معالجات اخبارية

في خضم حرب الإبادة.. أزمة متفاقمة في الحصول على مياه الشرب في غزة

يواجه سكان قطاع غزة أزمة متفاقمة في الحصول على مياه الشرب، إذ أدى استمرار إغلاق المعابر الحدودية وحظر دخول الوقود إلى شلل محطات تحلية المياه. إضافة إلى ذلك، أدى إغلاق خطوط المياه الرئيسية إلى انخفاض حاد في كمية المياه المتاحة للسكان.

وقد ذكرت منظمة اليونيسف أن أعمال إصلاح الآبار ونقاط المياه الحيوية، التي بدأت خلال وقف إطلاق النار، توقفت بعد انهيار الهدنة، مما ترك العديد من مصادر المياه إما معطلة أو معرضة لخطر المزيد من الضرر.

وفقا للمنظمة، فإن حوالي مليون شخص – من بينهم 400 ألف طفل – يحصلون حاليا على ستة لترات فقط من الماء للشخص الواحد يوميا، بانخفاض عن المتوسط ​​السابق البالغ 16 لترا.

وحذرت اليونيسف من أن هذه الكمية قد تنخفض إلى أقل من أربعة لترات يوميا في حال نفاد الوقود في الأسابيع المقبلة. وهذا من شأنه أن يجبر العائلات على الاعتماد على مصادر مياه غير آمنة، مما يزيد بشكل كبير من خطر تفشي الأمراض، وخاصة بين الأطفال.

انخفاض كبير في إمدادات المياه

بحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية “أوتشا” من المرجح أن يؤدي الانخفاض الكبير في إمدادات المياه عبر خطوط الأنابيب من دولة الاحتلال، إلى جانب نقص الطاقة والوقود وقطع الغيار والوصول، إلى تعريض وصول الناس إلى مياه الشرب الآمنة في جميع أنحاء قطاع غزة للخطر وتعريضهم لظروف تهدد بقائهم وكرامتهم.

في الوقت الحاضر، يعمل خط أنابيب مياه واحد فقط من بين ثلاثة خطوط أنابيب مياه تابعة لشركة ميكوروت من إسرائيل إلى غزة – وهو خط بني سهيلة في خان يونس – وقد شهدت محطة تحلية المياه الرئيسية في جنوب غزة انخفاضًا بنسبة 85 في المائة في إنتاجها من المياه منذ أوائل مارس بعد انقطاع التيار الكهربائي من قبل دولة الاحتلال.

كان خط الأنابيب الثاني في دير البلح (بني سعيد) غير صالح للعمل منذ يناير 2025، بعد تعرضه لأضرار، دون أي إذن ممنوح حتى الآن من قبل السلطات الإسرائيلية للوصول بأمان وإصلاح الخط في المنطقة “المحظورة”.

وقد توقف خط الأنابيب الثالث إلى شمال غزة (المنطار) عن العمل منذ 3 أبريل 2025؛ وكان الخط يوفر في السابق ما يقرب من 50 في المائة من إمدادات المياه في محافظتي غزة وشمال غزة.

تقدر اليونيسف الآن أن الوصول إلى مياه الشرب لمليون شخص، بما في ذلك 400 ألف طفل، قد انخفض من 16 لترًا للشخص الواحد يوميًا خلال وقف إطلاق النار إلى ستة لترات فقط، محذرة من أنه إذا نفد الوقود في الأسابيع المقبلة، فقد ينخفض ​​هذا [الكمية] إلى أقل من أربعة لترات، مما يجبر العائلات على استخدام مياه غير آمنة، مما يزيد من خطر تفشي الأمراض، وخاصة بين الأطفال.

وتستكشف مجموعة المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية تدابير طارئة، مثل زيادة نقل المياه بالشاحنات من محطات تحلية المياه الخاصة وتوسيع استخدام آبار المياه الجوفية بشكل أكبر، لكن التحديات الخطيرة لا تزال قائمة، بما في ذلك الحصار المفروض على دخول الإمدادات الأساسية، بما في ذلك الوقود، وتقلص المساحة الإنسانية.

جريمة تعطيش ممنهجة

بحسب المكتب الإعلامي الحكومي في غزة فإن الاحتلال الإسرائيلي يواصل جريمة التعطيش الممنهجة بحق سكان قطاع غزة ويحوّل المياه إلى أداة إبادة جماعية وسلاح قتل بطيء.

وأبرز بيان للمكتب الإعلامي تعمد الاحتلال استهداف البنية التحتية المائية بشكل ممنهج، ووقف خطوط الإمداد، وتدمير محطات وآبار المياه، وقطع الكهرباء والوقود اللازم لتشغيل مرافق المياه والصرف الصحي.

كما عطّل الاحتلال عمداً خطي مياه “ميكروت” شرق مدينة غزة وفي المحافظة الوسطى، واللذين يوفران أكثر من 35 ألف متر مكعب من المياه يومياً لأكثر من 700 ألف مواطن، وأوقف كذلك خط الكهرباء الذي يغذي محطة تحلية المياه في منطقة دير البلح، مما أدى لتوقفها الكامل عن إنتاج المياه المحلاة، وعرّض حياة نحو 800 ألف مواطن في محافظتي الوسطى وخان يونس لخطر العطش الشديد.

وفي سياق هذه السياسة الممنهجة، قامت قوات الاحتلال بتدمير أكثر من 90% من بنية قطاع المياه والصرف الصحي، ومنع وصول الطواقم الفنية لإصلاح الأعطال، واستهداف العاملين أثناء أداء مهامهم الإنسانية، وكذلك منع الاحتلال دخول الوقود اللازم لتشغيل الآبار ومحطات التحلية، وسط استمرار انقطاع الكهرباء، وقصف خزانات المياه ومحطات التحلية وآبار المياه بشكل متعمد، وتحويل المياه إلى سلاح حرب وجريمة قتل جماعي بطيء.

وقد سجلت الطواقم والجهات الحكومية المختصة في قطاع غزة حتى اللحظة أكثر من 1,7 مليون حالة مرضية مرتبطة بالمياه، بينها حالات إسهال، والمرض المعوي الالتهابي الحاد الذي يطلق عليه “الزُّحار”، والتهاب الكبد الوبائي أ، فضلًا عن وفاة أكثر من 50 مواطنًا غالبيتهم أطفال بسبب الجفاف وسوء التغذية، في ظل تقاعس دولي مخزٍ عن وقف هذه الجرائم المروعة.

وحذر البيان من كارثة إنسانية وبيئية كبرى باتت تتهدد قطاع غزة المحاصر منذ 18 عاماً، والذي يتعرض للإبادة منذ أكثر من 550 يوماً بشكل متواصل، ونؤكد أن تعمد الاحتلال حرمان السكان من المياه يشكل جريمة حرب وفقًا لميثاق روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وجريمة إبادة جماعية كما خلصت إليها تقارير لجنة التحقيق الدولية الأممية، وانتهاكًا صارخًا للتدابير الاحترازية الصادرة عن محكمة العدل الدولية التي دعت إلى ضمان وصول المياه والغذاء لسكان غزة دون عوائق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى