تحليلات واراء

متى يتحدث عباس إلى شعبه وهل يعنيه فعلا خطر الإبادة والتهجير؟

في مواجهة مخاطر الإبادة والتهجير التي لم تحدث بهذا المستوى من الخطورة منذ عقود طويلة، لا يظهر رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أي اهتمام بشعبه ومصيره حتى أنه لم يفكر للخروج بخطاب علني واحد.

منذ السابع من تشرين أول/أكتوبر 2023 وبدء حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية على قطاع غزة والتصعيد الشامل في الضفة الغربية المحتلة وعباس يبدو في عالم منفصل.

خلفت حرب الإبادة أكثر من 60 ألف شهيد فلسطيني ودمرت غالبية قطاع غزة وتزايدت وتيرة العدوان بشكل غير مسبوق في الضفة الغربية فيما عباس يهتم فقط بموقعه داخل المقاطعة في رام الله.

وعلى مدار كل هذه الأشهر العاصفة لم يبادر عباس الذي اقترب من التسعينيات من عمره، ولو مرة لتوجيه خطاب خاص إلى الشعب الفلسطيني يحثه ولو حتى على الصبر أو الصمود أو يقدم التعزية بشهدائه ويواسى الثكلى والجرحى ويتضامن مع المشردين والمكلومين.

وباستثناء البيانات المكررة والفارغة من أي مضمون جدي أو فعلي، ظل أداء عباس وفريقه الحاكم في المقاطعة يخيم عليه الشلل ويختار سياسة الانتظار ما محاولة الحفاظ على أوراق الاعتماد لدى الاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة الأمريكية.

وقد يسخر البعض من أن عباس كل ما يعنيه الحفاظ على كرسيه طالما هو على قيد الحياة وأخر اهتماماته مصير شعبه الذي يحكمه بالبطش والقمع وبالتنسيق مع الاحتلال الإسرائيلي.

لكن هؤلاء يتجاهلون حقيقة أن الرجل الذي يسيطر على كل المناصب العليا في الحالة الفلسطينية على مدار عقدين هو نفسه الذي يعتبر التنسيق الأمني مقدسا ومقاومة الاحتلال أمر عبثيا بل ويسخر ما يمتلكه من سلاح لمعاونة الاحتلال ضد شعبه.

عباس وخطير التهجير

في مواجهة مخاطر التهجير الذي يلوح به دونالد ترامب والاحتلال في غزة، اكتفى عباس كعادته ببيان شديد اللجنة يرفض ويستنكر فيه ويطالب المجتمع الدولي بالتدخل على غرار نهجه المعروف “أحمونا يا عالم”.

وكعادته كذلك فضل عباس التوجه سريعا إلى العاصمة الأردنية عمان للتنسيق مع المسئولين هناك وربما يطلب اجتماعات عربية ودولية طارئة يكرر فيه خطاباته، للتغطية على تجاهله الأولويات المطلوبة منه في هذه المرحلة.

فقد أثبت الطابع الدعائي الذي اكتفى به عباس حقيقة موقفه في ظل عزلته التامة عن أي تأثير حقيقي على المشهد السياسي والميداني الفلسطيني لا سيما ما يتعلق بحرب الإبادة وما يجرى في قطاع غزة.

كما أثبتت الأحداث وليس اللغة الخطابية، أن كل ما فعله عباس هو استمرار التخلي الكامل عن أهل غزة رغم كل ما يعانوه من أهوال ومأساة نتيجة حرب الإبادة عبر قطع كل محاولات التوافق الداخلي على ترتيبات اليوم التالي للحرب.

وبحسب مدير مركز مسارات للأبحاث والدراسات في مدينة رام الله هاني المصري، فإن إحباط مخططات ترامب والاحتلال بتهجير سكان قطاع غزة ممكنة، وممكنة جدا، لكن لمن يريد فعل ذلك حقا.

ويقول المصري إنه سواء ما كرر طرحه ترامب بخصوص التطهير العرقي لشعبنا في قطاع غزة مناورة للحصول على تنازلات من العرب مقابل سحبها، أو إذا كانت مواقف جدية، وكلا الأمرين ممكن وجد خطير.

ويوضح أنه إذا كان مخطط التهجير مناورة سيطالب ترامب مقابل التراجع عنها حصول التطبيع، والتخلي عن المطالبة بالدولة الفلسطينية ونزع سلاح المقاومة في القطاع وتدمير القدرات التسليحية للمقاومة و”الاكتفاء” بضم جزء من الضفة الغربية وليس كلها، ويستدعي كلا الأمرين ردا فلسطينيا وعربيا واسلاميا ودوليا في مستوى الخطر.

وبحسب المصري فإنه فلا يكفي إصدار البيانات والمناشدات والإدانات اللفظية، بل لا بد من:وحدة وطنية فلسطينية عاجلة لمؤسسات السلطة وإعادة بناء مؤسسات المنظمة لتضم الجميع على أساس برنامج وطني ديمقراطي كفاحي، أو في الحد الادنى الإتفاق على خطة عمل لإسقاط مخطط تصفية القضية الفلسطينية من خلال التهجير والضم ومنع قيام دولة فلسطينية.

الدعوة إلى قمة عربية اسلامية عاجلة تقرر اتخاذ قرارات قابلة للتنفيذ حول قطع العلاقات العربية والاسلامية مع إسرائيل إذا قامت بالضم والتهجير، وإغلاق القواعد العسكرية الأمريكية في المنطقة، واستخدام الأوراق الاقتصادية وخصوصا النفط والأسواق والاستثمار في السوق الامريكية للضغط على إدارة ترامب.

تشكيل صندوق عالمي لإعمار قطاع غزة فورا وتمويله بالاموال اللازمة والشروع في عملية الإعمار لأن التلكؤ سيؤدي إلى التهجير التدريجي “الطوعي” والقسري فقطاع غزة منطقة غير صالحة للحياة.

توفير مقومات بقاء القضية الفلسطينية حية من خلال تعزيز الصمود والبقاء للشعب الفلسطيني سياسيا واقتصاديا وعلى كل المستويات والأصعدة على ارض وطنه في الضفة والقطاع والداخل الفلسطيني فخطر التهجير يطال الجميع.

دعوة مجلس الأمن الدولي للانعقاد واصدار قرار يحذر من الضم والتهجير باعتبارهما جرائم حرب.

وإذا استخدمت واشنطن الفيتو يتم دعوة الجمعية العامة للأمم المتحدة لإصدار هذا القرار.

تفعيل وتوسيع التحالف العالمي من أجل اقامة الدولة الفلسطينية الذي تقوده السعودية واوروبا والذي يضم ١٠٠ دولة من خلال بلورة مبادرة تدعو لعملية سياسية تبدأ بإنهاء الاحتلال وتجسيد حق تقرير المصير الذي يشمل الاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس المحتلة، وعلى أساس ان القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة هي المرجعية والتفاوض لتطبيقها وليس حولها.

التمسك بالحقوق التاريخية الفلسطينية ووحدة القضية والأرض والحقوق والشعب والرواية التاريخية وتبني خطاب الحقوق هام جدا وضروري لكي تستند الوحدة الوطنية على أساس قوي وراسخ وقادر على جذب مختلف الفلسطينيين وانصارهم اينما كانوا.

الرد الجماعي الفلسطيني العربي الاقليمي الاسلامي الدولي الذي يضم كل المتضررين من سياسة الهيمنة والغطرسة على مخططات الاستعمار الامريكي الإسرائيلي ضروري وهو الرد الكفيل بإحباطها، فترامب رجل صفقات وإذا وجد أن صفقته خاسرة يتخلى عنها، وإذا وجد انها ستمضي رغم بيانات الشجب والاستنكار سيمضي بها وستفتح شهيته للمزيد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى