تحليلات واراء

نزع سلاح المقاومة.. مصر تنحدر إلى مربع الوسيط المنحاز للاحتلال

باقتراحها نزع سلاح المقاومة للتوصل إلى اتفاق جديد لوقف إطلاق النار في غزة، سجلت مصر انحدارا هو الأخطر في تاريخها إلى مربع الوسيط المنحاز، في وقت تواصل فيه آلة الحرب الإسرائيلية ارتكاب جرائم إبادة جماعية بحق المدنيين في غزة، وتزداد المطالبات الشعبية في المنطقة بـموقف عربي حقيقي يساند المقاومة لا يضغط لتجريدها.

اقترحت القاهرة مؤخرا عرضا لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار يشمل تسليم السلاح، لتعيد إلى الأذهان ما تعرض له الشعب الفلسطيني من خداع عام 1948 عندما تم التآمر عليه لعدم المقاومة مقابل أن تحارب الدول العربية بالنيابة عنه.

كما يعيد الاقتراح المصري ما شهدته لبنان من تسليم سلاح منظمة التحرير وترحيل قادتها ليتم ارتكاب أبشع الجرائم بحق المدنيين الفلسطينيين عبر مجازر مروعة مثل “صبرا وشاتيلا”.

وبينما تتدفق أحدث شحنات الأسلحة والمعدات العسكرية من كل أطراف العالم إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي، فإن ومصر التي يفترض بها أن تدافع عن الفلسطينيين تضغط عليهم من أجل تسليم السلاح البسيط الذي يدافعون به عن أنفسهم.

وفي تطور صادم لمجريات المفاوضات غير المباشرة لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار، كشف قيادي بارز في حماس عن تفاصيل مثيرة تمخضت عن الجولة الأخيرة التي ترعاها القاهرة.

وأوضح القيادي أن الوفد المفاوض لحماس فوجئ بأن المقترح المصري يتضمن نصًا صريحًا يربط وقف الحرب بنزع سلاح المقاومة الفلسطينية، في خطوة وصفها مراقبون بأنها انحياز مخزٍ لصالح رواية الاحتلال الإسرائيلي.

ووفقًا للمصادر، أبلغت السلطات المصرية وفد حماس صراحةً أن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار لن يتم ما لم يتم التفاوض على سلاح المقاومة، وهو ما اعتبرته الحركة شروطًا تعجيزية تهدف إلى نزع جوهر المقاومة الفلسطينية.

وقد رفضت حماس بشكل قاطع هذا الطرح، وأكدت للجانب المصري أن “المدخل الحقيقي لأي اتفاق” هو وقف العدوان فورًا، وانسحاب قوات الاحتلال من قطاع غزة، مشددة على أن سلاح المقاومة خط أحمر وغير قابل للنقاش.

وأكدت حماس أن أي محاولة للمساس بخيار المقاومة أو تقديمه على حساب دماء الشهداء وحقوق الشعب الفلسطيني لن تُقابل إلا بالرفض الشعبي والميداني.

في هذه الأثناء صرح وزير حرب الاحتلال الإسرائيلي يسرائيل كاتس، إن مصر، ولأول مرة، اشترطت من أجل صفقة شاملة وإنهاء الحرب، تفكيك سلاح حركة حماس، وتجريد قطاع غزة من السلاح، وهو ما يتناقض مع حديث وسائل إعلام مقربة من القاهرة عن أنه مقترح للاحتلال وهي قامت بنقله فقط.

وأوضح كاتس في منشور عبر حسابه الرسمي على موقع إكس: “الضغط على حماس لتنفيذ الصفقة كبير، ولأول مرة اشترطت مصر من أجل إنهاء الحرب تفكيك سلاح حماس ونزع السلاح من القطاع”.

وكانت قناة “القاهرة الإخبارية”، حذفت خبرا لها قبل يومين، ذكرت فيه أن مصر وحدها سلمت حركة حماس الورقة الإسرائيلية، التي تتضمن نزع سلاح المقاومة، وقامت بإضافة قطر إلى الخبر المحدث.

وكتبت القناة: “مصر وقطر تسلمتا مقترحا إسرائيليا بوقف مؤقت لإطلاق النار في غزة، وبدء مفاوضات تقود لوقف دائم لإطلاق النار”. وأضافت أن “مصر وقطر سلمتا حركة حماس المقترح الإسرائيلي، وتنتظران ردها في أقرب فرصة”.

وقد أثار الحديث عن مسألة نزع سلاح المقاومة في قطاع غزة خلال المفاوضات الجارية في القاهرة، ردود فعل غاضبة بشدة على مواقع التواصل الاجتماعي.

وبدأ مغردون باستذكار تعليقات تاريخية لقادة المقاومة الفلسطينية بشأن هذا الملف، وأعادوا نشرها عبر وسم “سلاحنا_كرامتنا”، فيما وصف آخرون مقترح تسليم السلاح بأنه “نكتة سمجة”.

من جهته عقب الباحث والمحلل السياسي وسام عفيفة بأنه “عندما يتحدث الاحتلال عن نزع سلاح المقاومة في غزة، فهو لا يعني تجريد فصيل من معداته، بل يسعى لانتزاع حق شعبٍ بأكمله في الدفاع عن قضيته ووجوده”.

وأبرز عفيفة أن سلاح المقاومة في غزة لم يكن يومًا ترسانةً كلاسيكية قابلة للجرد أو التسليم. بل هو خلاصة عقود من النضال، تراكمت عبر أجيال، وسط ظروف قهرية من الاحتلال والحصار والاستهداف.

وقال إن هذا السلاح وُلد في قلب الاحتلال، حين كانت دباباته تجوب شوارع غزة، وواصل تطوره رغم القصف والتضييق السياسي، كفعلٍ مستمر للنضال الفلسطيني منذ الستينات.

وأضاف “المعركة التي يسعى الاحتلال لحسمها اليوم بشروط “الاستسلام” ليست عسكرية فقط؛ بل معركة على الذاكرة والوعي والمعنى. لأن سلاح غزة ليس مجرد بندقية، بل هو تعبير عن إرادةٍ تقاوم، وصوت عشرات آلاف الشهداء والجرحى الذين قاتلوا دفاعًا عن الحق الفلسطيني”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى