تحليلات واراء

السلطة الفلسطينية عاجزة وبلا استراتيجية بمواجهة العدوان الإسرائيلي الشامل

أدى التصعيد الشديد في الهجمات الإسرائيلية على الضفة الغربية المحتلة إلى إضعاف السلطة الفلسطينية أكثر وجعلها في حالة من عدم الاستقرار في وقت تبدو قيادتها منعزلة وعاجزة وبلا استراتيجية.

والأشد من ذلك أن تمسك قيادة السلطة بالتنسيق الأمني بل والعمل العلني ضد فصائل المقاومة أضعفها أكثر وجعلها في وضع بائس داخليا وخارجيا.

ومنذ أيام أطلق جيش الاحتلال الإسرائيلي أكبر عملية عسكرية في الضفة الغربية منذ عام 2002 وهاجم جنين وطولكرم وطوباس ومدن وقرى أخرى.

وقامت الجرافات العسكرية بتدمير البنية التحتية الحيوية، مما أدى إلى قطع الاتصالات والموارد عن العديد من المدن الفلسطينية ومخيمات اللاجئين.

وهذه هي الخطوة الأخيرة في إطار هجوم إسرائيلي أوسع نطاقاً، يتميز بالاعتقالات والقتل بشكل يومي تقريباً، في الضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية منذ بدء حرب الإبادة على غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وفي حين أن الرئيس محمود عباس وإدارة السلطة الفلسطينية يدينون الغارات الإسرائيلية بشكل متكرر، فإنهم ظلوا عاجزين وبلا أي رد فعل إلى حد كبير عن مواجهتها.

مع الاحتلال لا ضده

قال جمال جمعة، وهو ناشط ومحلل فلسطيني بارز “كانت تصرفات السلطة الفلسطينية ولا تزال سلبية تماما”.

وأبرز جمعة أن السلطة الفلسطينية، رداً على تصرفات الاحتلال الإسرائيلي قامت بالفعل باعتقال شباب مطلوبين للسلطات الإسرائيلية.

وبحسب جمعة “أتصور أن بعض الغضب الموجه حاليا نحو الاحتلال سينتقل نحو السلطة الفلسطينية عاجلا أو أجلا”.

وذكر أن إدارة السلطة “كانت عدوانية تجاه الشعب الفلسطيني” و”كان ينظر إليها على أنها متواطئة في الهجمات”، بما في ذلك من خلال تقديم المعلومات الاستخباراتية لإسرائيل.

وتوظف السلطة الفلسطينية، 21% من القوة العاملة الفلسطينية. ومع ذلك، فقد واجهت صعوبة في دفع الرواتب في السنوات الأخيرة بسبب حجب الحكومة الإسرائيلية لعائدات الضرائب.

وتسعى دولة الاحتلال إلى “تقليص دور السلطة الفلسطينية” إلى شيء أشبه بالبلديات بدلاً من هيئة سياسية أكبر، بحسب عضو بارز في حركة فتح تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته.

وقال إن (إسرائيل) لا تريد تفكيك السلطة الفلسطينية بشكل كامل، بل تهدف إلى جعلها عاجزة تخدم فقط التنسيق الأمني.

وتابع “يريد الإسرائيليون إبقاء السلطة الفلسطينية على حالها العاري ـ معطلة ولكنها لا تنهار تماما، ولكن النهج الإسرائيلي يجعل انهيار السلطة الفلسطينية أمراً لا مفر منه”.

“تذكير بعام 1948”

بالنسبة للعديد من الفلسطينيين، فإن الغارات الإسرائيلية الأخيرة على الضفة الغربية هي تجسيد لخطة وزير المالية اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش لضم المنطقة إلى دولة الاحتلال.

وقال جمعة إن (إسرائيل) تواصل تقليص الوجود الفلسطيني إلى مساحة ضئيلة، “وتوفير طرق بديلة للمستوطنين، وهندسة جغرافية الأرض”.

وأضاف أن الطرق الرئيسية تعرضت للتدمير بالجرافات، فيما تم قطع البنى التحتية والموارد المدنية.

وتابع “إنهم يتبعون نفس السياسات التي يتبعونها في غزة: محاصرة المستشفيات التي تقدم الرعاية الطبية للجرحى، وقطع الكهرباء والمياه، وتدمير البنية التحتية”.

وأضاف “طلبوا من سكان المخيمات المغادرة”، في إشارة إلى التعليقات التي أدلى بها وزير الخارجية الإسرائيلي هذا الأسبوع والتي حث فيها الفلسطينيين على “إخلاء” منازلهم.

وقال المسؤول في فتح إن “إفراغ عدد كبير من سكان الضفة الغربية” هو أحد الأهداف الرئيسية للحكومة اليمينية المتطرفة الإسرائيلية.

منذ 7 أكتوبر 2023، نزح أكثر من 3000 فلسطيني بسبب هدم جيش الاحتلال الإسرائيلي لمنازلهم في الضفة الغربية.

وفي الفترة ذاتها، سجلت الأمم المتحدة 1250 هجوماً من جانب المستوطنين الإسرائيليين على الفلسطينيين.

وقال جمعة “كل يوم هناك تقارير عن عمليات قتل واعتداءات وهجمات… وعصابات إرهابية منظمة تذكرنا بتلك التي كانت في عام 1948”.

انقسام داخل فتح

وقال القيادي البارز في حركة فتح إن المقاومة للإجراءات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة تسبب انقسامات داخل الحركة التي تعاني خلافات داخلية.

وأشار إلى أنه حيثما تتصاعد العدوانية الإسرائيلية، يتضاءل دور السلطة الفلسطينية أكثر فأكثر. ونتيجة لهذا، فإن الفلسطينيين “سيحصلون على الحرية للدفاع عن أنفسهم وتنظيم شؤونهم بشكل مستقل عن السلطة الفلسطينية”.

وأضاف أنه من أجل أن تكتسب إدارة السلطة النفوذ والتأييد، فإنها بحاجة إلى تقديم رؤية استراتيجية ووضع خلافاتها مع الفصائل الأخرى جانباً.

وفي الشهر الماضي، عقدت محادثات في بكين بين حركتي حماس وفتح، إلى جانب أكثر من اثني عشر فصيلاً فلسطينياً آخر، في محاولة لتحقيق الوحدة بعد الحرب.

وكانت المحاولات السابقة لتحقيق الوحدة قد تعثرت بسبب الخلافات حول البرامج السياسية ووجهات النظر المختلفة بشأن المقاومة المسلحة.

وقال محمد مناصرة، وهو لاجئ فلسطيني في مخيم الفارعة بالضفة الغربية، إن الكثير من الفلسطينيين سيواصلون دعم مجموعات المقاومة رغم الاعتداءات الإسرائيلية.

وأضاف “ارتكبت (إسرائيل) العديد من المجازر… بهدف الضغط على المقاومة، في محاولة لإخراج الشارع ضد المقاومة. لكن هذا لن يتحقق، ولا طريق لإقامة الدولة الفلسطينية إلا بالمقاومة والوحدة الوطنية والصمود”.

 

المصدر/ Middle East Eye

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى