تحليلات واراء

الاستبداد والحروب داخليا وخارجيا.. قواسم مشتركة بين ترامب ونتنياهو

يجتمع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في إطار تحالف استبدادي ضد القضاء والدولة العميقة ويجعهما قواسم مشتركة تقوم على الحكم الفردي وشن الحروب داخليا وخارجيا.

وقال تحليل لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، إن ترامب ونتنياهو يعكسان بعضهما البعض بينما يخوضان حربًا ضد حكوماتهما ويحاولان بمنطق القوة تحقيق مصالحهما الشخصية.

وبحسب التحليل فإنه إذا لم يكن واضحًا من قبل أن نتنياهو يرى أن لديه حليفًا في معركته ضد النائب العام للبلاد، والقضاة، وحتى رئيس جهاز الأمن الداخلي، فقد أوضح ذلك مساء الأربعاء.

فقد كتب نتنياهو في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي: “في أمريكا وفي (إسرائيل)، عندما يفوز زعيم يميني قوي في الانتخابات، يقوم اليسار العميق بتسليح النظام القضائي لإحباط إرادة الشعب”. وأضاف: “لكنهم لن ينتصروا في أي من البلدين! نحن نقف معًا وبقوة”.

وكان هذا التصريح المتحدي، بأسلوب ترامب، أحدث دليل على أن نتنياهو وترامب يتبعان نفس الأسلوب لتحقيق أهداف متشابهة بشكل لافت؛ وهي تحجيم السلطة القضائية، وتفكيك نظام الرقابة الذي يقيّد صلاحياتهم، وتقويض مصداقية المسؤولين في أجهزة الأمن القومي الذين يرون أنهم يقفون ضدهم.

وتأتي هذه التحركات في وقت اصطف فيه ترامب بسياساته في الشرق الأوسط بشكل كامل لدعم نتنياهو، بما في ذلك منحه حرية تجديد الحرب على غزة، وإطلاق ضربات جوية أمريكية ضد جماعة أنصار الله “الحوثيين” في اليمن.

في هذا الأسبوع وحده، دعا ترامب من واشنطن إلى عزل قاضٍ فيدرالي كان يسعى للحصول على معلومات أساسية حول جهوده للترحيل الجماعي، كما أقال اثنين من المفوضين الديمقراطيين في لجنة التجارة المستقلة، وتلقى توبيخًا من قاضٍ آخر قال إن تقليص إدارته لوكالة المساعدات الخارجية من المحتمل أنه ينتهك الدستور الأمريكي.

بدوره أقال نتنياهو رئيس جهاز الأمن العام الداخلي “الشاباك”، رونين بار، وهو ما يعادل مكتب التحقيقات الفيدرالي في الولايات المتحدة، وذلك بعدما بدأ الجهاز تحقيقات مع مساعدين لنتنياهو.

وجاءت إقالة رئيس الشاباك بعد أسابيع من إعلان حكومة نتنياهو خططًا لعزل النائب العام “غالي بهاراف-ميارا”، وهي مسؤولة قضائية غير حزبية تم تعيينها من قبل الحكومة السابقة، وأثارت إحباط نتنياهو بعدما أبطلت بعض قراراته استنادًا إلى أسس قانونية.

الحكم دون رقابة

قال تحليل نيويورك تايمز “تمامًا مثل ترامب، يسعى نتنياهو للحد من نفوذ الأجهزة الرقابية الداخلية والسلطات القضائية، التي تابعت تحقيقات ضده وضد حلفائه”.

وأضاف “كما هو الحال مع ترامب، يواجه نتنياهو اتهامات جنائية يقول إنها ادعاءات كاذبة من بيروقراطيين يساريين غير منتخبين. ويخضع نتنياهو حاليًا للمحاكمة في قضية فساد ممتدة منذ سنوات، تُجبره على المثول أمام المحكمة عدة مرات شهريًا”.

