تحليلات واراء

المقاومة تحطم أسطورة الحلم الإسرائيلي في نتساريم مجددا

حطمت المقاومة الفلسطينية أسطورة الحلم الإسرائيلي في الاحتفاظ بالسيطرة على محور نتساريم مجددا بعد أن أرغمت الاحتلال على الانسحاب الكامل في إطار اتفاق وقف إطلاق النار.

ومحور نتساريم (مفرق الشهداء) ممر يفصل مدينة غزة وشمالها عن المنطقة الوسطى وجنوب قطاع غزة، سمي على اسم مستوطنة كانت قائمة قبل 2005 في مكانه.

ويعيد انسحاب الاحتلال من محور نتساريم الذي فصل قطاع غزة إلى قسمين شمالي وجنوبي، التصريحات المتشددة لكبار المسئولين في دولة الاحتلال بشأن رفض الانسحاب من المحور وضرورة السيطرة عليه مستقبلا.

ما هو ممر نتساريم؟

ممر نتساريم هو امتداد من الأرض يبلغ طوله 6 كيلومترات ويقسم شمال غزة إلى جنوبها.

تم إنشاؤه من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال حرب الإبادة الجماعية على غزة ويمتد من الحدود الإسرائيلية مع مدينة غزة إلى البحر الأبيض المتوسط.

وتم تسمية هذا الخط التعسفي على اسم مستوطنة نتساريم، إحدى المستوطنات الإسرائيلية غير الشرعية التي كانت موجودة في قطاع غزة قبل الانسحاب الإسرائيلي في عام 2005.

وقد يكون هذا الاسم إشارة إلى إعادة إنشاء المستوطنات غير القانونية في القطاع – وهو الأمر الذي دعا إليه وزراء إسرائيليون من اليمين المتطرف بشكل متكرر منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول.

يقع ممر نتساريم بين مدينة غزة والمحافظة الوسطى، يبدأ من المنطقة المقابلة لكيبوتس “بئيري” شرقا، وصولا إلى ساحل البحر الأبيض المتوسط غربا، يبلغ طوله حوالي 7 كيلومترات، وسمي على اسم مستوطنة “نتساريم” السابقة التي كانت مقامة فيه.

تجاوره منطقتا جحر الديك والمغراقة، ويقطعه شارع صلاح الدين من المنتصف، وتحده مدينتا الزهراء والأسرى من جنوبه الأوسط وجنوبه الغربي، كما يشغل حي الزيتون المساحة الكبرى من حدوده الشمالية، أما الجهة الشمالية الغربية فتجاوره منها منطقتا الصبرة والشيخ عجلين.

وتعد منطقة نتساريم شبه خالية من السكان فمعظمها أراضٍ زراعية، وبها قليل من المؤسسات والمنشآت.

كان يتألف ممر نتساريم من قواعد عسكرية، وتستخدمه قوات الاحتلال الإسرائيلية لمراقبة وضبط حركة الفلسطينيين بين شمال وجنوب غزة. كما تم

استخدامه لشن عمليات عسكرية.

رأى محللون أن السيطرة الإسرائيلية على الممر الذي تم إنشاؤه حديثا شكل محاولة لفرض سيطرة دائمة على الحياة في غزة بعد الحرب، دون احتلال الأراضي بالكامل بالضرورة وهو أمر رفضته المقاومة بالمطلق.

خضوع بالانسحاب الكامل

أكمل جيش الاحتلال السيطرة على المحور، يوم 14 تشرين ثاني/نوفمبر 2024، ليقطع قطاع غزة إلى نصفين ويحاصر الجزء الشمالي منه، ويمنع تنقل السكان بين شماله وجنوبه.

ولاحقا كشف الاحتلال في آذار/مارس 2024، عن شقه طريقا أطلق عليه اسم الطريق 749، والذي يمتد من ما يعرف بغلاف غزة وحتى البحر غربا، وتوسيعه بشكل عرضي عبر تدمير كل المباني السكنية فيه بصورة تشي إلى رغبة الاحتلال بإعادة إحياء الاستيطان فيه، فضلا عن تصريحات المستوطنين بالعودة إلى المكان.

ومن المعروف أن محور نتساريم كان في الأصل إحدى مستوطنات الاحتلال قبل الانسحاب أحادي الجانب من قطاع غزة عام 2005.

فقد كانت مستوطنة نتساريم في قلب مشروع “الأصابع الخمسة” الاستيطاني الذي قدمه رئيس وزراء الاحتلال السابق أرييل شارون عام 1971 عندما كان قائدا للمنطقة الجنوبية والمتكون من خمسة تجمعات استيطانية على بحر غزة وحتى سيناء، حيث مثلت قاعدة التمركز العسكري والاستيطاني بسبب موقعها الاستراتيجي.

وأنشئت مستوطنة نتساريم عام 1972 وأخليت منتصف 2005 بأمر من شارون نفسه.

وتشكل نتساريم عنوانا لخيبة الاحتلال، وخسائره المتكررة، وعدم القدرة على البقاء في أرض احتلها، وقال شارون في بدايات الانتفاضة الثانية، إن نتساريم مثل تل أبيب، والدفاع عنها وبقاؤها أمر ثابت.

لكن شارون قبل الانسحاب من غزة، أطلق تصريحه الشهير: “قريبا هو اليوم الذي نخرج فيه من نتساريم”، وهو ما حدث بالفعل حيث قام بإخراج المستوطنين منها بالقوة، وهدم كافة مبانيها قبل الانسحاب نهائيا من القطاع.

وتكرر سيناريو نتساريم مع بنيامين نتنياهو، والذي أطلق تصريحات متشددة منذ العدوان على غزة، بالبقاء في نتساريم، وعدم الانسحاب منها، واعتبارها عنوانا للانتصار على حركة حماس في غزة، وإحكام السيطرة على القطاع، قبل أن ينسحب من المحور بالكامل، صبيحة اليوم 9 شباط/فبراير.

ففي 19 تشرين ثاني/نوفمبر 2024، قام نتنياهو بزيارة مع وزير الجيش “يسرائيل كاتس” ورئيس الأركان هرتسي هاليفي ورئيس الشاباك رونين بار، إلى محور نتساريم، سجل كلمة وخلفه البحر.

وفي حينه قال نتنياهو: “حماس لن تكون في غزة بعد الآن وسنقضي عليها”، واستعرض خططا وصورا للمشاريع التي سيقيمها الاحتلال في محور نتساريم وإحكام السيطرة عليه.

وفي بدايات عام 2024، أطلق نتنياهو تصريحات، ترفض عودة النازحين إلى شمال قطاع غزة، وأكد على احتفاظهم بمحور نتساريم تحت السيطرة العسكرية.

لكن نتنياهو سرعان ما أجبر على الخضوع لمطالب المقاومة بالانسحاب الكامل من محور نتساريم الذي يشهد مقتل أكثر من 30 ضابطا وجنديا عبر عمليات القنص والكمائن فضلا عن حرب الاستنزاف التي خاضتها المقاومة ضد المحور بمواصلة قصفه بالصواريخ القصيرة المدى وقذائف الهاون بصورة شبه يومية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى