
في مشهد فجّ صدم المشاعر وأشعل موجة غضب عارمة، افتُتح “آيكون مول” في رام الله على وقع الأضواء والرقص، بينما كانت غزة تحترق تحت وابل من القصف والمجازر. لم يكن هذا مجرد افتتاح تجاري، بل صفعة قاسية في وجه دماء الأطفال وأنين الجرحى وصوت الركام.
وجاءت الانتقادات اللاذعة لتسلط الضوء على الهوة الأخلاقية والإنسانية المتزايدة بين نخب السلطة في الضفة، وبين واقع الموت والمعاناة في غزة المحاصرة، والانفصام القاتل بين جنازة تُشيّع في غزة واحتفال يُقام في الضفة، بين وطن يدفن شهداءه وآخر يقص شرائط الرفاهية.
افتتاح مول آيكون وسط المجازر في غزة
وعبّرت الناشطة الفلسطينية سمر حمد عن استيائها في تغريدة قالت فيها: “بينما كانت غزة تُقصف، كانوا هناك، على بعد ساعة فقط، يقصّون الشريط الأحمر لافتتاح مول جديد”.
وتابعت حمد: “في غزة تُهدم الأسقف على من فيها، وتُنتزع الحضّانات من تحت الرماد، ويُدفن المرضى تحت الأنقاض، بينما في رام الله تُضاء قاعات الرخام وتُصفق الأيادي للموضة والرفاهية”.
وأضافت بأسى: “أي انقسام هذا الذي شق الروح إلى نصفين؟ نصف يُحرق حيًا، ونصف يحتفل بأنوار الشركات وموسيقى العار؟ هل باتت المولات أعلى من minaret الجهاد؟”.
وانتقدت النخبة السياسية والاقتصادية التي شاركت في الحفل: “ما هذا الوطن الذي يُقصف طرفه الجنوبي، ويُقص شريط الرفاهية في طرفه الآخر؟ أليس فيكم رجل رشيد يطفئ الأضواء احترامًا لدم طفل لم يجدوا له مسعفًا؟”.
وأكدت حمد أن غزة لا تطلب مولات فاخرة، بل ممرًا آمنًا لسيارة إسعاف، ولا تنتظر عرض أزياء بل موقفًا يُدين الشراكة مع الاحتلال.
وكتبت: “سيسألكم الله عن هذه الليلة، عن العطور التي فاحت من صدوركم، بينما تفحّمت صدور الأطفال في أحضان أمهاتهم”.
من جانبه، قال المختص بالشأن السياسي أحمد الزعتري إن افتتاح المول يأتي في ظل إبادة جماعية متواصلة في غزة وتهجير مستمر في الضفة، مشيرًا إلى أن هناك فئة من أبناء الشعب باتت تتقاطع مصالحها مع الاحتلال على حساب كرامة الفلسطينيين.
وأضاف الزعتري: “مول رام الله ليس سوى نموذج جديد للخديعة، وإيهام العالم أن الوطن وأهله بخير، بينما الحقيقة تقول العكس تمامًا”.
ودعا الزعتري إلى مقاطعة كل من يساهم في تزييف الواقع والتطبيع مع الاحتلال، مطالبًا الشرفاء بعدم الصمت.
أما الصحفي أحمد البيتاوي، فقد وصف رام الله بأنها مدينة “تدفن رأسها في الرمال”، وقال إن الاحتفالات تقام على بعد دقائق من بوابة الاحتلال التي تعرقل حركة الفلسطينيين، فيما يستمر العدوان على غزة بلا هوادة.
وأما الناشط مزيد سقف الحيط فكتب بأسى: “زمان، لو مات شخص في الحارة، كانت الأفراح تؤجل أربعين يومًا، واليوم لدينا 50 ألف شهيد في غزة، وهناك من يرقصون على أنغام افتتاح محل جديد.. فعلاً اللي استحوا ماتوا”.