مفاوضات تحت النار.. خيار نتنياهو الذي ثبت فشله

مجددا لجأ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى خيار إجراء مفاوضات تحت النار رغم ثبوت فشله على مدار أكثر من 17 شهراً من حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة.
وبعد أقل من شهرين من سريان اتفاق وقف إطلاق النار، عمد نتنياهو إلى الانقلاب على الاتفاق باستئناف الهجمات العسكرية على نطاق واسع في قطاع غزة رافعا مجددا شعار “مفاوضات تحت النار” للإفراج عن الأسرى الإسرائيليين المتبقين في القطاع.
لكن نتنياهو بمقامرته الجديدة بالدماء، تجاهل أنه في كل صفقات التبادل التي تمت مع حركة المقاومة الإسلامية “حماس” وفصائل المقاومة منذ بداية حرب الإبادة الجماعية كانت عبر مفاوضات غير مباشرة، وأجبرت فيها دولة الاحتلال على وقف إطلاق نار، والإفراج عن آلاف الأسرى، منهم قرابة 300 حكم مؤبد، وغيرهم من ذوي الأحكام العالية.
بالتالي لم يحصل أن أدى الضغط العسكري الإسرائيلي لغير قتل المدنيين الفلسطينيين الذي وصل عدد الشهداء منهم لقرابة ال 50 ألف شهيد ونحو 10 آلاف أخرين من المفقودين، وتدمير قطاع وقتل مكونات الحياة، فضلا عن قتل حوالي 40 أسيراً إسرائيلياً.
والثابت أن حركة حماس وفصائل المقاومة لم تسلم أي أسير من دون ثمن وفي ظل وقف إطلاق النار ووقف العدوان ولم تخضع يوما لرؤية نتنياهو بالضغط العسكري.
ويبرز المراقبون أن استئناف الحرب على غزة متعلق بالأزمات الداخلية الإسرائيلية مثل أزمة إقالة رئيس جهاز الأمن الداخلي “الشاباك” وردود الأفعال المعارضة، وعقدة إقرار الموازنة في نهاية هذا الشهر أو تسقط الحكومة فورا، وعلاقة هذه الأزمة بتجنيد المتدنيين وتهديدهم بالانسحاب من الحكومة إذا لم يستجب لمطالبهم كلها تشجع على التصعيد.
ويعلق المحلل السياسي من غزة وسام عفيفة أن وقف إطلاق النار في غزة لم يكن سوى هدنة موقوتة في عقل نتنياهو، الذي قلب الطاولة وأعاد عقارب الموت إلى مربعها الأول.
ويشير عفيفة إلى أنه بضغط من وزراء أقطاب وصقور اليمين المتطرف، لم يمضِ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة إلى مرحلته الثانية، ليكشف من جديد أن الاحتلال لم يكن جادًا في إنهاء العدوان، بل كان يناور قبل جولة جديدة من القصف والدمار.
ويبرز أن حركة حماس قدمت كل المرونة المطلوبة لضمان تنفيذ الاتفاق، ساعية لفك الحصار وتخفيف معاناة أهل غزة، لكن الاحتلال كالعادة أفشل كل الجهود، ليؤكد أن الحرب عنده ليست معركة أمنية، بل ورقة سياسية بيد نتنياهو، يوظفها لصالح بقائه ولو على حساب أرواح الأبرياء.
ختم عفيفة بأنه بينما تتوالى الغارات الجوية والهجمات الإسرائيلية الدموية على غزة، يبقى السؤال: أين الوسطاء الذين ضمنوا الاتفاق؟ هل كانوا مجرد شهود زور في مسرحية خداع؟ أين المجتمع الدولي كي يتحمل مسؤوليته، أم أن الدماء ستكتب مجددًا شهادة سقوطه الأخلاقي أمام العدوان المستمر.