بريطانيا تُبقي الجزء الأكثر خطوة في صادراتها العسكرية إلى دولة الاحتلال
رغم إعلان بريطانيا عن تعليق 30 ترخيصا لصادراتها العسكرية إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي بسبب مخاوف من جرائم حرب في غزة، فإنها أبقت على الجزء الأكثر خطورة من تلك الصادرات.
ويتعلق ذلك بالمكونات المصنعة في بريطانيا التي تشكل أكثر من 15% من طائرات إف-35 المقاتلة، ما أثار انتقادات حقوقية وسياسية واسعة لحكومة حزب العمال البريطاني.
وجاء تعليق التراخيص في أعقاب المراجعة التي أجرتها حكومة حزب العمال الجديدة والتي وجدت أن الأسلحة المصنوعة في بريطانيا ربما استخدمت في انتهاك القانون الإنساني الدولي في غزة.
ورحب نشطاء حقوق الإنسان ونشطاء حملات الأسلحة الذين ضغطوا من أجل تعليق كامل لمبيعات الأسلحة إلى “إسرائيل” لعدة أشهر بالقرار، لكنهم انتقدوا استمرار تصدير مكونات طائرة إف-35 المقاتلة والتي توصف بأنها “العمود الفقري لحملة القصف الوحشية الإسرائيلية”.
يشمل التعليق، الذي أعلنه وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي في البرلمان يوم الاثنين، مكونات أنواع أخرى من الطائرات العسكرية، بما في ذلك الطائرات المقاتلة والمروحيات والطائرات بدون طيار.
ولا يزال نحو 320 ترخيصا آخر، بما في ذلك مواد للاستخدام المدني، سارية المفعول.
وبموجب معايير تصدير الأسلحة، فإن الحكومة البريطانية ملزمة بتعليق تراخيص تصدير الأسلحة إذا قررت أن هناك خطراً واضحاً من استخدام الأسلحة البريطانية في انتهاكات خطيرة للقانون الإنساني الدولي.
وجاء الإعلان عن التعليق قبل ساعات من قيام منظمتين، كانتا قد تحديتا الحكومة البريطانية في المحكمة العليا بشأن استمرار الصادرات، باتخاذ إجراءات قانونية جديدة في محاولة لإجبار الصادرات على التوقف على الفور.
وقال محامون من شبكة العمل العالمية ليجان (جلان) ومقرها المملكة المتحدة ومنظمة حقوق الإنسان الفلسطينية الحق إنهم أبلغوا الحكومة الأسبوع الماضي بنيتهم طلب أمر طارئ وكانوا يخططون للقيام بذلك في جلسة استماع صباح الثلاثاء.
لكن في وقت متأخر من يوم الاثنين، قالت المنظمات إنها ستدرس الآن ما إذا كان الحظر المعلن “واسع النطاق بما يكفي لمواجهة خطورة الوضع وتقييم ما إذا كانت هناك حاجة لمزيد من التقاضي”.
وقالت المحامية البارزة في منظمة جلان، ديربلها مينوغ، إن “القرار المهم الذي اتخذته الحكومة يثبت كل ما كان الفلسطينيون يقولونه منذ أشهر”، مضيفة أن “حكومة المملكة المتحدة أصبحت في موقف محرج”.
أقل من المطلوب
في غياب مكونات مقاتلات إف-35 المدرجة في قائمة الحظر، قال نشطاء وجماعات حقوق الإنسان التي دعت إلى وقف شامل لصادرات الأسلحة البريطانية إلى “إسرائيل” لعدة أشهر إن الإعلان كان أقل من المطلوب.
وقالت ياسمين أحمد، مديرة منظمة هيومن رايتس ووتش في المملكة المتحدة: “لقد استغرق تعليق تراخيص التصدير وقتاً طويلاً ولم يكن كافياً”.
وتابعت “إن اختيار الحكومة البريطانية إعفاء مكونات طائرة إف-35، وهي العمود الفقري لحملة القصف الوحشية التي شنتها (إسرائيل)، يُظهر إما سوء فهم للقانون أو تجاهلًا متعمدًا.”
وفي الساعات الأخيرة كشفت وكالة الأنباء الدنماركية “إنفورميشن” أن الجيش الإسرائيلي استخدم طائرة مقاتلة شبحية من طراز “إف-35” في هجوم يوم 13 يوليو/تموز على منطقة آمنة محددة في غزة، مما أسفر عن قتل 90 شخصا على الأقل في مجزرة مروعة.
فيما قال سام بيرلو فريمان، منسق الأبحاث في حملة مناهضة تجارة الأسلحة، إن إعفاء أجزاء من طائرات إف-35 لإسرائيل كان “أمرا فظيعا وغير مبرر تماما”.
وأضاف أن “هذه هي إلى حد بعيد الإمدادات الأكبر من الأسلحة التي تقدمها المملكة المتحدة للجيش الإسرائيلي، واليوم فقط حصلنا على تأكيد بأنها استخدمت في واحدة من أفظع الهجمات في الأشهر الأخيرة”.
وقالت آنا ستافرياناكيس، مديرة الأبحاث والاستراتيجية في مؤسسة شادو وورلد إنفستيجيشنز ومقرها المملكة المتحدة، إنه بدون تعليق مكونات مقاتلة إف-35، فإن التعليق “يبدو وكأنه محاولة لتهدئة المنتقدين أكثر من كونه تقييدًا ذا مغزى لقدرة (إسرائيل) على ارتكاب إبادة جماعية”.
بدوره قال كريس دويل، مدير مجلس تعزيز التفاهم العربي البريطاني، إنه من غير العادي أن يستغرق الأمر “11 شهراً من المذابح والفظائع” حتى تتوصل الحكومة إلى استنتاجاتها، وهو أمر “لا يغتفر”.
ولكنه قال أيضا إن هذه الخطوة كانت خطوة مرحب بها ويمكن البناء عليها. وأضاف: “العنصر الأكثر أهمية هو أن الحكومة البريطانية تقبل للمرة الأولى أن (إسرائيل) انتهكت القانون الدولي في غزة”.
من جهته قال جوش بول، المسؤول الأميركي السابق الذي استقال في أكتوبر/تشرين الأول الماضي احتجاجا على نقل الأسلحة الأميركية إلى (إسرائيل)، “مع اعتراف أقرب حليف لأميركا، المملكة المتحدة، الآن بالخطر الواضح والجلي المتمثل في الأذى والانتهاكات القانونية المتأصلة في استمرار نقل الأسلحة إلى (إسرائيل)، لا يسعنا إلا أن نأمل في أن تأخذ الولايات المتحدة علما بذلك وتحذو حذوها”.