منذ أكثر من عام على العدوان الإسرائيلي في يوليو 2023، ما زال مخيم جنين يعاني من تدمير واسع وآثار كارثية.
ورغم انتهاء العدوان، يواجه أهالي المخيم معاناة جديدة بفعل سياسات السلطة الفلسطينية التي فرضت حصارًا خانقًا وأهملت عملية الإعمار التي طال انتظارها، ما جعل الحياة في المخيم أكثر قسوة.
فساد السلطة
السلطة الفلسطينية، التي تسلمت ملف إعادة الإعمار بعد تلقيها منحًا مالية من دول مانحة، لم تفِ بوعودها، بدلاً من تحسين أوضاع السكان، فرضت حصارًا اقتصاديًا خانقًا على المخيم.
والسكان الذين كانوا يأملون في إعادة بناء منازلهم المدمرة يعيشون اليوم وسط تساؤلات بلا إجابات حول مصير أموال الإعمار، في ظل استمرار إطلاق النار على المنازل وترويع السكان.
المنح المالية.. أين ذهبت؟
المنحة الجزائرية البالغة 30 مليون دولار لم تصل إلى سكان المخيم، وفق تأكيد اللجنة الشعبية لخدمات المخيم.
وبحسب رئيس اللجنة الشعبية لخدمات مخيم جنين محمد الصباغ، أن المنحة الإماراتية بقيمة 15 مليون دولار، فقد ذهبت إلى “الأونروا” لاستخدامها في برامج طويلة الأمد، بدلاً من تخصيصها لاحتياجات الإغاثة الفورية.
على الجانب الآخر، كانت حكومة اشتية السابقة قد أعلنت عن جمع أكثر من 180 مليون دولار لإعمار جنين، لكن سكان المخيم لم يروا أي أثر لهذه الأموال، ما يعكس حالة من الفساد وسوء الإدارة في ملف إعادة الإعمار.
وكشفت مصادر محلية عن تجاوزات خطيرة في عملية توزيع الأموال.
فقد حصل أشخاص غير متضررين، يسكنون خارج المخيم، على مساعدات مالية من المنح المخصصة للإعمار، بينما لم يحصل المتضررون الفعليون على أي دعم.
وهذه الفضيحة دفعت عددًا من أعضاء لجنة الإعمار إلى تقديم استقالاتهم احتجاجًا على الفساد الذي يضرب الملف.
الوضع الإنساني.. كارثة تلو الأخرى
وفي ظل الحصار المطبق، يعاني سكان المخيم من تدهور كارثي في الأوضاع الإنسانية.
وأصبحت الكهرباء والمياه والمواد الغذائية شبه معدومة، ما يجعل الحياة داخل المخيم شبه مستحيلة.
وهذا الوضع دفع الأهالي إلى التعبير عن غضبهم والمطالبة بمحاسبة الجهات المسؤولة عن سرقة الأموال وإهمال الإعمار.
وأهالي مخيم جنين عالقون بين فكي الاحتلال الإسرائيلي وسياسات السلطة الفلسطينية.
وفي ظل غياب الدعم الحقيقي وتفشي الفساد، تبدو عملية إعادة الإعمار كابوسًا مستمرًا يزيد من معاناة سكان المخيم، الذين يعيشون يومًا بعد يوم بين وعود فارغة وواقع يزداد قسوة.