السلطة الفلسطينية تعيد تقديم أوراق اعتمادها بمواجهة المقاومة
تحاول السلطة الفلسطينية إعادة تقديم أوراق اعتمادها لدى الولايات المتحدة الأمريكية والأطراف الدولية بمواجهة المقاومة والعمل على سحقها في إطار التنسيق الأمني “المقدس” مع دولة الاحتلال الإسرائيلي.
وأبرزت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية مبادرة السلطة الفلسطينية إلى نشر قوات أمنية إضافية ضد عناصر المقاومة في الضفة الغربية لا سيما في جنين، وذلك بناء على ضغوط من الولايات المتحدة لتصعيد “عمليات فرض القانون والنظام”.
وأعلنت السلطة عن حملة علنية غير عادية ضد المقاومين في الضفة الغربية المحتلة يوم السبت، حيث أرسلت مركبات مدرعة إلى شوارع المدينة واشتبكت مع عناصر المقاومة.
وقال أنور رجب المتحدث باسم أجهزة الأمن الفلسطينية إن قوات الأمن بدأت بالانتشار في مدينة جنين “لإنهاء الفتنة والفوضى”. وتدير السلطة بعض مناطق الضفة الغربية الخاضعة للاحتلال الإسرائيلي.
فيما صرح رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى “لا يجوز السماح باستمرار هذا الوضع. ومن المؤسف أننا نحتاج الآن إلى نشر قوات الأمن لفرض النظام. ولكننا لن نشاهد بلدنا يدمر ونلتزم الصمت”.
وتصاعد التوتر في الضفة الغربية بشكل حاد منذ هجوم “طوفان الأقصى” الذي شنته حركة حماس على جنوب دولة الاحتلال الإسرائيلي في 7 أكتوبر 2023 وبدء حرب الإبادة في غزة.
ضغوط أمريكية على السلطة
وبحسب واشنطن بوست حث المسؤولون الأميركيون السلطة الفلسطينية مؤخراً على “تصعيد عمليات فرض القانون والنظام في الضفة الغربية”، وفقاً لدبلوماسيين غربيين ومسؤول أمني فلسطيني مطلع على الأمر.
كما طلب المسؤولون الأميركيون من الحكومة الإسرائيلية الحد من مداهماتها ضد المسلحين في جنين لإتاحة الوقت لأجهزة أمن السلطة الفلسطينية للعمل، على حد قولهم. وتتلقى قوات الأمن الفلسطينية الرسمية التمويل والتدريب جزئياً من الولايات المتحدة.
وبحسب الصحيفة فإنه على الرغم من أن السلطة تحظى بدعم دولي، فإن سيطرتها في الداخل لا تحظى بشعبية على نطاق واسع وهشة على نحو متزايد. ويرى العديد من الفلسطينيين أن السلطة، التي تأسست بعد اتفاق “سلام” مع دولة الاحتلال في التسعينيات، غير فعالة وفاسدة.
وقالت تهاني مصطفى، كبيرة المحللين في مجموعة الأزمات الدولية، إنه في مواجهة إدارة ترامب القادمة وحكومة يمينية إسرائيلية جريئة، ربما كان محمود عباس، رئيس السلطة، يشعر بالقلق من تهميشه.
وأضافت مصطفى: “يحاول محمود عباس أن يُظهر أنه يسيطر على كل شيء، وأنهم قادرون على قمع المقاومة”.
وسيطرت القوات الإسرائيلية على الأحياء الفلسطينية لعدة أيام في كل مرة، بحثًا عن مقاومين مشتبه بهم بينما كانت الجرافات تتجول في الطرق بحثًا عن المتفجرات.
الخيانة عندما تصبح وجهة نظر ونهج فعلي
أقر رجب علنا بأن القوات الفلسطينية تواصل عمليات الاعتقال وتفكيك العبوات الناسفة في محاولة “لاستعادة السيطرة على مخيم جنين من الخارجين عن القانون الذين يدمرون حياة المواطنين”. وأضاف أنه ليس من الواضح إلى متى ستستمر العملية.
وكانت القوات الفلسطينية قد بدأت بالفعل في الانتشار بشكل أكثر عدوانية في جنين خلال الأسبوع الماضي، قبل الإعلان عن العملية يوم السبت. وقد أدت العمليات المكثفة والاشتباكات مع المقاومين إلى وضع المدنيين في مرمى النيران أيضًا.
وأعلنت السلطة الفلسطينية يوم الجمعة مسؤوليتها عن قتل الشاب رابحي شلبي (19 عاما) في جنين بعد يومين من تداول مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي يظهر فيه وهو يتعرض لإطلاق نار.
وكان المسؤولون الفلسطينيون قد ألقوا باللوم في البداية على “مخالفي القانون” في جريمة قتل الشاب.
وقد استنفرت السلطة أعلى مستوياتها السياسية والأمنية إلى مدينة جنين، لا لمواجهة “إسـرائيل” ومستوطنيها – لا سمح الله-، إنما للقضاء على كتـيبة مخـيم جنين التي بقيت عصية على جيش الاحتلال منذ تأسيسها قبل أربع أعوام.
وبوحدتي العمليات الخاصة الأعلى جهوزية في أجهزة السلطة: 101 التابعة لجهاز الأمـن الوطني، و”كتيبة أسد” التابعة لجهاز حرس الرئاسة، وغيرها من الوحدات التي لم يكشف عنها بعد، تشن السلطة عمليتها العسـكرية على مخيم جنين.
وتستعين في ذك بمئات العناصر الملثمة التي تحمل أسـلحة الكـلاشـنكوف والـ M16، وعشرات الجيبات الجديدة شديدة التحصين، وطائرات مسيرة إسرائيلية ترصد سماء المخيم.
وقد بدأت العملية باغتيـال أحد قادة كتـيبة جنين، الشهيد يزيد جعايصة (28 عاماً) الذي نجا مرات عدة من محاولات الاغتيال السابقة، وقتـل الطفل محمد العامر ابن عم الشـهيدين أيهم وأيسر العامر، واقتحام منازل لعوائل شـهداء، ومنع الطواقم الصحفية وطواقم الإسعاف من الدخول إلى المخيم.
يأتي ذلك فيما تكشف بعض مخططات الاحتلال عن نيته إلغاء السلطة وتحويلها إلى بلديات صغيرة تُدير بعض القرى والبلدات وهو ما يعبر عن محاولات السلطة المستميتة النجاح بالامتحان الإسرائيلي متوسلة بقاءها كشركة أمنية.