وقال آرون ديفيد ميلر، الخبير في شؤون الشرق الأوسط في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي: “الاستبدادية التي يتبناها ترامب أعطت نتنياهو فرصة غير مسبوقة لفرض توجهاته على (إسرائيل)”.

وأضاف: “شعبية ترامب في (إسرائيل) والتطابق الكامل في الأفكار بينه وبين نتنياهو في تقويض استقلالية القضاء ومحاربة اليسار تعزز موقف نتنياهو وتمنحه الطاقة للاستمرار”.

وأشار ميلر إلى أن نتنياهو طالما استلهم نهجه من قادة استبداديين آخرين، مثل رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان، مضيفًا أن معركته ضد ما يصفه بـ”الدولة العميقة” سبقت وصول ترامب إلى السلطة.

وقد خضع نتنياهو لأول تحقيقات الشرطة بشأن قضايا الفساد في أوائل عام 2017، قبل أسابيع من تولي ترامب منصبه.

وعندما بدأت محاكمته عام 2020، وقف نتنياهو على درج المحكمة في القدس المحتلة متهمًا الادعاء والشرطة ووسائل الإعلام بمحاولة مشتركة “لإحباط إرادة الشعب”. وهو متهم بمنح امتيازات تنظيمية لرجال أعمال ومالكي وسائل إعلام مقابل هدايا وتغطية إعلامية إيجابية، وهي تهم ينفيها.

وبدأت محاولات نتنياهو الرسمية لتقويض سلطة القضاء عام 2022، عندما قدمت حكومته الائتلافية تشريعات تهدف إلى الحد من صلاحيات المحكمة العليا ومنح الحكومة مزيدًا من السيطرة على تعيين القضاة. وبعد احتجاجات جماهيرية واسعة، علّقت الحكومة معظم تلك التحركات لأكثر من عام.

لكن يبدو أن نتنياهو استعاد الزخم بعد انتخاب ترامب في نوفمبر، إذ أعادت حكومته إحياء خطة إصلاح نظام تعيين القضاة، وتعمل على تمرير القانون في البرلمان.

وقال مسؤول إسرائيلي مطلع على تفكير نتنياهو إن انتخاب ترامب منحه ثقة أكبر لاتخاذ خطوات استفزازية داخليًا وفي الحرب على غزة، التي استأنفها هذا الأسبوع بعد الانقلاب على اتفاق وقف إطلاق النار.

وأثناء التحقيق معه، أقال ترامب جيمس كومي، مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي، بعدما رفض تبرئة ترامب علنًا من تهم التواطؤ مع روسيا، ورفض أيضًا إسقاط التحقيق بشأن مايكل فلين، مستشار الأمن القومي السابق للبيت الأبيض.

وبعد ثماني سنوات، أقنع نتنياهو حكومته بإقالة رونين بار، رغم الاحتجاجات الواسعة في شوارع القدس هذا الأسبوع ضد عزله لرئيس الشاباك. ويوم الجمعة، أصدرت المحكمة العليا الإسرائيلية أمرًا مؤقتًا بتجميد قرار إقالة بار حتى تتمكن من النظر في الطعون المقدمة ضد القرار.

وقال ألون بينكاس، المعلق السياسي والقنصل العام الإسرائيلي السابق في نيويورك، إنه من المشكوك فيه أن يكون نتنياهو قد تحرك ضد رئيس الشاباك لولا وجود ترامب في السلطة.

وأضاف أن الزعيمين يشتركان في نفس الرؤية السياسية، وأنهما “تبنيا لغة متطابقة”. ويستخدم ترامب ونتنياهو تلك اللغة بانتظام لتقويض وسائل الإعلام، التي يعتبرانها مؤسسة معادية. وأفادت هيئة البث الإسرائيلية “كان” هذا الأسبوع بأن نتنياهو استلهم قرار عزل بار خلال اجتماع مع ترامب في واشنطن الشهر الماضي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى