بالتزامن مع استمرار الحملة الأمنية التي تشنها أجهزة أمن السلطة الفلسطينية ضد المقاومة في مخيم جنين، اعتمدت السلطة الفلسطينية بشكل أساسي على حركة “فتح” في محاولات لتشكيل رأي عام داعم لبرنامجها الأمني.
حشد شعبي لدعم حملة جنين
وفي الأيام الأخيرة، كثفت السلطة جهودها لتنظيم مسيرات مؤيدة لعمليتها الأمنية تحت شعار “ضد الفلتان الأمني”.
وأظهرت وثائق وتعميمات صادرة إلى الشركات والمدارس والهيئات الحكومية توجيهات واضحة بحشد الطلاب والموظفين والمدرسين للمشاركة في هذه المسيرات.
مساء الاثنين، خرجت إحدى هذه المسيرات في مدينة الخليل بدعم من أقاليم حركة فتح، حيث أُطلقت شعارات تدعم العملية الأمنية وبرنامج السلطة لـ”بسط النظام والقانون”.
وفي كلمته خلال المسيرة، صرح محافظ الخليل خالد دودين بأن “ما يجري في مخيم جنين يمثل جريمة من الخارجين عن القانون”، دون الإشارة إلى الفلسطينيين الأربعة الذين قُتلوا برصاص السلطة خلال الحملة الأمنية، وكان آخرهم الشهيد مجد زيدان.
وفي محافظة طوباس، نُظمت مسيرة مشابهة، حيث أكد محافظ طوباس والأغوار الشمالية، أحمد الأسعد، دعم القيادة الفلسطينية وحملتها الأمنية، متجاهلًا دعوات الاستغاثة من أهالي جنين المحاصرين.
مسيرات التضامن مع غزة
وانتقد مواطنون بشدة هذه المسيرات، معتبرين أنها جاءت لدعم السلطة في وقتٍ غابت فيه تمامًا عن المشهد خلال 14 شهرًا من حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة.
وأشار المواطنون إلى أن أجهزة أمن السلطة قمعت بشكل عنيف مسيرات التضامن مع غزة، كما حدث بعد مجزرة مستشفى المعمداني في 17 أكتوبر 2023، حين قتلت الطفلة رزان تركمان والشاب فراس تركمان في جنين، فيما دهست آلياتها محمود أبو لبن في رام الله، وأطلقت النار على محمد صوافطة في طوباس، ما أدى إلى استشهادهم.
وفي أعقاب المجزرة، وثقت مجموعة “محامون من أجل العدالة” اعتقال أكثر من 150 شخصًا لمشاركتهم في تظاهرات داعمة لغزة، كما تعرض المشاركون في هذه المسيرات للاعتداءات وإطلاق النار، ومنها ما حدث مع الأسير المحرر ضياء زلوم في رام الله.
تبرير الحملة الأمنية
في تصريحات رسمية، قال وزير الداخلية زياد هب الريح إن العملية الأمنية في مخيم جنين تستهدف “من لا يريد الالتزام بالبرنامج السياسي للسلطة”.
كما وصف الناطقون باسم السلطة الفلسطينية المقاومة بأنها “تهديد أمني”، مستخدمين مصطلحات مشابهة لتلك التي يطلقها الاحتلال الإسرائيلي مثل “الخارجين عن القانون”، “المخربين”، و”المشروع الإيراني”.
وانتقدت الفصائل الفلسطينية هذه الحملة، معتبرة أن الخطاب الرسمي للسلطة الفلسطينية يتجاوز القيم الوطنية، ويعزز الانقسام الداخلي، ويضرب النسيج الاجتماعي الفلسطيني.
ورأت هذه الفصائل أن هذه التحركات تأتي في سياق توفير غطاء سياسي وإعلامي لإجراءات السلطة الأمنية، وسط تجاهل واضح لمعاناة الشعب الفلسطيني تحت الحصار الإسرائيلي.