تحليلات واراء

Middle East Eye: عبودية الأردن ومصر لواشنطن لن تحميهما من الخطط الإسرائيلية

قال موقع Middle East Eye البريطاني إن عبودية الأردن ومصر للولايات المتحدة الأمريكية لن تحميهما من الخطط التوسعية الإسرائيلية في المنطقة.

وأبرز الموقع أنه بعد 24 ساعة من لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، أصدر البيت الأبيض مقطع فيديو مسجلاً يظهر ترامب وهو يشيد بالعاهل الأردني بعد تبادل مهين أمام وسائل الإعلام.

وخلال لقائهما، دفع ترامب العاهل الأردني إلى قبول خطته لتهجير الفلسطينيين من غزة إلى الأردن، تاركا الملك عبد الله يكافح من أجل العثور على استجابة مناسبة.

وفي الفترة التي سبقت الاجتماع، هدد ترامب بقطع المساعدات عن الأردن ومصر إذا رفضتا خطته.

ومنذ ذلك الحين، كررت مصر رفضها وأكدت على أهمية إنهاء الحرب وإعادة بناء غزة دون نزوح، في حين أرجأ الرئيس عبد الفتاح السيسي زيارة إلى البيت الأبيض لتجنب مناقشة اقتراح ترامب.

ومن ناحية أخرى، بدا أن الملك عبد الله يشير إلى انفتاحه على الفكرة من خلال التأكيد على أنه سيفعل ما هو أفضل لبلاده ــ وهو انحراف واضح عن الموقف الأردني الرسمي الرافض لتهجير الفلسطينيين من وطنهم.

وفي وقت لاحق، أكد الملك نفسه، إلى جانب وزير خارجيته والمتحدث باسم البيت الأبيض ، الموقف الرسمي الأردني الرافض لأي خطط للتهجير.

وتسلط هذه المحاولات اليائسة لتوضيح موقف الأردن، على الرغم من خطاب ترامب المتنمر، الضوء على أهمية الأردن بالنسبة لقوة الولايات المتحدة ونفوذها في المنطقة.

ورغم أن ترامب تراجع بالفعل عن إنذاراته النهائية ضد الأردن ومصر، فإن مقطع الفيديو الذي نشره يمتدح الملك ينبغي النظر إليه باعتباره تدخلا من جانب البيروقراطية الأميركية، إذ أصبحت كلمات ترامب بوضوح عبئا على الإمبراطورية الأميركية.

رد فعل عنيف

رغم أن الولايات المتحدة قد تحاول من جانب واحد إجبار الأردن ومصر على قبول خطة تهجير غزة، فإن رد الفعل العنيف ضد المصالح الأميركية في المنطقة سيكون شديدا.

إن كلا النظامين يشكلان أهمية حيوية للهيمنة الأميركية في المنطقة، وخاصة في ما يتصل بإسرائيل . والموافقة على تهجير الفلسطينيين على نطاق واسع من شأنه أن يقوض النظامين المصري والأردني، أخلاقياً وسياسياً.

إذ أن الأردن ومصر مسؤولتان عن حماية حدود (إسرائيل) من الهجمات وتهريب الأسلحة إلى مجموعات المقاومة الفلسطينية، كما تعملان على احتواء القوى السياسية المحلية المعارضة للهيمنة الأميركية والاحتلال الإسرائيلي.

منذ النكبة عام 1948، ناضل الأردن للتعامل مع وجود اللاجئين الفلسطينيين داخل حدوده. وقد أدى تشكيل منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964، والوجود القوي للمقاومة الفلسطينية في الأردن، إلى تعقيد الأمور أكثر.

وبعد طرد القوات الثورية الفلسطينية إلى لبنان في عام 1971 ، بدأت الأردن عملية “الأردنة”، بهدف خلق هوية وطنية واحدة تطغى على الوجود الفلسطيني.

وقد ترك هذا اللاجئين الفلسطينيين في البلاد في وضع ضعيف، على غرار المهاجرين الآخرين الذين دفعوا إلى الاندماج في “بوتقة الانصهار” الأمريكية.

وأصبحت القضية الفلسطينية قضية ثانوية، حيث تم تأمين حدود الأردن مع إسرائيل ضد الهجمات بحجة الحفاظ على الأمن الوطني الأردني. وعزز الأردن التزامه بحماية حدود إسرائيل بتوقيع معاهدة السلام بينهما عام 1994 .

إن قبول النازحين الفلسطينيين من غزة في الأردن لن يكون مجرد كابوس للعلاقات العامة بالنسبة للنظام فحسب؛ بل من شأنه أيضاً أن يقوض كل جانب من جوانب مشروع الأردنة الذي لعب دوراً محورياً في تبسيط الخطاب السياسي في البلاد، مما أفاد الولايات المتحدة و(إسرائيل).

وإلى جانب التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية المترتبة على استقبال مئات الآلاف من الفلسطينيين، فإن الأردن سوف يكافح من أجل استيعاب السكان النازحين حديثاً، وهو ما قد يعرضه لخطر زعزعة الاستقرار السياسي. والواقع أن آخر ما يحتاج إليه النظام الأردني هو تكرار أحداث الستينيات.

التهديد الوجودي

لعبت مصر دوراً حاسماً في السنوات الأخيرة في خنق غزة من خلال تدمير أكثر من 2000 نفق وهدم معبر رفح لإنشاء منطقة عازلة بطول خمسة كيلومترات، بهدف وقف تهريب الأسلحة. وقد ساعد هذا (إسرائيل) على تشديد حصارها لغزة.

لكن بعد فشلها في القضاء على المقاومة الفلسطينية في غزة عبر 17 عاما من الحصار، وعدة حروب كبرى، وإبادة جماعية استمرت 15 شهرا، يبدو أن الملاذ الأخير لإسرائيل هو تكرار التطهير العرقي الذي حدث في عام 1948.

ورغم اعتماد الأردن ومصر بشكل كبير على الدعم الأميركي، فإنهما لا تستطيعان قبول خطة ترامب لتهجير غزة لأنها تشكل تهديدا وجوديا لأنظمتهما.

وحتى الآن، كان اعتمادهما على (إسرائيل) يمثل وضعاً مربحاً للجانبين، حيث كان بوسع الدولتين أن تتماشى مع المصالح الأميركية في حين تدفعان علناً نحو حل “عادل” للقضية الفلسطينية.

لكن مع الدفعة الأميركية الإسرائيلية الجديدة نحو تطهير غزة عرقيا، يتعين على الأردن ومصر أن تدركا أن عبوديتهما المستمرة منذ عقود للمصالح الأميركية، والتي كانت متخفية تحت ستار البراجماتية من أجل البقاء، لن تحميهما من المشروع الاستيطاني الاستعماري الصهيوني التوسعي.

وبما أن الفلسطينيين في غزة يرفضون الطرد، فمن مصلحة الأردن ومصر أن تقدم لهم الدعم اللوجستي والسياسي. وفي حين كان التطبيع مع (إسرائيل) وحماية حدودها من بين تكاليف البقاء في السلطة، فإن إحباط خطة ترامب لتهجير الفلسطينيين ربما يكون اليوم الاستراتيجية الوحيدة المتبقية لهذه الأنظمة لتفادي زوالها السياسي.

إذا عملت الأردن ومصر بشكل استباقي ضد تهجير الفلسطينيين، حتى لو كانت هذه الاستراتيجية أنانية، فسوف تضطر الولايات المتحدة إلى اتخاذ خيارات صعبة حول ما إذا كانت عواقب تقويض أكبر حلفائها في المنطقة لتحقيق أوهام ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تستحق العناء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى