في خطوة أثارت جدلًا واسعًا، أصدرت محكمة صلح رام الله قرارًا يقضي بحجب مواقع ومنصات تابعة لشبكة الجزيرة الإعلامية، تلاه وقف بث القناة وتجميد كافة أعمالها في الأراضي الفلسطينية.
هذا القرار يأتي في سياق سلسلة من التحركات التي اعتبرها مراقبون ونشطاء محاولة لتكميم الأفواه، وسط اتهامات متزايدة للسلطة الفلسطينية بانتهاك حرية الرأي والتعبير.
التسلسل الزمني لقرار الحجب
بدأت الحملة ضد قناة الجزيرة بتحريض مكثف عبر وسائل إعلام محسوبة على السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية، شملت منصات إعلامية رسمية وغير رسمية، إضافة إلى منشورات تحريضية على وسائل التواصل الاجتماعي.
وتلا ذلك تقديم شكوى قضائية استندت إليها المحكمة لإصدار قرار الحجب.
وهذا التصعيد أثار تساؤلات حول مدى مهنية القرار، خاصة وأن قناة الجزيرة تُعد من أبرز القنوات التي غطت الأحداث في فلسطين، بما فيها العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
ردود الفعل على الحجب
وشهدت منصات التواصل الاجتماعي موجة غضب شعبي رفضت القرار، حيث أكد النشطاء أن الحجب لن يمنع قناة الجزيرة من الوصول إلى الفلسطينيين، خاصة أن القناة تعتمد تقنيات تجعلها متاحة عبر منصات عالمية مثل يوتيوب.
كما عبر آخرون عن استغرابهم من الإبقاء على القنوات الإسرائيلية التي تروج لروايات الاحتلال، بينما تُحظر وسائل إعلام عربية تعمل بمهنية.
قرارات الحجب وأزمة الثقة بالسلطة
ويرى محللون أن قرار الحجب يعكس هشاشة السلطة الفلسطينية أمام النقد الإعلامي وفاعلية العقل الفلسطيني، إذ باتت قراراتها تُفسر كجزء من محاولة للتلاعب بالوعي الجمعي من خلال التحكم بالمعلومات المتاحة للجمهور.
ورغم ذلك، أشار البعض إلى أن تأثير هذه القرارات أصبح محدودًا في زمن التكنولوجيا والانفتاح، حيث لم تعد الأنظمة السياسية قادرة على احتكار تدفق المعلومات.
ويُشبّه البعض هذه القرارات بأساليب الأنظمة الاستبدادية التي تسعى إلى تقييد مصادر المعلومات وهندسة وعي المجتمعات بما يتوافق مع مصالحها.
دعوات للمقاطعة وتعزيز البدائل
ردًا على القرار، دعا نشطاء إلى مقاطعة الخدمات التي توفرها الشركات المحلية الملتزمة بقرار الحجب، تعبيرًا عن رفضهم لمبدأ الرقابة والتحكم بالمعلومة.
كما أشار آخرون إلى أن القرار يحرم سكان الضفة الغربية من متابعة تغطية الجزيرة للأحداث الجارية في غزة، مما يزيد من فجوة الوعي بين المناطق الفلسطينية.
بينما تحاول السلطة الفلسطينية الترويج لأن هذه القرارات قانونية ومهنية، يرى المراقبون أنها تكشف ضعفًا، غير مسبوق في مواجهة النقد الإعلامي.
وفي زمن الانفتاح التكنولوجي، أصبحت محاولات التحكم في المعلومة أشبه بمحاولة يائسة لتحقيق الضبط والسيطرة، لكنها في النهاية تقود إلى نتائج عكسية، وتُعمق أزمة الثقة بين الشعب والسلطة.