخاصة التي تقتضي مراجعة وتعليق المساعدات العسكرية الفتاكة المقدمة إلى دولة الاحتلال وإنهاء تواطؤها وأن تصر على تحقيق سلام عادل ومستدام.
وختمت قائلة “من الممكن التوصل إلى وقف لإطلاق النار إذا استخدمت واشنطن نفوذها لدى (إسرائيل) لحمل الحكومة الإسرائيلية على قبوله. فلا مزيد من القنابل، ولا مزيد من التصعيد الخطير والكارثي. والدبلوماسية والاعتراف بإنسانيتنا المشتركة هما الحل الوحيد لإنهاء المذبحة وإنقاذ المنطقة من حرب شاملة”.