
في قلب المجزرة المفتوحة على غزة، وبينما يئنّ المرضى تحت الركام وتُستهدف الطواقم الطبية بقصف مباشر، اختارت قناة “عودة” – التابعة لحركة فتح – أن تلعب دورًا مشبوهًا وخطيرًا، بنشرها رواية كاذبة تفتح الباب واسعًا أمام الاحتلال لمواصلة مجازره.
ففي منشور تداولته الصفحة الرسمية للقناة على “فيسبوك”، تم الزعم أن مستشفى الأمل في خانيونس قد أُغلق “بسبب سيطرة حركة حماس على غرف الجراحة”، وهي رواية مفبركة لم يتأخر الاحتلال عن استغلالها، حيث سارع المتحدث باسم جيشه، أفيخاي أدرعي، إلى إعادة نشرها، ملوّحًا بها كتبرير لاستهداف المستشفى والمنشآت الطبية الأخرى.
الهلال الأحمر يرد
وسارعت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني إلى نفي هذه المزاعم بشكل قاطع، مؤكدة أن المستشفى يواصل تقديم خدماته رغم المخاطر الهائلة التي تهدد حياة العاملين والمرضى.
وقسم الطوارئ، والعناية المركزة، والعمليات ما زالت تعمل، في مشهد بطولي لا يحتمل التشويه الإعلامي أو الاصطياد السياسي.
قناة عودة ودعاية الاحتلال
وما نشرته “قناة عودة” لا يُعد زلة إعلامية عابرة، بل يُجسّد انخراطًا فاضحًا في ماكينة الدعاية الإسرائيلية، من خلال بث روايات كاذبة توفر غطاءً مباشراً للهجمات على المستشفيات، التي يُفترض أن تكون بمنأى عن الاستهداف بموجب القانون الدولي الإنساني.
وفي الوقت الذي كانت فيه هذه الادعاءات تنتشر عبر منصات فلسطينية، كانت طائرات الاحتلال تهاجم مستشفى الكويت التخصصي في خانيونس، مستهدفة ساحته بصاروخ دموي أسفر عن استشهاد مسعف وإصابة تسعة من الكوادر الطبية، في جريمة موثقة تُضاف إلى سجل طويل من الاستهداف المتعمد للمؤسسات الصحية.
وهذا التصعيد ليس فعلًا عشوائيًا، بل جزء من خطة ممنهجة لإسقاط القطاع الصحي في غزة، مدعومة إعلاميًا من أطراف قررت أن تصطف في موقع الخصومة مع المقاومة حتى لو على حساب دم الجرحى والمصابين.
وتؤكد التقارير الرسمية استهداف 36 منشأة طبية منذ بداية العدوان، في ظل حملة تضليل إعلامي موازية تبحث عن أي فتات من الداخل الفلسطيني لتضفي “مشروعية زائفة” على قصف المستشفيات.
وما صدر عن قناة “عودة” يُشكّل تورطًا خطيرًا في الحرب ضد غزة، وهو انعكاس لحالة من الانحراف الإعلامي الذي لم يعد يفرّق بين الخصومة السياسية وخدمة أهداف العدو.
والحديث عن إغلاق مستشفى أو سيطرة عليه دون أدلة، في توقيت بالغ الحساسية، ليس رأيًا إعلاميًا، بل أداء لوظيفة تتقاطع مع بنك أهداف الاحتلال. كل كلمة تُنشر دون تحقق، وكل منشور يُصاغ بروح التشويه، يتحول إلى أداة مباشرة في تسهيل جرائم الحرب.