المحكمة الجنائية الدولية أمام لحظة غير مسبوقة في تاريخها
تواجه المحكمة الجنائية الدولية لحظة غير مسبوقة في تاريخها، لحظة من شأنها أن تشكل إرثها وتؤثر على حياة الآلاف من المدنيين لا سيما الفلسطينيين في خضم حرب الإبادة الإسرائيلية المستمرة منذ عام.
لقد ارتقى المدعي العام كريم خان وفريقه إلى مستوى تفويضهم، فتقدموا بطلبات إصدار أوامر اعتقال في مواجهة مخاطر وضغوط هائلة.
لكن المحكمة الجنائية الدولية ككل تعاني من التعثر. والتأخير في اتخاذ القضاة لقراراتهم يشكل فشلاً ذريعاً في الحفاظ على مهمة المحكمة ذاتها.
إن مهمة القضاة في هذه المرحلة واضحة: النظر في طلب إصدار أوامر الاعتقال.
في ضوء ما ينتظرنا في المستقبل، فإن هذه الخطوة صغيرة نسبيا، ولكنها ملحة. ولكن هذا التأخير الطويل ليس ضروريا ولا معقولا.
إن الوضع الملح يتطلب اتخاذ إجراءات فورية، وليس شهوراً من المداولات المطولة.
العوامل الخارجية
لا يوجد حجم من الوثائق أو تعقيد قانوني يمكن أن يبرر هذا التأخير في تحديد ما إذا كان المدعي العام قد استوفى اختبار الأدلة لإصدار أوامر الاعتقال.
يقتنع المراقبون بأن هناك عوامل خارجية تلعب دورا في تعثر القضاة.
إن كل ساعة تمر تشهد إزهاق المزيد من الأرواح، ووقوع المزيد من الرجال والنساء والأطفال العزل ضحايا للفظائع التي تصل إلى حد جرائم الحرب، وفقا للمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية.
وإن الفشل في إصدار مذكرات اعتقال ـ أو حتى رفضها ـ يشكل انهياراً هائلاً لهدف المحكمة الجنائية الدولية. ذلك أن مؤسسات المساءلة الجنائية مثل المحكمة الجنائية الدولية لا توجد فقط لمحاسبة الجناة، بل وأيضاً لردع ومنع المزيد من الجرائم.
وعندما تواجه المحكمة الجنائية الدولية جرائم شنيعة مثل جرائم الحرب، فإنها تتحمل التزاماً أخلاقياً بالتصرف بسرعة وحسم، سواء لتحقيق العدالة أو لمنع المزيد من المعاناة.
إن العالم يتأرجح على شفا صراع متعدد الدول قد تكون له عواقب عالمية كارثية. ومن شأن إصدار أوامر اعتقال سريعة أن يفرض التزامات على الدول في مختلف أنحاء العالم، وهو ما قد يؤدي إلى تجنب تصعيد الحرب.
لكن التأخير من جانب المحكمة يقلل من هذه الفرصة.
منذ سنوات، أبلغ أحد المدعين العامين السابقين للمحكمة الجنائية الدولية أنهم يعملون تحت ضغط هائل، مدركين أنهم يمتلكون القوة ولكنهم لا يمتلكون الشجاعة للتصرف.
ولكن هذه المرة، ليس المدعي العام هو الذي يفتقر إلى الشجاعة، بل المحكمة نفسها، متجسدة في تقاعس قضاتها.
إن من الصعوبة بمكان احترام القضاة والمؤسسات التي تفشل في دعم مبادئ العدالة وسيادة القانون. لا يمن احترام القضاة الذين يسمحون بمواصلة الموت لأنهم يحتاجون إلى أشهر لفحص المذكرات القانونية.
إذا كنت تفتقر إلى العزيمة على القيام بالأمر الصحيح، فعليك أن تنحى جانباً لشخص آخر قادر على القيام بذلك. إن ولاية المحكمة تتعلق بحياة البشر، وليس بالطموحات المهنية.
وإن الوقت يمر بسرعة. والأرواح تُزهق كل يوم وكل ساعة. والتاريخ سوف يحكم على المحكمة الجنائية الدولية بسبب تقاعسها عن العمل، ولن يكون ذلك لطيفاً معها.
نقلا عن Middle East Eye