ضربات متتالية لمكانة “إسرائيل” الدولية على خلفية جرائهما في غزة
تتوالى الضربات الموجهة إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي ومكانتها الدولية على خلفية ما ترتكبه من جرائم حرب مروعة بحق المدنيين الفلسطينيين في إطار حرب الإبادة الجماعية المستمرة على قطاع غزة للعام الثاني.
وتحدثت وسائل إعلام عبرية عن أن دولة الاحتلال تواجه حالة غير مسبوقة ومتزايدة من العزلة الدولية في ظل ضربات تتلقاها حتى في الدول الغربية الحليفة لها تاريخيا.
يشمل ذلك اختفاء شركات الطيران الأجنبية في مطار (بن غوريون) الرئيسي في دولة الاحتلال، وتعليق مبيعات الأسلحة للحكومة الإسرائيلية، وإلغاء المعارض الفنية للفنانين، ووقف التعاون الأكاديمي مع الجامعات في جميع أنحاء العالم، إلى جانب انسحاب شركات البنية التحتية الدولية من المشاريع الإسرائيلية.
بموازاة ذلك فإن التداعيات مستمرة لإصدار المحكمة الجنائية الدولية مؤخرا مذكرات قبض بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الجيش السابق يوآف غالانت، لا سيما ما يتعلق بتدفق الاستثمارات الأجنبية في دولة الاحتلال.
وتطال تأثيرات حرب الإبادة على غزة قطاع السياحة الإسرائيلي بشدة، بحيث اضطر 90 فندقاً إلى الإغلاق التام وهو ما يمثل 20% من قطاع الفنادق في دولة الاحتلال.
فيما كشفت مجلة “كالكاليست” العبرية أن أكثر من 300 باحث إسرائيلي تعرضوا لمقاطعة أكاديمية بما يشمل حظر نشر الأبحاث وإلغاء المحاضرات والمشاركة في المؤتمرات وسحب المنح البحثية للأكاديميين الإسرائيليين.
وفي قطاع الخطوط الجوية، ذكرت المجلة أنه من أصل 66 شركة طيران أجنبية كانت تعمل في المطارات الإسرائيلية قبل حرب الإبادة على غزة، لم يتبق منها سوى 14 شركة، بالإضافة إلى الخطوط الجوية الإسرائيلية.
وحتى في مجال الرياضة، فإن الأندية الرياضية الإسرائيلية تواجه صعوبات في تأمين العقود مع الرياضيين والمدربين الأجانب، فضلا عن معاناتها من بيئات معادية في حال السفر إلى الخارج لخوض منافسات رياضية.
وصمة الإبادة الجماعية
صوت اتحاد أكسفورد المرموق بأغلبية ساحقة على أن دولة الاحتلال هي “دولة فصل عنصري مسؤولة عن الإبادة الجماعية”، وذلك خلال فعالية شهدت طرد متحدث مؤيد لإسرائيل من قاعة المناقشة.
وعقدت جمعية المناظرات الحصرية، التي تأسست في عام 1823، مناقشة غير مسبوقة مساء الخميس الماضي حول الاقتراح الذي تم إقراره بالنهائية بأغلبية ساحقة بلغت 278 صوتًا مقابل 59 صوتا معارضا.
وخلال الفعالية، وصف الناشط والمؤلف الإسرائيلي الأمريكي ميكو بيليد، هجوم طوفان الأقصى الذي نفذته المقاومة الفلسطينية في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 بأنه “بطولي”، مؤكدا على ضرورة تحويل دولة الاحتلال إلى دولة منبوذة.
وفي سياق قريب تمت إحالة كلية في جامعة أكسفورد البريطانية إلى هيئة تنظيم الأعمال الخيرية في بريطانيا بعد أن ظهر أنها تمتلك استثمارات تزيد قيمتها عن مليون جنيه إسترليني (1.26 مليون دولار) في المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية.
وجاء ذلك بعد أن أطلق المركز الدولي للعدالة للفلسطينيين، وهو منظمة أهلية مقرها المملكة المتحدة، شكوى رسمية لدى لجنة الأعمال الخيرية ضد كلية أول سولز في أكسفورد، بسبب استثمارها في أربع شركات مدرجة في قائمة الأمم المتحدة على أنها متورطة في المستوطنات الإسرائيلية.
تضييق مستمر على الصادرات العسكرية
في أحدث إجراء للتضييق على الصادرات العسكرية لدولة الاحتلال، أصدرت المحكمة العليا الهولندية توجيها بتأييد حظر دام ثمانية أشهر على تصدير مكونات طائرات إف-35 المقاتلة إلى “إسرائيل” من مستودع إقليمي مهم في هولندا.
وفي فبراير/شباط، أمرت محكمة الاستئناف في لاهاي الحكومة بمنع الصادرات بسبب مخاوف من أن دولة الاحتلال تستخدمها لانتهاك القانون الدولي في حربها على غزة، وهو القرار الذي استأنفته الحكومة.
وكانت قاعدة Woensdrecth الجوية بمثابة أحد مراكز توزيع طائرات F-35 الثلاثة في جميع أنحاء العالم، حيث يتم توزيع مكونات الطائرة المقاتلة على البلدان في الكونسورتيوم العالمي.
وأعلن مستشار المحكمة العليا الهولندية أن محكمة الاستئناف “كانت محقة في التوصل إلى وجود خطر واضح في استخدام طائرات إف-35 المقاتلة الإسرائيلية في ارتكاب انتهاكات خطيرة للقانون الإنساني الدولي في قطاع غزة”.
وقال مستشار المحكمة “بموجب مختلف القواعد الدولية التي تكون هولندا طرفا فيها، فإنه يتعين حظر تصدير السلع العسكرية إذا كان هناك مثل هذا الخطر الواضح”.
وفي حين توقف تصدير مكونات طائرة إف-35 مباشرة إلى دولة الاحتلال من هولندا منذ حكم محكمة الاستئناف في فبراير/شباط، فإنه لا يزال قانونيا بالنسبة للمكونات المخصصة لإسرائيل أن يتم تصديرها إلى دول ثالثة، مثل الولايات المتحدة.
وفي يوليو/تموز، رفضت محكمة منطقة لاهاي طلبا من منظمات حقوقية بتغريم حكومة هولندا بسبب استمرارها في تصدير المكونات العسكرية إلى “إسرائيل” عبر دول ثالثة، وهو القرار الذي استأنفته المنظمات ومن المتوقع أن يكتسب زخما بعد توجيه المحكمة العليا.
وتعد القضايا في هولندا من بين التحديات القانونية المستمرة التي رفعتها منظمات المجتمع المدني بشأن صادرات الأسلحة إلى “إسرائيل” في العديد من البلدان، بما في ذلك المملكة المتحدة وكندا والدنمارك.
في هذه الأثناء طالب أكثر من 60 نائبا في البرلمان البريطاني من سبعة أحزاب في رسالة إلى وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي، بفرض عقوبات على دولة الاحتلال بسبب “الانتهاكات المتكررة للقانون الدولي”.
وأشرف على المبادرة للرسالة، النائبان ريتشارد بورجون وعمران حسين، وكلاهما نائبان سابقان عن حزب العمال الحاكم ولكنهما مستقلان حاليا.
وتم التوقيع عليها من قبل وزيرة الداخلية السابقة في حكومة الظل ديان أبوت، ووزير المالية السابق في حكومة الظل جون ماكدونيل، والزعيمة المشاركة لحزب الخضر كارلا دينير، وعدد كبير من نواب حزب العمال والديمقراطيين الليبراليين وبلايد كامري والحزب الوطني الاسكتلندي، إلى جانب خمسة نواب في التحالف المستقل المؤيد لغزة، بما في ذلك زعيم حزب العمال السابق جيريمي كوربين.
واستشهدت الرسالة بالرأي الاستشاري الذي أصدرته محكمة العدل الدولية في يوليو/تموز الماضي، والذي وصف الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية بأنه غير قانوني وطالب بإنهائه في أقرب وقت ممكن.
وأكدت الرسالة أنه بموجب قرار محكمة العدل فإن جميع الدول، بما في ذلك المملكة المتحدة، ملزمة بعدم الاعتراف بقانونية الوضع الناشئ عن الوجود غير القانوني لإسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة وعدم تقديم أي مساعدة أو دعم في الحفاظ على هذا الوضع.