هكذا يقوض الاحتلال الإسرائيلي كل مساعي إحلال السلام في الشرق الأوسط
قالت وكالة (انتر برس) الإيطالية إن دولة الاحتلال الإسرائيلي تواصل تقويض كل مساعي إحلال السلام في الشرق الأوسط بما في ذلك حل الصراع الأشد تعقيدا المتعلق بالقضية الفلسطينية.
وأبرزت الوكالة أنه بعد هجوم طوفان الأقصى الذي نفذته المقاومة الفلسطينية في 7 أكتوبر /تشرين الأول 2023، شنت دولة الاحتلال ولا تزال حرب إبادة في غزة شملت القصف وإطلاق النار والحصار ولكن دون خطة صريحة لتحقيق السلام مع الفلسطينيين.
وبحسب الوكالة ما زال من غير الواضح ما الذي تحاول الحكومة الإسرائيلية تحقيقه من خلال حربها المستمرة في غزة وما هي خطتها لما بعد الحرب. ورغم أن القادة الإسرائيليين تعهدوا بالحفاظ على السيطرة الأمنية في غزة بعد الحرب، فإنهم لم يوضحوا بوضوح ما قد يستتبعه هذا من سيطرة.
وصرح وزير جيش إسرائيلي سابق إن حكومة بلاده بدعم من سياسيين من اليمين المتطرف تهدف إلى احتلال غزة وضمها وتطهيرها عرقيا وبناء مستوطنات إسرائيلية هناك. واتهم الحكومة الإسرائيلية بارتكاب جرائم حرب وتطهير عرقي في غزة.
كما قال بعض وزراء الحكومة الإسرائيلية والمشرعين من اليمين المتطرف إن سيطرتهم العسكرية على غزة من شأنها أن تمهد الطريق لاستئناف الاستيطان اليهودي. ودعوا الفلسطينيين إلى مغادرة غزة حتى يتمكن الإسرائيليون اليهود من الاستقرار في القطاع.
أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي ورئيس جيشه السابق بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في حرب الإبادة على غزة.
وقال قضاة المحكمة الجنائية الدولية إن هناك أسباباً معقولة للاعتقاد بأن هذين المسؤولين الإسرائيليين مسؤولين جنائياً عن أعمال تشمل القتل والاضطهاد والتجويع كسلاح حرب كجزء من هجوم واسع النطاق ومنهجي ضد السكان المدنيين في غزة.
وعلاوة على ذلك، أصدرت منظمة العفو الدولية مؤخرا تقريرا بارزا يشير إلى أنها جمعت أدلة كافية للاستنتاج بأن (إسرائيل) ارتكبت وما زالت ترتكب جرائم إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في غزة.
وخلص التقرير إلى أنه خلال هجومها العسكري أطلقت (إسرائيل) ” الجحيم والدمار ” على الفلسطينيين في غزة بوقاحة وباستمرار وبإفلات تام من العقاب، وعرقلت وصول المساعدات الإنسانية إلى السكان الفلسطينيين.
وقالت منظمة العفو الدولية إن (إسرائيل) تعاملت مع الفلسطينيين في غزة شهرًا بعد شهر كمجموعة دون إنسانية لا تستحق حقوق الإنسان والكرامة.
تداعيات سياسة وخيمة
أبرزت الوكالة الإيطالية أن تصرفات (إسرائيل) في غزة، وقرارات محكمة العدل الدولية، والتقرير الأخير لمنظمة العفو الدولية، تساهم في خلق مشاكل سياسية خطيرة ومظاهرات في مختلف أنحاء العالم.
وقد اندلعت احتجاجات وأنشطة تقدمية معارضة لتصرفات (إسرائيل)، التي يُنظَر إليها باعتبارها سبباً في خلق كارثة إنسانية في غزة، في العديد من البلدان والمناطق حول العالم.
ونبهت الوكالة إلى أن الاقتراح الذي يحظى بدعم واسع النطاق من جانب أغلب الحكومات والوكالات الدولية والمنظمات غير الحكومية هو حل الدولتين.
ويوصي هذا الاقتراح بإقامة دولة مستقلة للفلسطينيين إلى جانب دولة الاحتلال، مع وجود الدولتين في سلام داخل حدود معترف بها وضمان الأمن لكلا البلدين.
وقد كان حل الدولتين هدف المجتمع الدولي لعقود من الزمن، ويعود تاريخه إلى خطة التقسيم التي وضعتها الأمم المتحدة عام 1947.
وتعتقد العديد من الدول، بما في ذلك الصين وفرنسا وروسيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، أن إنشاء دولة فلسطينية مع ضمانات لأمن (إسرائيل) هو السبيل الوحيد لإحلال السلام والاستقرار في الشرق الأوسط في نهاية المطاف.
وفي قرار جديد صدر بأغلبية 157 صوتا مقابل 8 أصوات في الثالث من ديسمبر/كانون الأول، أعربت الجمعية العامة للأمم المتحدة عن “دعمها الثابت، وفقا للقانون الدولي، لحل الدولتين بين (إسرائيل) وفلسطين”.
كما دعا القرار إسرائيل إلى الانسحاب من الأراضي الفلسطينية المحتلة ودفع إلى إنشاء دولة فلسطينية، وعقد مؤتمر دولي في يونيو/حزيران لمحاولة تحريك حل الدولتين.
