تحليلات واراء

أحمد الشرع يخطب ود واشنطن على حساب القضية الفلسطينية

أظهر استعداداه للتطبيع

يحذر مراقبون من أن جردة حساب لرئيس المرحلة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع تظهر بجلاء سعيه إلى كسب ود الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها على حساب القضية الفلسطينية.

ويبرز المراقبون بهذا الصدد التصريحات المثيرة التي أدلى بها الشرع لمجلة الايكونوميست البريطانية وتضمنت إبداء استعداده للتطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي دون أي ذكر للملف الفلسطيني.

ففي المقابلة المذكورة قال الشرع إن دولة الاحتلال الإسرائيلي “بحاجة إلى التراجع” عن الأراضي التي احتلتها خارج خطوط الهدنة لعام 1974 بعد سقوط نظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد.

وعندما سُئل عما إذا كان مستعدًا لأن يحذو حذو ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في تطبيع العلاقات مع الاحتلال الإسرائيلي، أجاب: الشرع “في الواقع، نحن نريد السلام مع جميع الأطراف”.

لكنه أشار إلى أنه طالما أن (إسرائيل) تحتل الجولان، الهضبة التي احتلتها عام 1967، فإن أي اتفاق سيكون سابقًا لأوانه، مؤكدًا أن أي خطوة في هذا الاتجاه ستتطلب “رأيًا عامًا واسعًا”.

تغييب قضية فلسطين عن الأجندة السورية

كان لافتاً غياب القضية الفلسطينية، سواء في خطاب الشرع في “مؤتمر النصر” مؤخرا، أو في خطاب القيادات العسكرية الأخرى التي مثّلت الشرعية الثورية التي نصّبته رئيساً.

ولا يعد هذا مصادفةً، فمنذ دخول الثوار دمشق فاتحين في الثامن من كانون أول/ديسمبر 2024، ورغم القصف الإسرائيلي الذي لم يتوقّف، والاعتداءات الإسرائيلية التزم الشرع وحلفائه الصمت التام.

إذ لم يتخذ الشرع أي موقفا إزاء مسارع الاحتلال الإسرائيلي إلى استثمار الفرصة، بعد انهيار نظام الأسد، وقيامه بتدمير منهجي كبير لكل الأسلحة الاستراتيجية، وحتى التقليدية، ومخازن السلاح وسلاح الجو وسلاح البحرية السوري، ولم يُبقِ ولم يذر كل ما طاولته يده، محاولاً بذلك جعل عملية إعادة بناء جيش وطني في سورية وتطوير قدراته تتطلب سنين طويلة.

فقد نفذ سلاح الجو الإسرائيلي في 11 ديسمبر/ كانون الثاني 2024 عمليةً جوية واسعة النطاق في سوريا، وُصفت بأنها “أكبر عملية في تاريخ سلاح الجو الإسرائيلي”، وشاركت فيها 350 مقاتلة استهدفت مواقعَ تمتدّ من دمشق إلى طرطوس. واستمرت عدّة أيام، وهذا كلّه رسالة واضحة: إضعاف ومنع تسلّح النظام الجديد.

وتثبت الوقائع أن الاحتلال الإسرائيلي لا يريد فتح صفحة سلام مع القيادة الجديدة في سوريا، بقدر ما يخطط لتفكيك البلاد وإعادة تركيبها اعتماداً على حلف الأقليات.

فبكل وقاحة، تحدّث وزير الجيش الإسرائيلي كاتس عن التحالف مع “قسد” والدروز، وخرجت أصوات سورية علوية تطالب الاحتلال الإسرائيلي بالتدخل لحماية السوريين من أبناء الطائفة.

ولعلّ أخطر وأوقح تصريح كان لكاتس في أثناء زيارته قمّة جبل الشيخ: “الجيش الإسرائيلي سيبقى في قمّة جبل الشيخ وفي المنطقة الأمنية لفترة غير محدودة … لن نسمح لقوات معادية بالتمركز في المنطقة الأمنية جنوبي سوريا من هنا وحتى محور السويداء- دمشق، وسنعمل ضد أي تهديد”…

وبهذا وسّعت دولة الاحتلال “منطقة نفوذها” حتى طريق السويداء – دمشق، وتهدّد بوقاحة الدولة السورية من أيّ تحرّك لبسط نفوذها ونزع السلاح في السويداء.

وهنا يتساءل مراقبون “هل يعقل أن تدين الأمم المتحدة وعدد من الدول العربية؛ العربدة الإسرائيلية بتدمير مقدّرات الدولة السورية العسكرية، واجتياحها للمنطقة العازلة في الجولان، فيما يصمت الشرع ورئيس حكومته على ذلك بشكل مطبق؟”.

إرضاء واشنطن وحلفائها

بحسب المراقبين فإن أولوية الشرع تركزت منذ وصوله إلى السلطة في سوريا على رفع “هيئة تحرير الشام” من لوائح الإرهاب وتقديم نفسه للمجتمع الدولي عبر الاعتقاد أن الولايات المتحدة وحلفائها سيغيّرون مواقفهم بناء على مطلب أو اثنين.

الأدهى أن الإعلام الرسمي السوري كان يفرد التغطية لتطورات حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة ثم أوقفها كليا منذ مطلع العام الجاري تقريبا، ومنذ ذلك الحجب يحجب بشكل شبه كلي كل أخبار فلسطين.

وحتى الاستثناءات القليلة من الإعلام السوري في تغطية الشأن الفلسطيني، ظهرت صادمة مثل بث خبر إعلان كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس عن “مقتل” عددا من كبار قادتها.

في هذه الأثناء يلاحظ أن الشرع امتنع حتى الآن عن استقبال أو أي تواصل علني مع فصائل المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها حركة المقاومة الإسلامية “حماس” رغم التطورات الخطيرة الجارية في الأراضي الفلسطينية.

في المقابل استقبل الشرع في قصر الشعب في العاصمة السورية دمشق قبل أسبوع، رئيس وزراء حكومة رام الله محمد مصطفى على رأس وفد رسمي من السلطة الفلسطينية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى