غزة تكبد “إسرائيل” فاتورة قياسية للجنود القتلى والجرحى في تاريخها
تظهر الإحصائيات الرسمية أن حرب الإبادة على غزة كبدت دولة الاحتلال الإسرائيلي فاتورة قياسية للجنود القتلى في تاريخها في وقت لا تزال المقاومة الفلسطينية صامدة وتشن عمليات بطولية بعد نحو 11 أشهر من القتال.
وبحسب آخر تحديث منشور على موقع الجيش الإسرائيلي مساء الأربعاء، بلغ عدد قتلاه منذ بداية حرب الإبادة على غزة في 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي 704 ضباط وجنود، بينهم 339 منذ الاجتياح البري للقطاع في 27 من الشهر نفسه.
فيما بلغ عدد المصابين من الضباط والجنود منذ بداية الحرب 4398، من ضمنهم 2262 منذ بدء الاجتياح البري، وفق البيانات ذاتها.
بالإضافة إلى ذلك، قُتل 21 جنديًا في المعارك مع حزب الله على الجبهة الشمالية، وسبعة آخرون في الضفة الغربية منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر.
ومن المعروف أن قتلى الجيش الإسرائيلي الذين يدخلون في التصنيفات الـ5 الآتية لا يعلن عنهم: وهي ثنائي الجنسية ويسكن خارج فلسطين المحتلة وخارج دولة الاحتلال، والمرتزقة وثنائي الجنسية داخل دولة الاحتلال إذا قبل أهله التعويض إضافة للبدو والدروز، ويعلن رسميا فقط عن القتلى من المصنفين ثنائيي أو أحاديي الجنسية والمقيمين داخل دولة الاحتلال وأهلهم لا يقبلون التعويض.
ويبرز هنا أنه منذ نهاية حرب لبنان الأولى (عملية سلامة الجليل) في 30 أيلول/سبتمبر 1982 وحتى الانسحاب من لبنان في 24 أيار/مايو عام 2000، بلغ إجمالي عدد قتلى الجيش 701 جنديًا.
ونهاية العام الماضي، صرّح الصحفي الإسرائيلي عميت سيغال بأن 45% من الجنود القتلى في قطاع غزة ينتمون إلى تيار الصهيونية الدينية.
علما أنه بحلول عام 1990، كانت نسبة الجنود من تيار الصهيونية الدينية الذين أكملوا دورات تأهيل الضباط 2.5%، وارتفعت إلى 15% في عام 2000، و22% في عام 2008.
وحاليًا، تصل نسبتهم في جيش الاحتلال إلى حوالي 50%، رغم أن نسبتهم في المجتمع لا تتجاوز 10%، حيث يقدر عددهم بحوالي 700 ألف نسمة.
قالت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية إن جنود الجيش الإسرائيلي يجدون أنفسهم عالقون في “مستنقع” غزة ويواجهون تهديدا بحرب طويلة الأمد في ظل فشل الأهداف الإسرائيلية المعلنة لحرب الإبادة.
ودللت الصحيفة بالمقاومة الشديدة التي تشهدها كل منطقة يعيد الجيش الإسرائيلي التوغل فيها ما يعبر عن استحالة تحقيق هدف الحرب المعلن من قبل الحكومة الإسرائيلية وهو استئصال المقاومة.
ونبهت إلى أن القوات الإسرائيلية اضطرت مرارا إلى العودة لمناطق سبق أن توغلت فيها لأن المقاومة أعادت تجميع صفوفها وفرضت السيطرة.
ونبهت الصحيفة إلى أنه بينما قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنه لن ينهي الحرب دون “النصر الكامل” على المقاومة الفلسطينية، فإن الجيش الإسرائيلي قال علناً قبل أسابيع إن التدمير الكامل للمقاومة هدف لا يمكن تحقيقه.
ونقلت الصحيفة عن محللين أمنيين إن “إسرائيل” معرضة لخطر الغرق في صراع طويل الأمد مع حماس والمقاومة الفلسطينية، التي أظهرت قدرة على البقاء مستفيدة من الدعم المحلي من السكان في غزة.
“إنه مستنقع. سيكون صراعاً منخفض الحدة لفترة طويلة”، قال جوست هيلترمان، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية.