ورغم أنها ليست دولة عضو في الأمم المتحدة، فقد تم الاعتراف بدولة فلسطين رسميًا كدولة ذات سيادة من قبل 146 دولة، أو 75% من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة. وتمثل هذه الدول ما يقرب من 90% من سكان العالم.
وقد رفضت الحكومة الإسرائيلية وكذلك الكنيست حل الدولتين، إلا أنهما لم تقدما حلاً بديلاً لحل الصراع مع الفلسطينيين.
أعلنت الحكومة الإسرائيلية أنها لن تتنازل عن السيطرة الأمنية الإسرائيلية الكاملة على كل الأراضي الواقعة غرب الأردن.
وبالإضافة إلى ذلك، وعلى الرغم من قرار محكمة العدل الدولية الذي ألزم (إسرائيل) بإنهاء احتلالها وتفكيك مستوطناتها غير القانونية، تواصل دولة الاحتلال توسيع المستوطنات الإسرائيلية والفصل العنصري في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وقد خلص البعض إلى أن حل الدولتين لم يعد خياراً قائماً في المقام الأول بسبب الحقائق الراهنة. إذ يقيم حالياً نحو 750 ألف مستوطن إسرائيلي، أو نحو 10% من اليهود، في مستوطنات بالقدس الشرقية والضفة الغربية.
مخطط إسرائيل الكبرى
يسعى العديد من الإسرائيليين من اليمين الديني المتطرف إلى إنشاء دولة (إسرائيل) الكبرى اليهودية. وتشمل الدولة التي يرغبون فيها الأراضي الفلسطينية المحتلة، وسوف يكون سكانها أغلبية يهودية كبيرة.
ونظراً للتركيبة السكانية القائمة، فإن دولة (إسرائيل) الكبرى اليهودية سوف تنطوي بالضرورة على رحيل أو طرد أو نقل أعداد كبيرة للغاية من السكان غير اليهود المقيمين حالياً في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
إن العواقب الإنسانية الخطيرة الناجمة عن الحروب بين إسرائيل وغزة مستمرة في الارتفاع، ويتم تحديثها بانتظام. وتوفر المستويات الحالية المبلغ عنها من الوفيات والإصابات والتشريد والدمار صورة واضحة لعواقب الحروب على الضحايا وظروف المعيشة ورفاه السكان في غزة و(إسرائيل) ولبنان وأماكن أخرى.
ويقدر بأن نحو 52 ألف شخص قضوا في أحداث التصعيد في الشرق الأوسط منذ السابع من أكتوبر 2023.
وكانت الغالبية العظمى من الضحايا الذين تم الإبلاغ عنهم، 88%، من الفلسطينيين. كما كانت الغالبية العظمى من هؤلاء ال ما يقرب من 70%، من النساء والأطفال.
وجاء اللبنانيون بعد القتلى الفلسطينيين بنسبة 8%، والإسرائيليون بنسبة 3%، وآخرون، مثل الصحفيين والعاملين في وسائل الإعلام، بنسبة 1%.
ونلاحظ نمطاً مماثلاً فيما يتصل بأعداد الإصابات المبلغ عنها. ورغم أن الرقم الحقيقي للإصابات سيكون بالتأكيد أكبر كثيراً، فإن العدد الإجمالي للإصابات المبلغ عنها يبلغ نحو 140 ألف إصابة.
ومرة أخرى، كانت الغالبية العظمى من الإصابات المبلغ عنها، نحو 81%، بين الفلسطينيين، وكثير منهم من الأطفال. ويلي الفلسطينيين اللبنانيون بنسبة 12%، والإسرائيليون بنسبة 6%، وآخرون بنسبة 1%.
وكانت الحرب في غزة ولبنان مسؤولة أيضاً عن نزوح أكثر من ثلاثة ملايين إنسان. وكان نحو 60% من النازحين فلسطينيين، يليهم اللبنانيون بنسبة 38%، ثم الإسرائيليون بنسبة 3%.
وإلى جانب تشريد الناس من منازلهم، فإن القصف الإسرائيلي أدى إلى إلحاق الضرر أو تدمير ما يقرب من ثلثي المباني في غزة، ونحو 38% من المباني في قرى جنوب لبنان، فضلاً عن عشرات المباني في بيروت وبعلبك.
وخلصت الوكالة إلى أن قرارات محكمة العدل الدولية بشأن جرائم إسرائيل ضد الإنسانية في الصراع في غزة، ونتائج تقرير منظمة العفو الدولية الذي يؤكد أن (إسرائيل) ارتكبت وما زالت ترتكب جرائم إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في غزة، تشكل إدانة لا تقبل الجدل للأعمال العسكرية الإسرائيلية في غزة. إن رفض قرارات محكمة العدل الدولية وتجاهل نتائج تقرير منظمة العفو الدولية لن يقلل من أهمية هذه الإدانة.
ومن الواضح أيضاً أن تحقيق السلام الدائم مع الفلسطينيين يتطلب من (إسرائيل) أن تتجاوز رفض مقترحات السلام المختلفة. ويتعين على الحكومة الإسرائيلية أن تطرح مقترح سلام صريحاً يشير إلى الكيفية التي تتصور بها حل الصراع المستمر منذ عقود مع الفلسطينيين.
وأكدت الوكالة أن عدم تقديم (إسرائيل) لخطة سلام عادلة ومنصفة من شأنه أن يؤدي حتماً إلى صراعات مستقبلية مع المزيد من الضحايا والجرحى والتشريد والدمار.