الإمارات تتآمر مع “إسرائيل” في إعداد خطة “غزة ما بعد الحرب”
كشف موقع (Axios) الأمريكي المعروف بصلاته الوثيقة مع الاستخبارات الإسرائيلية، عن تعاون دولة الإمارات العربية المتحدة مع الحكومة الإسرائيلية في إعداد ما يسمى خطة “غزة ما بعد الحرب”.
ونقل الموقع عن مسؤولين أميركيين إن وزير الخارجية أنتوني بلينكن يدرس خطة لما بعد الحرب في غزة تعتمد على أفكار طورتها الحكومة الإسرائيلية والإمارات ومن المقرر تقديمها بعد الانتخابات الرئاسية المزمعة الشهر المقبل.
وبحسب الوقع يشعر العديد من المسؤولين في البيت الأبيض ووزارة الخارجية بالقلق من أن الخطة قد تؤدي إلى تهميش رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس وحكومته، وهو ما تدفعه “إسرائيل” والإمارات نحوه في الأمد القريب.
وذكر الموقع أنه مع عدم وجود اتفاق في الأفق لتثبيت وقف إطلاق النار في غزة، فإن تقديم خطة “اليوم التالي” يمكن أن يكون جزءًا إيجابيًا محتملاً من إرث إدارة بايدن المحيط بالصراع.
“خطة بديلة”
يزعم مسؤولون أميركيون أن البعض في وزارة الخارجية الأمريكية، بما في ذلك بلينكن، يعتقدون أن التوصل إلى اتفاق بشأن الأسرى ووقف إطلاق النار لا يبدو ممكنا قبل نهاية إدارة بايدن، وبالتالي فإن الخطة الإسرائيلية الإماراتية هي “خطة بديلة” محتملة يمكن أن تبدأ في رسم مسار للخروج من الحرب.
لكن مسؤولين آخرين داخل وزارة الخارجية يقولون إن هذه الفكرة غير حكيمة ولا تخدم إلا مصالح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ومن المؤكد أن الفلسطينيين سوف يرفضونها وسوف تفشل.
وقال مسؤولون أمريكيون وإسرائيليون وإماراتيون إن إدارة بايدن والحكومة الإسرائيلية والإمارات يناقشون منذ أشهر أفكارًا مختلفة بشأن خطط محتملة.
وأضاف المسؤولون أن رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير شارك أيضا في المناقشات وطرح بعض الأفكار الأصلية للخطة.
في يوليو/تموز الماضي، التقى مستشار الرئيس بايدن لشؤون الشرق الأوسط بريت ماكجورك ومستشار وزارة الخارجية توم سوليفان في أبو ظبي مع وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر، وهو مقرب من نتنياهو، ومع وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد لمناقشة هذه القضية.
وفي اليوم السابق لهذا الاجتماع، قدم الإماراتيون مقترحهم في مقال رأي كتبته المبعوثة الخاصة لأبوظبي لانا نسيبة.
وتضمنت الخطة نشر بعثة دولية مؤقتة في غزة مهمتها تقديم المساعدات الإنسانية، وفرض القانون والنظام، وإرساء أسس الحكم الرشيد. واقترح الإماراتيون إرسال جنود إلى غزة ضمن قوة دولية.
لكنهم اشترطوا أن تتلقى دعوة رسمية من السلطة الفلسطينية بعد أن تخضع “لإصلاحات ذات معنى ويقودها رئيس وزراء جديد يتمتع بالسلطة والاستقلال”.
في الممارسة العملية، أراد الإماراتيون تهميش محمود عباس، الذي يقولون إنه فاسد وغير قادر على أداء مهامه، وتجريده من أي سلطة تنفيذية.
كما أرادوا استبدال رئيس الوزراء الفلسطيني الحالي محمد مصطفى، الذي يعتبرونه مواليا لعباس.
وكان أحد المبادئ في الخطة الإماراتية هو أنها ستعتمد على اتفاق القادة السياسيين على رؤية حل الدولتين للإسرائيليين والفلسطينيين.
ويقول المسؤولون الإسرائيليون إن نتنياهو أعجب بالعديد من أجزاء الخطة الإماراتية، لكنه يعارض الجوانب الأكثر سياسية، وخاصة مشاركة السلطة الفلسطينية في غزة ورؤية حل الدولتين.
وقال المسؤولون إن المناقشات حول الخطة الإسرائيلية الإماراتية حظيت بدفعة متجددة في الأسابيع الأخيرة.
وفي نهاية سبتمبر/أيلول، التقى ديرمر وأبز بشكل منفصل مع بلينكن، المسؤول عن هذه القضية داخل إدارة بايدن، على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
وقال المسؤولون إن أبو ظبي وديرمر طلبا من بلينكن مساعدتهما في سد الفجوات المتبقية بين الحكومة الإسرائيلية والإمارات فيما يتعلق بالخطة ثم التصديق عليها – أو حتى تحويلها إلى خطة أمريكية سيتم تقديمها بعد انتخابات نوفمبر.
وهناك فجوة متبقية تتعلق بفكرة جديدة من الإماراتيين مفادها أن الخطة تشمل إعادة فتح القنصلية الأميركية في القدس المحتلة كلفتة للفلسطينيين وطريقة لإظهار أن الولايات المتحدة تستثمر في الخطة وتقود العملية.
ويقول المسؤولون الأميركيون إن الإسرائيليين يعارضون هذه الفكرة بشدة. كما لا يزال الإسرائيليون يعارضون أي ذكر لحل الدولتين.
لكن الفجوة الرئيسية بين الحكومة الإسرائيلية والإمارات تتعلق بالدور الدقيق للسلطة الفلسطينية.
وقال مسؤولون إماراتيون إن الإمارات تريد من رئيس وزراء السلطة الفلسطينية تعيين شخصية فلسطينية للمساعدة في قيادة عملية الانتقال في غزة.
وذكر مسؤولون أميركيون وإسرائيليون أن الإسرائيليين لن يفكروا في أي دور محتمل للسلطة الفلسطينية إلا على المدى الطويل.
وقال مسؤولان كبيران في وزارة الخارجية الأميركية إنه إذا قدم بلينكن خطة، فإنها ستتضمن الأفكار الإسرائيلية والإماراتية بالإضافة إلى أفكار الولايات المتحدة بهدف الحصول على إجماع أوسع في المنطقة على الخطة.
وذكر مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية “لن ندعم خطة اليوم التالي دون أن يكون للسلطة الفلسطينية دور في غزة. وما زال النقاش جاريا حول شكل هذا الدور”.
رد فعل السلطة وحماس
قال مسؤول كبير في السلطة الفلسطينية إنها تشك بشدة في الخطة الإسرائيلية الإماراتية وأكد أنه لا يعتقد أنها يمكن أن تحصل على دعم في المنطقة.
وذكر أن “اللعب بحوكمة غزة أمر خطير للغاية، وأي خطأ قد يقتل المشروع الوطني الفلسطيني”، مضيفا أن أي شخصية فلسطينية تتولى إدارة غزة بشكل مستقل عن السلطة أو من دونها ضمن إجماع وطني لن يكون لها أي شرعية.
يشار إلى أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أكدت أن الشعب الفلسطيني لن يقبل أي وجود عسكري أو أمني غير فلسطيني في غزة في ما يسمى مرحلة ما بعد الحرب.
وتشد حماس على أن “إدارة غزة بعد الحرب هي شأن فلسطيني داخلي لا ينبغي أن يتعرض لأي تدخل خارجي”، علما أنها اقترحت تشكيل حكومة وطنية مختصة وغير حزبية تتولى إدارة غزة والضفة الغربية على حد سواء.