وأضاف: “يمكنك استخدام العمليات العسكرية لدفع حماس إلى جيوب مختلفة في غزة، لكنهم في نهاية المطاف يتسللون مرة أخرى عبر نظام الأنفاق أو عبر البر، إنهم يكسبون مجندين جدد كل يوم. فالشباب الذين فقدوا عائلاتهم، سوف يلتحقون”.
ويقول محللون عسكريون إن فصائل المقاومة نقلت قواتها المسلحة من مكان إلى آخر، متجنبة في كثير من الأحيان الصدام المباشر مع الجيش الإسرائيلي من أجل البقاء وشن حملة حرب عصابات باستخدام تكتيكات الكر والفر.
دفعت خسائر جيش الاحتلال الكبيرة بقادته إلى الضغط علنا على حكومتهم من أجل إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسر مع المقاومة الفلسطينية.
وبهذا الصدد كشفت شبكة CNN الأمريكية عن انقسامات عميقة واختلافات في الرأي بين المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين وحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن مصير حرب الإبادة المستمرة على غزة والتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار.
وذكرت الشبكة أن أعضاء اليمين المتطرف في حكومة نتنياهو لا يزالون يعارضون أي اتفاق لوقف إطلاق النار، في حين تستشهد التقارير الإسرائيلية بمسؤولين أمنيين يتهمون نتنياهو بتخريب المفاوضات.
ونقلت الشبكة عن مسؤول أميركي كبير قوله “إن الجيش الإسرائيلي يرغب في التوصل إلى وقف لإطلاق النار الآن، وقف لإطلاق النار يحقق أهداف تحرير الأسرى. كل القضايا العالقة قابلة للحل. ليست مثالية ولكنها قابلة للحل”.
من جهنها قالت صحيفة “ماكور ريشون” الإسرائيلية إن “مصير الحرب برمتها على المحك، وليس فقط مصير الأسرى، فالمؤسسة الأمنية والعسكرية تريد وقفاً مؤقتاً لإطلاق النار، فيما معارضو الصفقة بأي ثمن، لا يزالون على قناعة بأنّ وقف الحرب الآن سيكون كارثة، ويزدادون تعنّتاً كلما مر الوقت”.
وفي إشارة إلى الانقسام الكبير في الرؤى بين الحكومة الإسرائيلية والمؤسسة الامنية بشأن الحرب وأهدافها، لفتت الصحيفة أن ” نتنياهو توصل إلى نتيجة مفادها أنّ “المصلحة الإسرائيلية تتطلب بقاء الجيش الإسرائيلي في محوري فيلادلفيا ونتساريم، لكن المؤسسة الأمنية والعسكرية تعتقد أنه من الممكن تدبر الأمور من دون ذلك”.
وبحسب مراقبين إسرائيليين فإن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بدأت تدرك أن الإنجازات المحتملة لاستمرار القتال في غزة ضئيلة، وربما حتى سلبية، لهذا السبب، فإن صفقة تبادل الأسرى، إلى جانب قيمتها الواضحة، هي أيضًا وسيلة لإنهاء الحرب.
انقسام داخلي غير مسبوق
أبرز موقع (Axios) الأمريكي التعمق غير مسبوق للانقسامات داخل المجتمع الإسرائيلي وسط تزايد مؤشرات ضعف الجيش في خضم حرب الإبادة المستمرة في غزة والتصعيد المستمر مع حزب الله في لبنان.
وقال الموقع إن دولة الاحتلال تشهد “أخطر عنف سياسي” وتتفاقم للأزمة الداخلية منذ شكل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو حكومته اليمينية في عام 2022″.
ونبه الموقع إلى مدى الجرأة التي اكتسبها القوميون المتطرفون في دولة الاحتلال في ظل حكومات نتنياهو، وخاصة بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
وهذا أيضًا علامة على تفكك سلسلة القيادة في الجيش والقانون والنظام الداخلي للجيش، وهو ما شجعه السياسيون القوميون المتطرفون الذين أطلقوا على الجيش لسنوات اسم مؤسسة “ليبرالية” وقالوا إنه جزء من “دولة عميقة” يجب تفكيكها.