فتح إذ تسيء لتاريخها ومقاصد شهدائها وتبرر للاحتلال جرائمه
قوبل إصدار حركة “فتح” بيانا يوم السبت يهاجم حركة “حماس” وفصائل المقاومة ويتعهد بالتصدي لما وصفته “المغامرات” في الضفة الغربية المحتلة، بانتقادات واسعة وسط إجماع على أن فتح تسيء لتاريخها ومقاصد شهدائها وقادتها التاريخيين.
وقالت فتح في بيان نشره الإعلام الرسمي التابع للسلطة الفلسطينية، إنها “لن تسمح لحماس أن تعيد إنتاج مغامراتها في الضفة الغربية” في إشارة صريحة إلى المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي.
واعتبرت فتح أن حماس “وفرت الذرائع المجانية للاحتلال كي ينفّذ أكبر حرب إبادة بحق شعبنا في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023” في تكرار لادعاء يؤكد المراقبون أنه يستهدف تبرئة الاحتلال والتغطية على جرائمه.
وفي محاولة غير مباشرة للدفاع عن الحملة الأمنية القمعية ضد فصائل المقاومة في جنين، قال بيان فتح إن “الأجهزة الأمنيّة الفلسطينيّة بوصفها الامتداد الطبيعيّ والتاريخيّ للثورة الفلسطينيّة المعاصرة، تقدّم صفوة أبنائها شهداء؛ للحفاظ على المشروع الوطنيّ الفلسطينيّ من العبث أو المصادرة”.
إساءة لفتح نفسها قبل حماس
عقب القيادي في فتح والسفير السابق في السلطة الفلسطينية عدلي صادق بأن بيان فتح حمل “ما يُسيء لتاريخ الحركة قبل إساءته لحماس، في الوقت الذي ما تزال فيه المقاومة تخوض المعركة، ويمارس جيش العدو القتل اليومي، وهو الذي يستحق مثل هذه البيانات العدائية”.
وأكد صادق أن “في بعض هذه الإساءة (في بيان فتح)، ما يمس شرف ومقاصد شهداء حركة فتح، فالصياغة الفاسدة، تجعل الحركة قدمت الشهداء، ليس دفاعاً عن وطنها وطلباً لتحريره أو على الأقل سعياً إلى الاستقلال الوطني، وإنما دفاعا عن (القرار الوطني المستقل)”.
وقال إن ذلك “يؤكد على أن الذين صاغوا بيان فتح تعمدوا عدم إزعاج العدو بالتغاضي عن الأهداف التي قامت من أجلها حركة فتح، وكأنها انطلقت واستمرت من أجل الدفاع عن (قرار مستقل) لا نعلم من الذين يهجمون عليه أو يمنعوننا من اتخاذه،ـ بل لا نعرف ما هو هذا القرار أصلاً”.
وأضاف “في المضمون، يجعل البيان جوهر المأزق وسبب الحرب هو أن حماس رَهنت” نفسها لإيران، علماً بأن عنصر الربط الوحيد بين إيران وحماس هو موضوع المقاومة التي من أعرافها الراسخة أن يرحب المقاومون بأي عون لهم من أي جهة جاء”.
وأشار صادق إلى فتح نفسها كانت تتلقى الإعانة من الجزائر والمملكة العربية السعودية وكانت الطرف الذي يقدم معونة لإيران نفسها قبل الإطاحة بحكم الشاه في طهران.
إغفال جرائم الاحتلال
شدد صادق على أنه “العيب في هذا الكلام، هو إغفال الأفعال الإجرامية النازية التي يمارسها العدو في حرب الإبادة (على غزة)، وجعلها ردات فعل سببتها (ذرائع) خلقتها حماس متعمدة، بل إن هذه الذرائع كانت ـ حسب البيان ـ هدف حماس أصلاً”.
وقال إن فتح تجاهلت أن المقاومة نفذت هجوم طوفان الأقصى ردا على جرائم الاحتلال وأن المحتلين هم الذين استهدفوا الشعب نفسه وبدأوا في التدمير وفي قتل الأبرياء بالجملة، قاصدين محو ما يستطيعون من سكان قطاع غزة.
وأضاف “كان المقاومون عندما هجموا قد أعدوا أنفاقهم للاحتماء بها، لكن حرب الإبادة عندما بدأت استهدفت فئات الشعب كله، ومن بينه المنتمون لحماس من غير المقاومين وكان الاستهداف يركز على النخب المدنية من أساتذة جامعيين وكفاءات علمية، وطاولت النيران عشرات الألوف من الناس دون تمييز”.
وأكد صادق أنه “من العيب الفاضح إطلاق الكلام وكأن 7 أكتوبر لم يسبقه شيء، لا قتل يومياً في الضفة، ولا جرائم للمستوطنين يومية، ولا اجتياحات يومية للأقصى، ولا حصارات مستدامة وتضييق خناق، ولا استلاب حقوق وحتى تعذيب للسلطة نفسها على مستوى أموال المقاصة، ولا إنكار صهيونياً لوجود قضية للشعب الفلسطيني”.
وقال “لو إن فتح الحقيقية، هي التي تريد مناقشة موضوع الحرب بلغة سياسية، لكان بمقدورها أن تطرح رؤيتها لمسببات الحرب ونتائجها، دون أن ترتفع المسؤولية عن الذين أسهموا في استمرار الانقسام ومحو المؤسسات الدستورية وتجريف المجتمع من السياسة، والعناد وصد دعاوى الإصلاح الذي ظلت تحث عليه أطراف شعبية فلسطينية وإقليمية ودولية، والإصرار على الاستحواذ على صلاحيات السلطة من قبل أفراد بأقل من عدد أصابع اليد الواحدة، دون تفويض أو حوار أو حتى تشاور”.
وبينما شدد على الحاجة منذ سنوات طويلة إلى ضرورة التوافق على استراتيجية عمل وطني واحدة مُلزمة للجميع، ختم صادق مخاطبا قيادة فتح بأن “من يتهم طرفاً بارتهان لإيران أو غيرها، سيتهمه الآخر بالارتهان لإسرائيل، فكفانا مهاترات”.