اقتصاد الضفة الغربية يتداعى نحو الانهيار التام
بالتوازي عن حرب الإبادة الإسرائيلية في غزة، يتعرض اقتصاد الضفة الغربية للتدمير ويتداعى نحو الانهيار التام.
ومع إغلاق نقاط التفتيش، لم يعد بإمكان العرب من داخل الخط الأخضر الوصول إلى جنين وطولكرم للتسوق، ولم يعد بإمكان الفلسطينيين في الضفة الغربية المغادرة للعمل وهو ما أدى إلى خفض الدخول وتهور الأوضاع الاقتصادية أكثر.
قبل أقل من ثلاث سنوات، أنفق واصف فرحات ثلاثة ملايين دولار أميركي لافتتاح مطعم فخم من طابقين، وهو مطعم علي بابا.
وكان المطعم، الذي يتميز بمدخله المثير للإعجاب، وأرضياته الحجرية المصقولة، وثرياته المتلألئة، ولوحاته الجدارية الملونة على الأسقف العالية، بمثابة التزامه بمستقبل أفضل.
يقع علي بابا في جنين على بعد دقائق قليلة بالسيارة من معبر “الجلمة” العسكري، والذي يعبر من خلاله المواطنين العرب إلى الضفة الغربية.
لكن منذ بدء حرب الإبادة على غزة تم إغلاق الحاجز.
تدهور اقتصادي شامل
احتجزت الحكومة الإسرائيلية معظم أموال عائدات الضرائب الفلسطينية، وفرضت قيودا أوسع نطاقاً على الفلسطينيين.
وانهار الاقتصاد في شمال الضفة الغربية، ويبدو المستقبل الأفضل الذي توقعه فرحات الآن أبعد من أي وقت مضى.
إن الحرب التي تدمر غزة، تؤدي أيضاً إلى إفقار الضفة الغربية، التي أصبحت بمثابة جبهة ثانية في حرب الإبادة الإسرائيلية.
ولم تدفع السلطة الفلسطينية، التي تدير أجزاء من الضفة الغربية سوى نحو 50% من الرواتب المستحقة لموظفيها الذين يقدر عددهم بنحو 140 ألف موظف.
وفي الضفة الغربية ككل، والتي يبلغ عدد سكانها نحو ثلاثة ملايين نسمة، اختفت 144 ألف وظيفة منذ أكتوبر/تشرين الأول، وفقد 148 ألف فلسطيني كانوا يعملون في “إسرائيل” وظائفهم، وفقاً للبنك الدولي.
وقبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول، كان معدل البطالة في الضفة الغربية نحو 13%، مقارنة بنحو 45% في غزة.
معدلات بطالة متزايدة
كان لدى فرحات، 51 عامًا، 53 موظفًا في مطعمه ومطعم آخر أقدم في وسط المدينة. وقال: “الآن لدي 18 موظفًا فقط لأن العمل انخفض بنسبة 90 بالمائة”.
انخفضت نسبة المبيعات في مطعم علي بابا الفخم المكون من طابقين، وقال فرحات إن “الناس خائفون من مغادرة منازلهم”.
إذ أن العرب ليسوا الزبائن الوحيدين الذين فقدهم المطعم، بل إن الفلسطينيين المحليين توقفوا عن القدوم إلى هنا أيضاً.
ويقول فرحات إن المواطنين يفتقرون إلى المال، ويخشون استمرار توغلات الجيش الإسرائيلي.
وفي أجزاء كبيرة من جنين، وخاصة بالقرب من مخيم اللاجئين، قامت القوات الإسرائيلية باستخدام الدبابات والجرافات المدرعة بتمزيق الطرق وقطع أنابيب المياه والصرف الصحي، وكسر خطوط الكهرباء، وتحطيم العديد من واجهات المحلات التجارية ومكاتب الأمم المتحدة، بما في ذلك عيادة طبية تم تجديدها مؤخرًا. والمشهد مماثل في طولكرم، حيث يوجد مخيمان للاجئين.
وتعرضت أجزاء كبيرة من مدينة جنين، وخاصة بالقرب من مخيمها للاجئين، لعمليات اجتياح شرسة من قبل القوات الإسرائيلية.
ولم تؤد هذه المداهمات إلا إلى تفاقم البؤس في ظل اقتصاد فاشل.
ويقول عمار أبو بكر (49 عاما) رئيس غرفة تجارة جنين التي تمثل 5000 شركة إن 70% من هذه الشركات تكافح من أجل البقاء.
ويضيف أبو بكر أن الغرفة تعمل على إصلاح الطرق الرئيسية التي دمرتها القوات الإسرائيلية لأن السلطة الفلسطينية ليس لديها أموال كافية لمثل هذا العمل.
وبالإضافة إلى الأضرار التي لحقت بالقطاع الخاص نتيجة إغلاق نقاط التفتيش، فقد تقلص الاقتصاد بسبب الإضرابات العامة التي استمرت لأشهر.
خطر الانهيار المالي
وفي تقرير صدر مؤخرا، قال البنك الدولي إن الصحة المالية للسلطة الفلسطينية “تدهورت بشكل كبير في الأشهر الثلاثة الماضية، مما يزيد بشكل كبير من خطر الانهيار المالي”.
وأشار إلى “الانخفاض الحاد” في التحويلات الضريبية من الحكومة الإسرائيلية والانخفاض الهائل في النشاط الاقتصادي”.
وتحدث البنك الدولي عن “انخفاض كبير في النشاط الاقتصادي” في الضفة الغربية.
وقد أثارت الإجراءات الرامية إلى حرمان السلطة الفلسطينية من الأموال، والتي يضغط عليها أعضاء اليمين المتطرف في الحكومة الإسرائيلية الذين يريدون ضم الضفة الغربية وإعادة توطين غزة، قلق إدارة بايدن.
ويخشى المسؤولون الأمريكيون من أن يؤدي الانهيار الاقتصادي في الضفة الغربية إلى المزيد من التصعيد الميداني.
وقد مارس المسؤولون الأميركيون ضغوطاً على الحكومة الإسرائيلية للإفراج عن الضرائب المحتجزة، والتي تشكل نحو 70% من دخل السلطة الفلسطينية.
وفي الثالث من يوليو/تموز، وافقت إسرائيل على الإفراج عن 116 مليون دولار، لكن السلطة الفلسطينية قالت إنها تستحق لها نحو 1.6 مليار دولار.
وفي الضفة الغربية ككل، بحسب البنك الدولي، اختفت 144 ألف وظيفة منذ أكتوبر/تشرين الأول، وفقد 148 ألف فلسطيني كانوا يعملون في “إسرائيل” وظائفهم.
المصدر/ نيويورك تايمز