الإعلام العبري يتفاخر بالدعم السري من الإمارات والسعودية ومصر لإسرائيل
لم يكن غريبا في خضم تصاعد التوترات الإقليمية على مستوى الشرق الأوسط، تفاخر الإعلام العبري بالدعم السري من دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ومصر لإسرائيل في ضوء مواقف العواصم العربية الثلاث المعلن بمعاداة المقاومة الفلسطينية.
وأبرزت صحيفة جيروزاليم بوست العبرية تجنب كل من السعودية والإمارات ومصر إدانة “إسرائيل” بشكل صريح، ومحاولتها وضع ما تعتبره التركيز على التهديدات الأوسع لاستقرار المنطقة، بدلاً من التركيز على الهجمات الإسرائيلية على إيران ولبنان وغزة.
وفي حين تُشير هذه الدول إلى “السيادة” وخفض التصعيد، فإنها تختار بدلاً من ذلك التركيز على الحاجة للحفاظ على الاستقرار الإقليمي، مما يعكس تحولًا هادئًا قد يكون قيد التشكيل بين هذه القوى الإقليمية.
وقد أصدرت الإمارات بيانًا يُدين استهداف الجمهورية الإسلامية، داعية إلى ضبط النفس إلى أقصى حد. لكن كلمات الإمارات هنا تحمل دلالات تتجاوز البيان بحد ذاته.
فعوضًا عن انتقاد إسرائيل، تركز الإمارات على “أهمية الحوار والالتزام بالقانون الدولي”، موجّهة ردها نحو الدبلوماسية بدلاً من المواجهة. يتماشى هذا التوجه مع فلسفة الإمارات الدبلوماسية الأوسع وخطواتها الأخيرة نحو التعاون الاقتصادي والأمني مع “إسرائيل” من خلال اتفاقيات إبراهيم.
ورغم أن الإمارات تدين رسميًا العمل العسكري، فإن تركيزها على ضبط النفس بدلاً من اتخاذ موقف معادٍ لإسرائيل يشير إلى اعتراف ضمني بموقع “إسرائيل” الاستراتيجي وربما فهمها للإجراءات الأمنية الإسرائيلية.
النبرة المخففة للسعودية
تجنب بيان السعودية أيضًا إدانة مباشرة لإسرائيل، ووصف الهجوم بأنه “انتهاك للسيادة”، لكنه أكد على “أمن واستقرار دول وشعوب المنطقة”.
قبل عقد من الزمن، قد يكون بيان الرياض أكثر حدة، لكن اليوم يعكس توازناً دقيقاً؛ إذ يجمع بين الاعتراف بسيادة إيران وتقبل ضمني للتحركات الأمنية الإسرائيلية في المنطقة.
وبحسب الصحيفة العبرية يعكس هذا التوجه استراتيجية متوازنة تتيح للمملكة إظهار ضبط النفس مع الحفاظ على تقاربها غير الرسمي مع إسرائيل في مواجهة نفوذ إيران.
غطاء دبلوماسي لتمرير الموقف المصري
يمضي رد مصر خطوة أبعد في هذه الدبلوماسية المتوازنة. ففي بيان يمكن أن ينطبق بسهولة على القضايا الأوسع في غزة ولبنان، حذرت مصر من “مواجهة خطيرة تهدد الأمن الإقليمي والدولي”، ودعت إلى وقف فوري لإطلاق النار على عدة جبهات.
ومن خلال تسليط الضوء على الاستقرار الإقليمي العام، تحول مصر التركيز من أفعال “إسرائيل” إلى استقرار المنطقة ككل، مما يعكس دورها الطويل كوسيط إقليمي ورغبتها في الحفاظ على الهدوء على حدودها.
ويعكس نهج مصر مواقفها الجيوسياسية الفريدة، حيث تواجه تعقيدات الديناميكيات الإسرائيلية الفلسطينية وتسعى لاحتواء أي تهديد لتصاعد النزاع يمكن أن يؤثر على حدودها.
إعادة توجيه هادئة في الشرق الأوسط؟
تشير هذه الردود المدروسة، التي تتجنب الإشارة إلى “إسرائيل”، إلى أكثر من مجرد تغيير في النبرة؛ إذ تلمح إلى إعادة توجيه استراتيجية في المنطقة.
وعلى الرغم من استمرار دعم هذه الدول للقضية الفلسطينية واعترافها بأهمية الوحدة الإسلامية، إلا أن أولوياتها الحالية تتمثل في الحد من نفوذ إيران الإقليمي وتعزيز الاستقرار الاقتصادي والأمني داخل حدودها.
يشير هذا النوع من “الإدانة الداعمة” إلى أن السعودية والإمارات ومصر قد تتبنى موقفًا أكثر دقة، يتفهم موقف “إسرائيل” الدفاعي أو يمنحها على الأقل درجة من التسامح.
ففي السنوات السابقة، ربما كانت ضربة إسرائيلية لإيران تثير إدانة موحدة وصريحة من العالم العربي. أما اليوم، فتعكس هذه الردود المتوازنة أن الخلافات السابقة قد تتراجع لصالح المصالح المشتركة.
ومن وجهة نظر مؤيدي “إسرائيل”، يُعتبر هذا التحول الطفيف لمحة مطمئنة عن مستقبل قد يرى فيه الجيران العرب إسرائيل ليس كخصم فقط، بل كشريك محتمل في الحفاظ على استقرار المنطقة.