ضغوط خارجية دفعت عباس لتحديد مسار انتقالي لخلافته
كشفت وسائل إعلام إسرائيلية ودولية عن ضغوط خارجية شديدة دفعت رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس عباس لتحديد مسار انتقالي لخلافته في وقت يتزايد تهميش دوره سياسيا.
وفي تطور لافت، أصدر عباس إعلانًا دستوريًا يحدد آلية إدارة السلطة حال شغور منصب الرئيس يتضمن تولي رئيس المجلس الوطني الفلسطيني مهام الرئاسة مؤقتًا، لحين إجراء انتخابات رئاسية خلال مدة لا تزيد عن 90 يومًا، مع إمكانية التمديد مرة واحدة بقرار من المجلس المركزي.
ونقلت القناة 12 العبرية عن مصدر فلسطيني لم تسمه أن إحدى الدول الخليجية دون أن يحددها، مارست ضغوطًا على عباس لتعيين نائبا له، لكنه فضّل فكرة الإعلان الدستوري، لأن منصب نائب الرئيس ليس قائمًا في القانون الفلسطيني.
فيما قالت مصادر فلسطينية رفيعة لصحيفة “هآرتس” العبرية، إن عباس تعرض لضغوط لإعلان اعتزاله أو اختيار بديل له إذا لم يعد قادرا على أداء مهامه.
من جهته نقل موقع Middle East Eye البريطاني، عن مصدر كبير في حركة فتح، طلب عدم ذكر اسمه بسبب حساسية القضية، إن خطوة عباس جاءت بعد “ضغوط أميركية هائلة”.
وبحسب المصدر فإن هناك خطة لتشكيل لجنة لإدارة الشؤون المدنية في غزة بعد الحرب، وسيتم الإعلان عن هذه اللجنة من قبل عباس، ولكن لن يكون للسلطة الفلسطينية أي سلطة داخلها.
وبالإضافة إلى ذلك، ستعمل إدارة ترامب القادمة على ضم الضفة الغربية المحتلة أو أجزاء منها. ومع أخذ هذين العاملين في الاعتبار، قال المصدر إن دور عباس – وبالتالي دور السلطة الفلسطينية – سوف يتم تهميشه.
وأضاف المصدر أن “الإدارة الأميركية المقبلة مهتمة بالفعل بالضم، وبالتالي لا أعتقد أن بقاء السلطة الفلسطينية يخدم مصالحها”.
غياب اعتبارات المصلحة الوطنية
يبرز المراقبون أن عباس دأب على اتخاذ أو تعطيل أي خطوات داخلية لا سيما ما يتعلق بضرورة إنهاء الانقسام بناء على الضغط الخارجي وليس لاعتبارات تتعلق بالمصلحة الوطنية.
ويحل المرسوم الجديد الصادر من عباس محل القانون الحالي، الذي ينص على أن رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني يصبح رئيساً في حالة حدوث فراغ في السلطة.
لكن المجلس التشريعي الفلسطيني تم حله منذ سنوات بقرار من عباس، وكان آخر رئيس منتخب له هو القيادي في حركة حماس عزيز دويك.
سمعة ملوثة
لم يكن اختيار عباس رئيس المجلس الوطني الفلسطيني الحالي روحي فتوح لتولي المرحلة الانتقالية باعتبار من أشد المقربين من رئيس السلطة وذلك على الرغم من سمعته الملوثة.
وقد شغل فتوح منصب الرئيس الفلسطيني المؤقت في عام 2004 بعد وفاة ياسر عرفات حتى انتخاب عباس في يناير/كانون الثاني 2005.
وتورط فتوح في سلسلة فضائح فساد أبرزها في العام 2008 عندما تم القبض عليه عند معبر الكرامة على الحدود مع الأردن وبحوزته 3000 هاتف محمول مهرب في سيارته الشخصية.
وفي حينه حاول فتوح تهريب الهواتف، التي تبلغ قيمتها مئات الآلاف من الدولارات، واستخدم بطاقة VIP التي أصدرتها له السلطات الإسرائيلية لتسهيل مروره عبر المعبر مع الهواتف.
استمرار تعطيل الانتخابات
ظل عباس البالغ من العمر 89 عامًا رئيسًا للسلطة الفلسطينية لمدة عقدين من الزمن. وفي عام 2021، ألغى بقرار منفرد في المراحل الأخيرة إجراء أول انتخابات فلسطينية عامة منذ 15 عامًا.
وقل موقع Middle East Eye البريطاني إن عباس يُنظَر إليه باعتباره شخصية غير محبوبة على نطاق واسع بين الفلسطينيين. كما تزامن صعوده إلى السلطة كرئيس مع زيادة قمع الحريات الفردية في الضفة الغربية.
وشهد عهد عباس حدوث الانقسام الداخلي بين الضفة الغربية وغزة في عام 2007 بعد أن عرقل بصورة ممنهجة تمكين حركة حماس من الحكم عقب فوزها في الانتخابات البرلمانية قبل ذلك بعام.
على مر السنين، اعتقلت قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية مئات المعارضين، بما في ذلك الطلاب. وكان أحد المصادر الرئيسية للتدقيق في عباس هو موضوع التنسيق الأمني للسلطة مع دولة الاحتلال الإسرائيلي واعتباره علنا أمرا مقدسا.
إذ حول عباس السلطة الفلسطينية إلى وكيل أمني للتنسيق وتبادل المعلومات الاستخباراتية مع دولة الاحتلال ضد الفلسطينيين المشتبه في تخطيطهم لعمليات مقاومة.
كما تعرض عباس والسلطة الفلسطينية لانتقادات بسبب الفساد المستشري وعدم قدرتهم على الحد من تعديات المستوطنين الإسرائيليين المتزايدة على الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة.
يضاف إلى ذلك الفشل الذريع الذي منى فيه رهان عباس على تسوية سلمية مع دولة الاحتلال بوساطة أمريكية ولم يحقق أي نتائج تذكر للشعب الفلسطيني.