تحليلات واراء

نزع سلاح المقاومة أقصر الطرق لمذبحة مليونية تطرد الفلسطينيين من أرضهم

تتصاعد التحذيرات من مخاطر طلب الاحتلال الإسرائيلي بدعم أمريكي بضرورة نزع سلاح المقاومة في قطاع غزة باعتبار ذلك أقصر الطرق لمذبحة مليونية تطرد الفلسطينيين من أرضهم وتهدد بتصفية شاملة لقضيتهم وحقوقهم الوطنية.

وتواصل دولة الاحتلال حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة منذ السابع من تشرين أول/أكتوبر 2023 بموازاة تشديد حصار القطاع واستخدام التجويع كسلاح ضد مواطنيه.

وفى 18 من الشهر الماضي، استأنفت دولة الاحتلال هجماتها العسكرية على قطاع غزة وسبقتها بحرب تجويع منذ 2 من الشهر نفسه، وإغلاق تام للمعابر كافة إلى غزة، ومنع دخول الغذاء والدواء.

وترافق ذلك مع إشهار دولة الاحتلال عمل وكالة أنشأتها لتنفيذ ما سمته حملة التهجير الطوعي لسكان غزة، وفتح المنافذ في مطار رامون في النقب المحتل، وميناء أسدود على البحر المتوسط.

وقد أطلقت الإدارة الأمريكية يد نتنياهو في خرق اتفاق وقف النار الذي رعته بنفسها، وفي استئناف حرب الإبادة بعدها، وتزويد دولة الاحتلال بأسلحة أمريكية جديدة بقيمة ثمانية مليارات دولار، بينها 40 ألفا من القنابل الضخمة الخارقة للتحصينات، تزن الواحدة منها ألفي رطل.

وحاليا يباهي جيش الاحتلال بإعادة احتلال أكثر من 30 في المئة من قطاع غزة، وجعل أكثر من مليوني فلسطيني في أحوال بؤس مفزع، يهيمون على وجوههم صباح مساء، وإجبارهم على النزوح من أماكنهم لعشرات المرات، ومن دون غذاء ولا ماء ولا دواء.

بتزامن ذلك مع قصف وتدمير ما تبقى من مستشفيات، وتحدي كل نداءات الدول والمنظمات الأممية، وتوقف كل المخابز، واهتراء خيام اللجوء، واتصال مشاهد مئات الآلاف من الفلسطينيين في رحلة العذاب اليومي، وهم يبحثون عن حفنة طعام في التكايا الخيرية، ويعود أغلبهم بالأواني الفارغة إلى ما تبقى من خيام وبطون خاوية، ومن دون الحصول على شربة ماء إلا ما ندر.

رغم ذلك كله فإن الشعب الفلسطيني ظل يواصل صموده، ويحتمل عذابا وتجويعا وتقتيلا وتقطيعا للأشلاء بما يفوق كل خيال أسود، ويفشل خطة التهجير الإسرائيلية الأمريكية.

ومع استئناف الوسطاء مقترحاتهم في محاولة للعودة إلى وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، لا سيما في ظل حاجة ترامب للهدوء قبيل زيارته المقررة إلى دول خليجية الشهر المقبل والتي يطمع من خلالها في جني تريليونات الدولارات الموعودة، وهو ما حرك جهودا في الكواليس.

وعليه فقد نشطت اقتراحات للوسطاء، كان بينها اقتراح مصري وافقت عليه حركة “حماس”، يقضي بإطلاق سراح ثمانية من المحتجزين الأمريكيين والإسرائيليين الأحياء، وثماني جثث مقابل مئات من الأسرى الفلسطينيين، ومقابل هدنة تستمر إلى نحو سبعين يوما.

وقد ردت دولة الاحتلال على المقترح المصري باقتراح مقابل، يزيد عدد الأسرى الأحياء المطلوب إطلاق سراحهم إلى 10 أو 11، ويقلص مدة الهدنة إلى أربعين يوما، تجري خلالها مفاوضات لوقف الحرب، ولكن مع وضع شروط إسرائيلية مسبقة.

أهم هذه الاشتراطات بقاء قوات الاحتلال في غزة دون انسحاب كامل، وأن تقبل حماس البحث في خطة التهجير التي سبق أن اقترحها ترامب، وأن تنزع الحركة وفصائل المقاومة سلاحها، ويجري ترحيل قادة جناحها العسكري إلى خارج غزة، وأن تسلم خرائط بمواقعها الحربية وأنفاقها ومخازن سلاحها.

وقد كشفت وسائل الإعلام الإسرائيلية عن شروط نتنياهو، الذي يواجه مآزق داخلية متزايدة الأثر، أبرزها سلاسل بيانات ضباط وجنود الاحتياط في الجيش والشرطة، وعشرات الآلاف من الكتاب والأكاديميين والأطباء والضباط السابقين والقادة في الموساد، ورؤساء أركان الجيش السابقين في احتجاجات غير مسبوقة باتساعها في تاريخ كيان الاحتلال منذ وجد.

ويعلق الكاتب المصري عبدالحليم قنديل أن نتنياهو يعرف جيدا أن حماس لن تقبل أيا من شروطه، وبالذات اقتراحه نزع سلاح المقاومة، أو قبول خطة تهجير الفلسطينيين.

ويبرز قنديل أن مصر قدمت في مقابل خطة التهجير الإسرائيلية، خطة لإعادة إعمار غزة، دون خروج فلسطيني واحد من أرضه، ولم يرد ذكر لنزع السلاح في نص الخطة المصرية، التي اعتمدت كخطة عربية شاملة في قمة 4 مارس الماضي، وخلت من أدنى إشارة إلى نزع سلاح حماس وحركات المقاومة.

لكن الخطة المصرية العربية قوبلت رفض إسرائيلي أمريكي لسبب رئيسي، هو أنها لا تتطرق بحرف إلى نزع سلاح حماس وفصائل المقاومة، وهو ما كان موضع امتعاض حتى من أنظمة عربية معروفة، تؤيد المطلب الأمريكي الإسرائيلي بنزع سلاح المقاومة، وخفضت مستوى تمثيلها في قمة القاهرة.

وختم قنديل بأن مصر والدول العربية فضلا عن الفصائل الفلسطينية تدرك تماما بأن “نزع سلاح المقاومة إن جرى لا قدر الله، هو أقصر الطرق لمذبحة مليونية تطرد الفلسطينيين من وطنهم”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى