مستشفيات شمال غزة خارج الخدمة.. موت محقق لآلاف السكان
أصبحت مستشفيات شمال قطاع غزة العامة الرئيسية الثلاثة، خارج الخدمة بسبب الحصار والقصف الإسرائيلي المتواصل للمنطقة منذ الخامس من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وأعلنت وزارة الصحة في غزة أن مستشفى آخر في شمال القطاع خرج عن الخدمة نتيجة القصف الإسرائيلي العنيف، مشيرة إلى أن ذلك سيؤدي إلى “موت محقق” لآلاف السكان المدنيين.
وذكرت الوزارة أن المستشفى الإندونيسي “لم يعد قادرا على تقديم الخدمات للمرضى أو الجرحى”، وذلك بعد أقل من عشرة أيام من تعرض مستشفى كمال عدوان لمصير مماثل واعتقال مديره حسام أبو صفية، ولا يزال مكانه ومصيره غير معلومين.
وأصبحت المستشفيات العامة الثلاثة في شمال قطاع غزة – مستشفى كمال عدوان، ومستشفى بيت حانون، والمستشفى الإندونيسي – خارج الخدمة بسبب العدوان الإسرائيلي، في وقت تؤكد وزارة الصحة أن “الصحة حق تكفله كافة القوانين والمواثيق”.
وطالبت الوزارة الجهات الدولية والمعنية بالضغط على الاحتلال لإعادة تشغيل مستشفيات شمال غزة في ظل حرمان آلاف المواطنين من الأطفال والنساء الحوامل والمرضى والجرحى من حقهم في الحصول على الخدمات الصحية وحكم عليهم بالموت المحقق في ظل انعدام كل مقومات الحياة.
مخاطر تدمير المستشفيات
قالت منظمة الصحة العالمية إن حياة 75 ألف شخص معرضة للخطر بسبب تدمير المستشفيات في شمال غزة.
ومنذ أوائل أكتوبر 2024، تحققت منظمة الصحة العالمية من وقوع ما لا يقل عن 50 هجومًا على المرافق الصحية في مستشفى كمال عدوان أو بالقرب منه في شمال غزة.
وعلاوة على ذلك، ووفقًا لبيان صادر في 28 ديسمبر عن مدير جمعية العودة للصحة والمجتمع، فإن مستشفى العودة في شمال غزة يتعرض لهجمات يومية بالقرب من مبانيه أو عليها، بسبب الهجمات الإسرائيلية.
وأكد البيان أن المستشفى يواجه نقصًا حادًا في الإمدادات الطبية والوقود ويحتاج بشكل عاجل إلى الغذاء والمياه ووحدات الدم والغازات الطبية لمواصلة تقديم الخدمات الأساسية.
ولفت إلى أن إغلاق وتدمير مستشفى كمال عدوان “أدى إلى القضاء على آخر مصدر لإنتاج الغاز الطبي” وأثر بشدة على الخدمات الحيوية مثل العناية المركزة وحاضنات الأطفال حديثي الولادة.
وحذرت منظمة الصحة العالمية من أن “مستشفى كمال عدوان والمستشفيات الإندونيسي خارج الخدمة بالكامل، ومستشفى العودة بالكاد قادر على العمل، وتضرره بشدة بسبب الغارات الجوية الأخيرة، فإن شريان الرعاية الصحية لأولئك في شمال غزة قد وصل إلى نقطة الانهيار”، داعية إلى تقديم الدعم العاجل لضمان قدرة المستشفيات في شمال غزة على العمل مرة أخرى.
الموت يلاحق الأطفال حديثي الولادة
حذرت منظمة اليونيسف من أن نحو 7700 مولود جديد يفتقرون إلى الرعاية المنقذة للحياة، مع استمرار انكماش قدرة رعاية الأطفال حديثي الولادة في جميع أنحاء قطاع غزة، وخاصة في شمال غزة، والتي كانت قبل أكتوبر/تشرين الأول 2023 تمثل ما يقرب من 60 في المائة من إجمالي أسرة المستشفيات المخصصة للأطفال حديثي الولادة.
وفي محافظة شمال غزة، فقدت الآن جميع سعة أسرة رعاية الأطفال حديثي الولادة في مستشفيات وزارة الصحة، بينما في محافظة غزة، لا يزال مستشفيان غير تابعين لوزارة الصحة فقط يقدمان رعاية الأطفال حديثي الولادة وسط قيود كبيرة – مستشفى جمعية أصدقاء المرضى ومجمع الصحابة الطبي – مع توفر خمسة أسرة للأطفال حديثي الولادة فقط في كل منهما.
ويواجه كلا المرفقين نقصًا حادًا في الحاضنات وأجهزة التنفس الصناعي عالية التردد والأدوية والإمدادات الأساسية، ويعتمدان على مصنع أكسجين واحد في مدينة غزة، والذي يفتقر إلى قطع الغيار ولا يكفي لتلبية الاحتياجات المتزايدة.
وفي 29 ديسمبر/كانون الأول، ناشد مدير طب الأطفال في مستشفى جمعية أصدقاء المرضى توفير المزيد من الأكسجين بشكل عاجل، محذرًا من أن المرفق لا يتلقى سوى 10 أسطوانات من الأكسجين في المتوسط يوميًا، مما يعرض حياة الأطفال حديثي الولادة للخطر.
ومع توافر وحدات العناية المركزة للأطفال حديثي الولادة في هذين المستشفيين فقط، فقد سعت العديد من الأسر إلى الحصول على الدعم العاجل في مرافق أخرى ذات موارد غير كافية، مما أدى إلى وفيات الأطفال حديثي الولادة التي يمكن الوقاية منها.
والوضع مأساوي بنفس القدر في وسط وجنوب غزة؛ ففي حين يوجد 64 سريراً في المستشفيات المخصصة للأطفال حديثي الولادة في مجمع ناصر الطبي وفي المستشفى الأوروبي ومستشفى الأقصى في خان يونس ودير البلح، تعمل هذه المرافق باستمرار فوق طاقتها بكثير، حيث يتجاوز إشغال أسرة الأطفال حديثي الولادة 100 في المائة.
وهناك أيضاً نقص حاد في أجهزة التنفس الصناعي، ومعدات العلاج بالضوء والضغط الهوائي الإيجابي المستمر، والإمدادات المنقذة للحياة مثل المضادات الحيوية، والغلوبولين المناعي الوريدي، والتغذية الوريدية الكاملة، والمواد الخافضة للتوتر السطحي لرعاية الأطفال حديثي الولادة.
وبسبب العبء الزائد عن الحد من الأجنحة وممارسات مكافحة العدوى المخترقة، فإن الأطفال حديثي الولادة أكثر عرضة لخطر الإصابة بالعدوى المكتسبة من المستشفيات، وفقاً لتقارير اليونيسف، وهو الوضع الذي تفاقم بسبب نقص أطباء الأطفال حديثي الولادة ووجود عدد قليل فقط من أطباء الأطفال ذوي الخبرة المحدودة في رعاية الأطفال حديثي الولادة.