إعاقة توفير الرعاية الصحية.. سلاح إضافي لحرب الإبادة في غزة
لا يزال النقص الحاد في الإمدادات الطبية ونقص الغذاء والماء للمرضى يعيق توفير الرعاية الصحية التي تشتد الحاجة إليها في مختلف أنحاء قطاع غزة وذلك في خضم حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية المستمرة للعام الثاني على التوالي.
وإلى جانب الاحتياجات الطبية المتزايدة بسبب بداية الشتاء والجوع، أجبرت هذه الظروف العاملين الصحيين على رفض استقبال السكان في بعض المرافق، وقد “تدفع الناس إلى حافة الهاوية”، كما حذرت منظمة أطباء بلا حدود في 29 نوفمبر/تشرين الثاني.
وفي مستشفى ناصر في خان يونس، تنفد الإمدادات الأساسية مثل الشاش والضمادات، مما يضطر فرق أطباء بلا حدود إلى تمديد فترات تغيير الضمادات وزيادة مخاطر العدوى.
كما لم تتمكن فرق أطباء بلا حدود في ناصر من إنشاء مختبر للبكتيريا السريرية لأن سلسلة التبريد لتشغيله كانت “مفتوحة ومتضررة باستمرار من قبل الضباط الإسرائيليين عند المعبر”، وفقًا لمنظمة أطباء بلا حدود.
في دير البلح، يعاني مستشفى أطباء بلا حدود الميداني بسبب نقص مسكنات الألم والمضادات الحيوية، مما يعيق إدارة الألم وعلاج التهابات الجهاز التنفسي المنخفضة بين الأطفال.
وبالمثل، فإن أدوية ارتفاع ضغط الدم قليلة، مما يترك العديد من الأشخاص دون علاج ومعرضين لخطر المضاعفات الحادة.
ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية، من بين ما يقدر بنحو 350 ألف شخص يعيشون بأمراض مزمنة في قطاع غزة، يعاني حوالي 225 ألفًا من ارتفاع ضغط الدم.
وبالمثل أفادت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” مؤخرًا أن مرافقها الصحية، بما في ذلك سبعة مراكز صحية و54 نقطة طبية لا تزال تعمل، لديها مخزون محدود من الأدوية ونقص الإمدادات المعملية جعل ثلاثة اختبارات فقط متاحة للمرضى مقارنة بـ 35 اختبارًا قبل 7 أكتوبر 2023.
وفقًا للأونروا، في ظل الظروف الحالية، لا يزال هناك ما لا يقل عن 60 دواءً، بما في ذلك ومن بين الأدوية التي ستنفد في مرافقها الصحية 19 دواء للصحة النفسية والأمراض غير المعدية، و17 دواء مضادًا للميكروبات والطفيليات، وثمانية أدوية مضادة للالتهابات وأمراض الجهاز الهضمي، بحلول نهاية ديسمبر 2024.
بالإضافة إلى ذلك، تعتمد فرق أطباء بلا حدود على نقل المياه بالشاحنات باهظة الثمن بسبب عدم حصولها على إذن من السلطات الإسرائيلية لاستيراد وحدات تحلية المياه أو المولدات. ومع ذلك، اضطرت الفرق الأسبوع الماضي إلى تقليص أنشطة نقل المياه بالشاحنات إلى النصف بسبب التكلفة العالية وقلة توفر الوقود.
وتستمر الهجمات على المرافق الصحية في مختلف أنحاء قطاع غزة، مما يعيق تقديم الخدمات ويفرض ضغوطاً إضافية على نظام الرعاية الصحية المنهك بالفعل.
ففي 28 نوفمبر/تشرين الثاني، أفادت جمعية العودة للصحة والمجتمع أن إحدى سيارات الإسعاف التابعة لها أصيبت أثناء إجلاء الجرحى في مخيم النصيرات للاجئين في دير البلح، مما أسفر عن إصابة أحد المسعفين.
وفي اليوم نفسه، ورد أن طائرات رباعية المراوح أسقطت قنابل صغيرة القطر خارج قسم الاستقبال والطوارئ في مستشفى العودة في النصيرات، مما أدى إلى إصابة أربعة أشخاص، من بينهم اثنان من الموظفين.
بالإضافة إلى ذلك، ورد أن القوات الإسرائيلية أطلقت النار وقذائف باتجاه المستشفى الإندونيسي في محافظة شمال غزة في مناسبتين في 30 نوفمبر/تشرين الثاني، مما أسفر عن إصابة طبيب واحد وتدمير ثلاثة مولدات كهربائية وإلحاق أضرار بالطابق الثالث وخزانات المياه في المستشفى.
وعلاوة على ذلك، أفادت منظمة جذور، شريكة منظمة أوكسفام، والتي تواصل عملها في شمال غزة، بأن مأوى المشردين التابع لها ومنشأة تخزين الأغذية والأدوية وواحدة من نقاطها الصحية الخمس عشرة تعرضت للقصف الإسرائيلي الأخير، ما أدى إلى “تدمير المعدات وحرق الأدوية” في النقطة الصحية.
في السابع والعشرين من نوفمبر/تشرين الثاني، أجلت منظمة الصحة العالمية ستة مرضى بالسرطان و11 مريضاً مصاباً بصدمات، إلى جانب 17 مرافقاً، من غزة لتلقي العلاج الطبي المتخصص في الولايات المتحدة والأردن.
وحتى السابع والعشرين من نوفمبر/تشرين الثاني، تم إجلاء 352 مريضاً استثنائياً من غزة إلى الخارج منذ أوائل مايو/أيار، في أعقاب العملية البرية الإسرائيلية في رفح وإغلاق معبر رفح في وقت لاحق.
ومع تدمير نظام الرعاية الصحية في غزة والنقص الحاد في الإمدادات والرعاية المتخصصة، لا يزال الآلاف من المرضى على قائمة الانتظار.
ووفقاً لصندوق الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، “بالمعدل الحالي لعمليات الإجلاء الطبي، سيستغرق الأمر سبع سنوات لإنقاذ 2500 طفل في حاجة ماسة إلى الإجلاء الطبي”، وقد توفي بعض الأطفال أثناء انتظار الموافقات.
وقد حدثت إحدى هذه الحالات مؤخراً عندما توفي صبي يبلغ من العمر 11 عاماً بسبب سرطان الدم، بعد رفض ستة طلبات لإجلائه الطبي من غزة، وفقاً لما ذكرته اليونيسيف.