تحقيقات ألمانية في شبهات فساد واختلاس لمؤسسات أهلية فلسطينية

أطلقت مؤسسة سياسية كبرى في ألمانيا تحقيقات داخلية موسّعة بشأن شبهات فساد واختلاس في عدد من المؤسسات الأهلية الفلسطينية الممولة منها، بما في ذلك تلك الناشطة على المستوى الدولي.
وتتركز التحقيقات على اختفاء عشرات الآلاف من اليوروهات كانت مخصصة لتمويل برامج تنموية ومجتمعية في الأراضي الفلسطينية، بحسب ما أورد موقع (Informe Urope) المتخصص في الشؤون الحزبية والمؤسساتية الأوروبية.
وذكر الموقع أنه في إطار التوجه الألماني ما بعد السابع من أكتوبر، والذي تضمن مراجعة شاملة للتمويلات الموجهة إلى الأراضي الفلسطينية، قررت المؤسسة المعنية سحب مبلغ قدره 160 ألف يورو كان قد تم تحويله إلى مؤسسة للتفكير والدراسات الاستراتيجية الفلسطينية في غزة (بال ثينك).
إلا أن التحقيقات كشفت أن مدير المؤسسة عمر شعبان قام بتحويل هذه الأموال إلى حساباته الشخصية، بالإضافة إلى حسابات زوجته ونجله في فرنسا والقاهرة.
وتسود حالة من الاستياء داخل الأوساط المعنية في برلين، خاصة أن مدير المؤسسة يتمتع بعلاقات قوية ودعم من بعض الجهات السيادية في الدولة، ويُعرف بتقديم خدمات استشارية تتعلق بمكافحة التنظيمات الإسلامية.
وفي سياق متصل، كانت المؤسسة قد حوّلت مبلغ 450 ألف يورو مع بداية الحرب في غزة لدعم المجتمع المدني وحرية التعبير، على خلفية ما وصفته بـ”جرائم حرب حماس”. غير أن المخصصات لم تُستخدم كما خُطط لها، حيث لم يتم تنفيذ البرامج التي تهدف إلى التأثير على الرأي العام الفلسطيني لتبني رواية تعتبر دولة الاحتلال الإسرائيلي في موقع الضحية.
وتجري ذات التحقيقات في منظمة أخرى في الضفة الغربية تلقت تمويلات لرعاية الشباب وتعزيز المشاركة المجتمعية هي مؤسسة “شارك”، وتركيز عملها في قطاع غزة لدعم الموقف المعارض لأسر حركة حماس إسرائيليين وضرورة التخلص منها.
وتُجرى الآن تحقيقات موازية بشأن منظمة أخرى في الضفة الغربية تُعرف باسم “شارك”، والتي تلقت تمويلاً لتطوير الشباب والمشاركة المدنية. وقد صُمّمت برامجها في غزة لتعزيز المعارضة لأسر الأسرى من قبل حماس والدعوة إلى إزاحتها من الحكم.
وأشار التحقيق إلى أن شقيقة رئيس مؤسسة شارك للشباب تعمل لدى المفوضية الأوروبية في الضفة الغربية، ويُعتقد أنها سهّلت تحويل الأموال لشقيقها.
ولا تزال التحقيقات جارية، وسط دعوات لمزيد من الشفافية والمساءلة حول آليات صرف التمويلات الخارجية، خاصة في المناطق الحساسة سياسيًا وأمنيًا.
على مدار عدة أشهر في العام الماضي، ساد أخذ ورد بين المسؤولين الألمان ومنظمة “كورفه فوسترو” (Kurve Wustrow) الألمانية للمساعدات.
وقد بذلت “كورفه فوسترو” محاولات يائسة لإنقاذ مشاريعها الحالية مع كل من “ذاكرات” و”نيوبروفايل”، وهما منظمتان إسرائيليتان تدعمان حقوق الإنسان وتركزان على مناهضة الخدمة العسكرية والدفاع عن حقوق الفلسطينيين.
وأجرت منظمة “كورفه فوسترو” مكالمات هاتفية، وعقدت اجتماعات مع المسؤولين الألمان، وأجابت على الاستفسارات بالبريد الإلكتروني. ووصل بها الأمر إلى إرسال بيانات من المنظمتين الإسرائيليتين تشرح مواقفهما.
لكن كل ذلك لم ينجح في ثني السلطات الألمانية عن قطع التمويل الحكومي الرسمي للمنظمة. وفي منتصف ديسمبر/ كانون الأول، تم تأكيد القرار. أدى هذا النضال غير المجدي إلى شعور جون برويس، القائم بأعمال مدير منظمة “كورف فسترو” (Kurve Wustrow)، بالتعب والإحباط.
وعلق جون برويس بالقول إن هذه هي المرة الأولى على الإطلاق التي تقوم فيها الحكومة الألمانية بوقف تمويل أي من مشاريع المنظمة الجارية والتي لديها شركاء في العديد من البلدان، بما في ذلك السودان وميانمار.