مخاطر تلاشي الخطوط الحمراء للعالم العربي في مواجهة التغول الإسرائيلي
حذر موقع Middle East Eye البريطاني، من مخاطر تلاشي الخطوط الحمراء للعالم العربي في مواجهة التغول الإسرائيلي سواء في قطاع غزة أو الضفة الغربية أو لبنان وحتى ساحات عربية قادمة.
وقال الموقع إن قرار الحكومة الإسرائيلية بتوسيع الحرب إلى لبنان ينبع من سلسلة من الأهداف التي ستؤثر على المنطقة بأسرها. ويتعين الاعتياد على فكرة مفادها أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مهتم بسنوات من القتال والدمار غير المتناسب في مختلف أنحاء الشرق الأوسط.
وأشار الموقع إلى أنه مر عام تقريبا منذ بداية حرب الإبادة الجماعية في غزة، حيث يذكّر تدمير “إسرائيل” للبنية الأساسية بتدمير المدن خلال الحرب العالمية الثانية. وقد فعلت ذلك في انتهاك صارخ للقانون الدولي، وكل ذلك في حين تتلقى دعما غربيا ساحق.
الدمار النجاح الوحيد
أبرز الموقع البريطاني أن التدمير الذي تم إحداثه في غزة يمكن اعتباره النجاح الوحيد الذي حققته “إسرائيل” في حربها الحالية على غزة، والتي بنيت على الإخفاقات الأخلاقية والقانونية التي ارتكبها الغرب.
فعلى الأرض في غزة، تواجه “إسرائيل” معضلة صعبة سوف تشكل مستقبل البلاد: أزمة الأسرى الإسرائيليين، التي تلاشت من الخطاب العام في خضم الحرب على لبنان.
وتنقسم الخريطة السياسية الإسرائيلية إلى معسكرين رئيسيين بشأن الحرب: معسكر عسكري يميني يعتقد أن المجتمع الإسرائيلي يجب أن يحول ثقافته من ثقافة غربية إلى ثقافة قتالية، كما انعكس في العميد باراك حيرام، الذي انتقد أسلوب الحياة الإسرائيلي “اللذيذ” عند تعيينه قائداً لفرقة غزة العسكرية.
ومن ناحية أخرى، تقود النخب العلمانية وعائلات الأسرى معسكراً يتخيل المجتمع الإسرائيلي كجزء من الغرب، ويعتقد أن الدولة يجب أن تفعل كل ما في وسعها لإعادة الأسرى.
إن المعسكرين الرئيسيين في “إسرائيل” يؤيدان الحرب. ويمكن تلخيص هذا الموقف على أفضل نحو في الشعار الذي رفعته عائلات الأسرى خلال الاحتجاجات في تل أبيب بعد العثور على جثث ستة أسرى: “صفقة، ثم نعود”.
وهذا يشير إلى أنهم يريدون عقد صفقة مع حركة “حماس”، وإعادة الأسرى الإسرائيليين، ثم العودة إلى احتلال غزة.
ومن المفارقات أن هذه المعارضة هي التي تمكننا من فهم الإجماع الإسرائيلي الواسع النطاق الداعم للحرب على كافة الجبهات.
دفع الثمن
إن نتنياهو يدرك تمام الإدراك العقلية الإسرائيلية والصعوبة التي تواجه تحقيق أهدافه العسكرية. فبعد قرابة عام من الحرب، لم يتم إسقاط حماس، ولا يزال العشرات من الأسرى في غزة، وسوف يُنظَر إلى أي اتفاق لوقف إطلاق النار باعتباره فشلاً في “تدمير حماس”.
وفي خضم الفشل في غزة، حول نتنياهو تركيزه إلى لبنان، على ما يبدو مستعدا لدفع ثمن في حياة الإسرائيليين والانحدار الاقتصادي، إلى جانب الدمار الهائل المحتمل في شمال دولة الاحتلال.
لكن الإبادة الجماعية المستمرة في غزة وإطلاق جبهة ثانية في لبنان ليست، كما تشير بعض التحليلات، مجرد محاولة من جانب نتنياهو للتشبث بالسلطة. ومثل هذا المنطق يفتقر إلى فهم أعمق للعقلية الإسرائيلية.
يعتمد نتنياهو على ركيزتين أساسيتين: الخوف الوجودي المتأصل في الوعي الإسرائيلي من أنه إذا فقدت “إسرائيل” تفوقها العسكري، فإنها ستفقد حقها في الوجود (منظور استعماري كلاسيكي).
والركيزة الثانية الكراهية العميقة للعرب داخل المجتمع الإسرائيلي، الذي تتجاهل ثقافته السياسية قتل الفلسطينيين والعرب، وهو على استعداد لاتخاذ خطوات غير متناسبة ووحشية دون أي نقد ذاتي.
ويستخدم نتنياهو هذين الشعورين للهروب من الفشل في غزة من خلال شن المزيد من الحرب والدمار. والأسوأ من ذلك أن “إسرائيل” إذا لم تنجح في ساحات القتال هذه، فسوف تكون مستعدة لشن هجوم بلا هوادة في مختلف أنحاء المنطقة.
رسالة نتنياهو للأنظمة العربية
يحاول نتنياهو إرسال إشارة إلى الأنظمة العربية الأخرى مفادها أنه إذا فشلت “إسرائيل” في تحقيق أهدافها، فإن المزيد والمزيد من العرب سوف يموتون، وسيتعين عليهم التعامل مع العواقب الاجتماعية والسياسية.
لقد فشلت “إسرائيل” حتى الآن في تحقيق الأهداف التي حددتها في بداية القتال في غزة، مع تصاعد التهديدات العسكرية المحيطة بها – من اليمن وسوريا والعراق ولبنان .
في ظل ثقافة التفوق اليهودي والدعم الغربي المستمر، تستعد “إسرائيل” لسنوات من الحرب. وهي تنفذ سياسة التطهير العرقي في غزة والضفة الغربية المحتلة، مع الحديث عن تهجير الفلسطينيين إلى مصر أو الأردن .
لكن العالم العربي، بما في ذلك السلطة الفلسطينية، يلتزمون الصمت إلى حد كبير في حين تستغل “إسرائيل” الوضع الحالي للاستيلاء على المزيد من الأراضي. فإلى أي مدى قد تكون المنطقة العربية على استعداد لاستيعابه دون رسم خطوط حمراء؟.