
تتجه السلطة الفلسطينية نحو فرض التقاعد الإجباري كإجراء لخفض فاتورة الرواتب، حيث كشف المختص في الشأن الاقتصادي أيهم أبو غوش عن نية السلطة إحالة نحو ألف عميد وما يقارب أربعة آلاف عقيد إلى التقاعد الإجباري.
وأوضح أن استمرار الأزمة المالية يجعل السلطة في موقف حرج، خاصة إذا لم يقر الاتحاد الأوروبي دعمه المالي لها.
أزمة الرواتب واستمرار التعيينات العشوائية
منذ نوفمبر 2021، تواصل السلطة دفع رواتب موظفيها بشكل منقوص بحجة الأزمة المالية، في الوقت الذي تستمر فيه التعيينات في المناصب العليا، ما يزيد من الأعباء المالية.
ورغم العجز في سداد الرواتب، تواصل الحكومة إنكار الحاجة إلى إصلاحات إدارية ومالية حقيقية، لا سيما فيما يتعلق بالتوظيف وإدارة شؤون الموظفين.
الفساد والمحسوبيات في التعيينات
واتبعت حكومة محمد مصطفى نهج التوظيف القائم على المحسوبيات والنفوذ، متجاهلة معايير الشفافية والكفاءة، وهو ما زاد من حالة السخط الشعبي.
ويرى الخبير الاقتصادي نصر عبد الكريم أن الأزمة الراهنة تتجاوز مجرد تأخر دفع الرواتب، معتبرًا أن المشكلة أعمق وترتبط بطبيعة الحكم والإدارة وعلاقة السلطة بالاحتلال الإسرائيلي.
إسرائيل تتحكم في أموال السلطة
وأشار عبد الكريم إلى أن القرار النهائي بشأن صرف الرواتب وتحديد قيمتها وموعدها بات عمليًا في يد إسرائيل وليس السلطة الفلسطينية، ما يعكس فقدان السيطرة على الموارد المالية.
وتعتمد السلطة على أموال المقاصة التي تجبيها إسرائيل عن البضائع الواردة إلى السوق الفلسطينية، لكن الأخيرة تقتطع منها مبالغ ضخمة مقابل عمولات إدارية وسياسات عقابية، مما يفاقم الأزمة المالية.
موازنة 2025 وعجز مالي متزايد
وصادق رئيس السلطة محمود عباس على الموازنة العامة لعام 2025، والتي تسجل عجزًا ماليًا يقارب 7 مليارات شيكل (1.9 مليار دولار).
ووفق بيان الحكومة، فإن إجمالي الإيرادات المتوقعة لعام 2025 يصل إلى 16.041 مليار شيكل، تشمل 5.807 مليارات شيكل من الإيرادات المحلية، و10.234 مليارات شيكل من أموال المقاصة.
وفي المقابل، من المتوقع أن تبلغ النفقات العامة 20.645 مليار شيكل، ما يترك فجوة تمويلية ضخمة تتفاقم مع استمرار الاقتطاعات الإسرائيلية غير القانونية من أموال الضرائب الفلسطينية.
السلطة عاجزة عن الوفاء بالتزاماتها المالية
ومع استمرار الاقتطاعات، تواجه السلطة تحديًا متزايدًا في الوفاء بالتزاماتها تجاه موظفيها والقطاع الخاص، لا سيما في مجالات الصحة والبنية التحتية والقروض.
ورغم الأزمة الخانقة، لم يتلقَّ موظفو القطاع العام أي نسبة من رواتبهم عن شهر فبراير حتى الآن، ما يزيد من حالة الغضب والاستياء في الشارع الفلسطيني.
وفي محاولة للحد من الأزمة، أعلنت الحكومة عن حزمة تدابير تقشفية تشمل مراجعة الهياكل التنظيمية، دمج وإلغاء المؤسسات غير الضرورية، وقف شراء المباني الحكومية، الحد من استئجارها، تعليق شراء السيارات الحكومية، وتقليص مهمات السفر غير الضرورية.
ولكن هذه الإجراءات تبقى غير كافية لحل جذور الأزمة، في ظل استمرار الفساد الإداري وسوء توزيع الموارد، ما يضع السلطة الفلسطينية أمام تحدٍ حقيقي يهدد استقرارها المالي والسياسي.