السنوار ينضم لكوكبة من قادة حماس والمقاومة الشهداء
“الشهادة للقادة والمقاومين في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي الغاصب سيبّثّ الحياة في عروق الأمة، ويدفعها نحو الارتقاء إلى مستوى أعلى من مجدها وشرفها” مبدأ ثابت تبناه رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” يحيى السنوار قبل أن ينضم لكوكبة من قادة الحركة والمقاومة الشهداء.
ومع إعلان استشهاده في اشتباك مع جيش الاحتلال في جنوب قطاع غزة، فإن المراقبين يجمعون على أن السنوار اختار الطريق الذي لا يمضي فيه إلا الأبطال، إما الانتصار أو المواجهة حتى الشهادة.
ويشكل استشهاد السنوار صفحة مشرقة أخرى وختامية لمسيرة طويلة من الكفاح والنضال الوطني الفلسطيني، بعد أن قضى مشتبكا برفقة مقاتليه مقبلا غير مدبر، ليكون بذلك أول رئيس لحركة فلسطينية يستشهد بهذه الطريقة.
وكان السنوار رفض مقترحاً إسرائيلياً متكررا لتبادل الأسرى مقابل “خروج آمن” له وكبار قادة المقاومة من غزة.
ولد يحيى إبراهيم حسن السنوار “أبو إبراهيم” في التاسع عشر من أكتوبر عام 1962 في مخيم خانيونس للاجئين بعد أن هجّر الصهاينة أهله من مدينة مجدل عسقلان عام 1948.
درس في مدارس خانيونس حتى أنهى دراسته الثانوية في مدرسة خانيونس الثانوية للبنين، ثم التحق بالجامعة الإسلامية بغزة، وحصل على شهادة البكالوريوس في اللغة العربية.
وعمل في مجلس طلاب الجامعة الإسلامية خمس سنوات، وشغل مناصب متعددة منها أمين اللجنة الفنية، ثم الرياضية، ونائب الرئيس، ورئيس المجلس، كما ترأس الكتلة الإسلامية، وكان من أبرز منظريها.
وأسس فرقة “العائدون للفن الإسلامي” بمباركة من الشيخ أحمد ياسين، وشارك في تأسيس جهاز الأمن الحركي الأول (أمن الدعوة) برئاسة الشيخ أحمد ياسين عام 1983.
وكُلف في عام 1986 بتشكيل منظمة الجهاد والدعوة (مجد)، وكان من أبرز قادتها، وقاد العديد من المواجهات الشعبية مع الاحتلال الإسرائيلي بين عامي 1982 و1988.
واعتقل في عام 1982 لمدة ستة أشهر في سجن الفارعة بسبب نشاطه المقاوم، ثم اعتقل مجددًا عام 1988 وحكم عليه بالسجن أربع مؤبدات، قضى منها 23 عامًا متواصلة في سجون العدو، منها أربع سنوات في العزل الانفرادي.
وتولى قيادة الهيئة القيادية العليا لأسرى حماس في السجون لعدة دورات، وقاد سلسلة من الإضرابات عن الطعام أبرزها في الأعوام 1992، 1996، 2000، و2004.
ويجيد اللغة العبرية وله عدة مؤلفات وترجمات سياسية وأمنية، منها ترجمة كتاب “الشاباك بين الأشلاء” وكتاب “الأحزاب الإسرائيلية”، بالإضافة إلى تأليف كتب مثل “حماس التجربة والخطأ”، و”المجد”، ورواية أدبية بعنوان “شوك القرنفل”.
وأفرج عنه في عام 2011 ضمن صفقة وفاء الأحرار بين حركة حماس والاحتلال، وكان له دور بارز في شروط الصفقة، مما دفع الاحتلال لعزله قبل إنجازها.
وبعد الإفراج عنه من السجون الإسرائيلية في صفقة وفاء الأحرار عام 2011، تزوج عام 2012 وأنجب ثلاثة أطفال: إبراهيم، وعبد الله، ورضا.
وانتخب عضوًا في المكتب السياسي لحركة حماس في قطاع غزة، وتولى مسؤولية الملف الأمني في عام 2012، ثم الملف العسكري في عام 2013.
وانتخب رئيسًا للمكتب السياسي لحركة حماس في قطاع غزة في فبراير 2017، وأعيد انتخابه لدورة ثانية عام 2021.
وتعرض منزله للقصف عدة مرات، في الأعوام 1989، 2014، 2021، وأخيرًا خلال حرب الإبادة على قطاع غزة في ديسمبر 2023.
وفي السادس من أغسطس 2024، انتخب لرئاسة المكتب السياسي لحركة حماس خلفًا للشهيد القائد إسماعيل هنية الذي اغتيل في العاصمة الإيرانية طهران.
كوكبة من قادة حماس الشهداء
باغتيال السنوار فإنه ينضم إلى كوكبة إلى كوكبة ضخمة من كبار قادة حماس الشهداء، وليثبت مجددا التحام الحركة في تقديم القادة قبل الجند مع تضحيات الشعب الفلسطيني.
إذ منذ تأسيسها عام 1987، تعرضت حماس لسلسلة طويلة من الاغتيالات طالت قيادات عسكرية وسياسية وازنة داخل الأراضي الفلسطينية وخارجها.
وتُعتبر عملية اغتيال عماد عقل، القيادي المؤسس في كتائب القسام، الجناح العسكري لحماس في مدينة غزة عام 1993، من أولى عمليات الاغتيال التي تعرضت لها الحركة، بعد ملاحقة لسنوات.
وعام 1996، اغتال الاحتلال الإسرائيلي يحيى عياش الملقب بـ”المهندس” والقيادي البارز في كتائب القسام، إثر عملية اغتيال جرت بعد تفخيخ هاتف نُقل إليه بواسطة أحد العملاء.
وعام 2001، قصفت طائرات إسرائيلية بالصواريخ مكتب الإعلام والدراسات التابع لحماس في مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، ليستشهد القياديين البارزين في الحركة جمال منصور وجمال سليم.
وفي نفس العام اغتال الاحتلال الإسرائيلي قائد كتائب القسام في الضفة الغربية محمود أبو الهنود بعد قصفه داخل سيارة في مدينة نابلس.
وفي العام 2002، اغتال الاحتلال الإسرائيلي القائد العام لكتائب القسام صلاح شحادة في منزله بحي الدرج شرقي مدينة غزة، بقنبلة تزن أكثر من طن.
وفي نفس العام اغتال الاحتلال القيادي البارز في حماس إسماعيل أبو شنب، عبر استهدافه بغارة جوية على سيارته التي كان يستقلها في مدينة غزة.
وفي العام 2004، اغتال الاحتلال الإسرائيلي القيادي التاريخي للحركة ومؤسسها الشيخ أحمد ياسين، بعد خروجه من صلاة الفجر من أحد مساجد حي الصبرة بمدينة غزة.
وبعد ذلك بأسبوعين، اغتال الاحتلال الدكتور عبد العزيز الرنتيسي الذي كان تولى للتو قيادة حماس خلفاً للشيخ ياسين؛ في غارة استهدفت سيارته في مدينة غزة.
وشهد العام نفسه اغتيال الاحتلال القيادي البارز في كتائب القسام عدنان الغول إثر قصف إسرائيلي استهدفه داخل سيارة.
وفي حرب الفرقان عام 2008-2009، اغتال الاحتلال الشيخ نزار ريان، ووزير الداخلية وأحد أبرز قيادات حماس سعيد صيام.
وفي العام 2010 اغتال عملاء الموساد الإسرائيلي القيادي البارز في كتائب القسام محمود المبحوح خلال تواجده في مدينة دبي في دولة الإمارات العربية المتحدة.
وفي العام 2012، اغتال الاحتلال القيادي البارز في كتائب القسام أحمد الجعبري، في غارة جوية استهدفته داخل سيارته وسط مدينة غزة.
وفي حرب العصف المأكول عام 2014، اغتال الاحتلال عضوي المجلس العسكري لكتائب القسام رائد العطار ومحمد أبو شمالة بعد استهدافهما في منزل في مدينة رفح.
الانتقام بالاغتيالات
وعقب عملية طوفان الأقصى التي تعد أكثر عمليات المقاومة الفلسطينية قوة وبسالة ضد الاحتلال، عمد الأخير إلى تكثيف سلاح الاغتيالات ضد قيادات حماس.
فبعد ثلاثة أيام من بدء حرب الإبادة الإسرائيلية، اغتال الاحتلال عضوي المكتب السياسي لحماس في غزة زكريا معمر وجواد أبو شمالة.
وفي 17 أكتوبر أعلنت كتائب القسام عن استشهاد أيمن نوفل العضو في المجلس الأعلى للكتائب في استهداف إسرائيلي على وسط قطاع غزة.
وفي 19 أكتوبر، استشهدت جميلة الشنطي العضو في المكتب السياسي لحماس وأول سيدة تشغل هذا المنصب في الحركة.
وفي 21 أكتوبر، أعلنت حماس عن استشهاد رئيس مجلس الشورى للحركة والقيادي البارز فيها أسامة المزيني في غارة إسرائيلية على مدينة غزة.
وفي 26 نوفمبر أعلنت كتائب القسام عن استشهاد أربعة من كبار قادتها العسكريين في استهداف إسرائيلي، هم أحمد الغندور عضو المجلس العسكري للكتائب وقائد لواء الشمال، ونائبه وائل رجب والقياديان رأفت سلمان وأيمن صيام.
ومطلع العام الجاري اغتال الاحتلال نائب رئيس المكتب السياسي لحماس صالح العاروري وستة آخرين من قيادات ونشطاء كتائب القسام في غارة إسرائيلية على العاصمة اللبنانية بيروت.
وفي تموز/يوليو أعلنت حركة “حماس”، عن اغتيال رئيس مكتبها السياسي السابق إسماعيل هنية في غارة إسرائيلية استهدفت مقر إقامته في العاصمة الإيرانية طهران.