اتفاق غزة دفن الهدف الإسرائيلي الأكبر من الحرب بالقضاء على المقاومة
دفن اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بشكل متبادل والذي تم إعلانه في غزة بوساطة قطر ومصر والولايات المتحدة، الهدف الإسرائيلي الأكبر من حرب الإبادة الإسرائيلية بالقضاء على المقاومة.
وعلى مدار أشهر الحرب رفعت دولة الاحتلال هدفا رئيسيا بإسقاط حركة حماس والمقاومة بعد الإذلال والصدمة التي تكبدتها إثر هجوم طوفان الأقصى في أكتوبر/تشرين الأول 2023. لكن من الواضح أنهم لم يحققوا هذا الهدف.
ويبرز المراقبون أنه على الرغم من حجم الدمار الشامل الذي زرعه الاحتلال في قطاع غزة، والعدد الهائل من الشهداء والجرحى، ومن قتل كل مكونات الحياة في القطاع، وتهجير كل قطاع غزة من مواطن سكنهم، هناك إجماع في مختلف المستويات الإسرائيلية خاصة السياسية والإعلامية أن مفاوضة حماس بعد 15 شهراً من الحرب شكل المؤشر الأبرز لفشل تحقيق الأهداف المعلنة للحرب.
فيما أبرز الباحث في مركز “ديّان” الإسرائيلي لدراسات الشرق الأوسط البروفيسور عوزي رفي، أن الحرب على غزة انتهت وحماس واقفة على قدميها، مشيرا إلى أن من يحاول مواساة نفسه بالأرض المحروقة في غزة أو عدد الضحايا فعليه أن يراجع نفسه.
ونبه رفي، إلى أن حماس حركة مقاومة وأنها طالما بقيت على قدميها فستعيد بناء نفسها مهما استغرق من وقت، مشددا على “إسرائيل” عجزت عن تحقيق أهداف عسكرية حاسمة في غزة.
نتنياهو ينحني على ركبتيه
بعد 467 يومًا من ارتكاب “الإبادة الجماعية عبر البث المباشر”، انحنى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على ركبتيه ووافق على عقد صفقة مع حماس تضمن إطلاق سراح السجناء الإسرائيليين بحسب ما أبرز موقع Middle East Monitor.
وأشار الموقع إلى اتفاق وقف إطلاق النار استجاب بشكل شبه كامل لكل المطالب التي طرحتها حماس خلال الحرب، ومن الواضح جدًا أن مطلبًا واحدًا من مطالب نتنياهو لم يتم تلبيته.
بالإضافة إلى ذلك، غرق الاحتلال الإسرائيلي في مستنقع لم يكن يتوقعه على الإطلاق.
وأشار الموقع إلى اضطرار نتنياهو إلى قبول إلى اتفاق وقف إطلاق النار مع حماس. وهذه النقطة تنفجر بأهداف نتنياهو، حيث كان قد تعهد بتدمير الحركة، ولكن في النهاية وجد نفسه يعقد صفقة معها.
ولفت إلى أن نتنياهو نفسه، قال خلال الساعات الأربع والعشرين الأخيرة قبل إعلان اتفاق وقف إطلاق، ومعه الأميركيين إنهم ينتظرون رد حماس.
وقال “لقد كانت كل القوى السياسية الإسرائيلية، إلى جانب راعي الإبادة الجماعية الإسرائيلي، تنتظر أن تتخذ حماس قرارها. ولم يكن بوسعها بكل قوتها ونفوذها أن تجبر حماس على الاستسلام والتراجع”.
وأضاف “أن إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين ليس نتيجة لمذابح نتنياهو، بل نتيجة لموافقة حماس، وبناءً على مطالبها الخاصة – إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين، بمن فيهم أولئك الذين قضوا عقودًا في السجن وحُكم عليهم بالسجن المؤبد. أراد الاحتلال الإسرائيلي أن يموت هؤلاء الأسرى في السجن، لكنهم سيُطلق سراحهم بفضل صمود حماس”.
بالإضافة إلى فشل نتنياهو في تحقيق أهدافه من الإبادة الجماعية، فقد جعل من “إسرائيل” دولة منبوذة حيث أصبح اسمها مرادفًا للأشخاص المجرمين وغير الأخلاقيين.
وعلى الرغم من حملة القمع غير المسبوقة لمئات الآلاف من المتظاهرين المناهضين لإسرائيل في أكبر المدن الغربية والأميركية، إلا أن الناس واصلوا مظاهراتهم.
وتحت الضغط الشعبي من قبل المؤسسات المالية والأكاديمية قطعت أو وعدت بقطع علاقاتها مع “إسرائيل”. فقد فتحت الإبادة الجماعية التي ارتكبها نتنياهو في غزة أعين الشعب الأمريكي والغربي الذي أدرك مدى تجذر الصهاينة في أنظمتهم السياسية.
في خطاب مسجل قديم لرئيس المكتب السياسي لحماس الشهيد يحيى السنوار، تنبأ بأن تصبح دولة الاحتلال الإسرائيلي دولة معزولة. ويبدو أن جرائم الحرب التي ارتكبها نتنياهو في غزة حققت هذه التوقعات.
واليوم نتنياهو ووزير جيشه السابق مطلوبان من قبل المحكمة الجنائية الدولية، والجنود الإسرائيليون مطاردون قانونيًا في كل مكان، وخاصة في الغرب. وقد فر الكثيرون حتى الآن سراً من دول مختلفة بعد أن أصبحوا مطلوبين للاعتقال.
وبخلاف عدد الشهداء والجرحى والدمار الهائل، ما الذي نحتاجه أكثر لإثبات أن حماس فازت بالحرب؟ إن مؤشرات النصر لا تقاس بحجم التضحيات، بل تقاس بمدى قبول الجانب الآخر لشروط الجانب الآخر، ونتنياهو قد قبل شروط حماس.
وفيما تردد أن حماس ونتنياهو تعرضا لضغوط من الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، اعتبر الموقع أن نتنياهو استخدم ترامب كوسيلة ضغط لهزيمته عندما قال لشركائه الذين كانوا ضد الصفقة إنهم سيحققون مكاسب استراتيجية كبيرة من خلال ترامب.
وأضاف أن “ما دفع نتنياهو إلى قبول اتفاق وقف إطلاق النار هو المقاومة الفلسطينية المعجزة، حيث قال جنود الاحتلال على الأرض عدة مرات إنهم يقاتلون أشباحاً في غزة”.
وختم الموقع “هل سيحترم نتنياهو شروط الصفقة؟ لا أدري، لكن الصهاينة بشكل عام اعتادوا على خرق أي صفقة، والأميركيون ليسوا جهة موثوقة لتكون ضامنة للصفقة، ولكن إذا عادوا إلى الحرب فالمقاومة الفلسطينية جاهزة للتواجد هناك”.