عام من حرب الإبادة حولت قطاع غزة إلى حالة خراب
على مدار عام من حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية، تحول قطاع غزة إلى حالة خراب وبات يعاني من واحدة من أكثر الأزمات الإنسانية تدميراً في العقود الأخيرة، حيث فر ما يقرب من مليوني نسمة من هجوم القصف والهدم والحرب.
وتشير التقديرات إلى أن ما يقرب من 60% من المباني في القطاع قد تضررت أو دمرت، وفقاً لتحليل بيانات الأقمار الصناعية الذي أجراه مركز الدراسات العليا بجامعة مدينة نيويورك وجامعة ولاية أوريجون.
وبحلول بداية عام 2024، كان 71% من المباني في مدينة غزة و67% من المباني في شمال غزة قد تضررت أو دمرت بالفعل. ثم جاء هذا الدمار في أعقاب الحملة الإسرائيلية في الجنوب، حيث شهدت دير البلح وخان يونس وأخيراً رفح زيادة مطردة في القصف وعمليات التدمير الإسرائيلية.
أضرار واسعة بالبني المدنية
تشير تقارير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إلى أن 87% من المدارس في غزة تعرضت للقصف بالذخائر أو لأضرار منذ بداية حرب الإبادة الإسرائيلية.
وفي مايو/أيار، قدرت سلطات الدفاع المدني أن ما يصل إلى عشرة آلاف شخص ربما دُفنوا تحت الأنقاض في مختلف أنحاء القطاع.
وتتضمن الحطام الذي يزيد عن 37 مليون طن أكثر من 800 ألف طن من الأسبستوس و7500 طن من الذخائر غير المنفجرة، وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة.
وقد أصبحت الطرق في غزة غير سالكة بشكل متزايد. وتشير تقديرات تحليلية أصدرها مركز الأمم المتحدة للأقمار الصناعية في الرابع من سبتمبر/أيلول إلى أن 68% من الطرق في غزة تضررت أو دمرت، مما أعاق حركة ملايين النازحين بشكل متكرر، فضلاً عن سيارات الإسعاف ومنظمات الإغاثة العاملة في القطاع.
وتشمل هذه الأضرار عمليات الهدم التي قام بها الجيش الإسرائيلي على طول ممرين استراتيجيين، ممر فيلادلفيا المجاور لمصر وممر نتساريم الذي يقسم الأراضي الواقعة جنوب مدينة غزة.
الأضرار الزراعية
قبل الحرب، كان ما يقرب من ربع الأراضي في غزة مغطاة بالبساتين والمحاصيل أو البيوت الزجاجية، وفقًا لما ذكره مختبر الاستشعار عن بُعد وعلوم الأراضي في جامعة ولاية كينت.
لقد درس المختبر الزراعة في قطاع غزة عن كثب على مدى العام الماضي. كانت أشجار الزيتون والحمضيات والزهور والخضروات تنمو بكثرة هناك.
وبعد عام من الحرب، تضررت أو دمرت 70% من البيوت الزجاجية ونحو 70% من محاصيل الأشجار، وفقًا لتحليل لصور الأقمار الصناعية عالية الدقة للمنطقة. تشمل محاصيل الأشجار الحمضيات والزيتون وأشجار البساتين الأخرى. ولا تشمل الأشجار أو الشجيرات الطبيعية.
وقبل هذه الحرب، كان نحو 90% من المزارعين في غزة يعملون في أقل من نصف فدان من الأرض، وفقًا لتقرير صادر عام 2017 عن منظمة المساعدات الأمريكية للاجئين في الشرق الأدنى غير الربحية. وكان لدى آخرين قطع صغيرة من حدائق منازلهم بجوار منازلهم. وقد يكون فقدان شجرة واحدة مدمرًا.
أزمة إنسانية
يؤدي الدمار الواسع النطاق للمباني والطرق والزراعة إلى تفاقم الوضع اليائس الذي يواجهه الناس في جميع أنحاء غزة.
وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن 17 مستشفى من أصل 36 مستشفى في غزة تعمل جزئيا، في حين أصبحت المستشفيات الـ 19 المتبقية خارج الخدمة، اعتبارا من 2 أكتوبر/تشرين الأول.
وقد استشهد أو جُرح أو نزح العديد من العاملين الطبيين المحليين، مما جعل عمليات المستشفيات صعبة بشكل متزايد. وفي أغسطس/آب، ذكرت إذاعة NPR أن مئات الأطفال المحتاجين إلى العلاج الطبي لم يُسمح لهم بإخلاء القطاع، مما أدى مؤخرا إلى وفاة ما لا يقل عن تسعة أطفال ينتظرون الرعاية.
ومع امتداد الحرب جنوباً على مدى العام الماضي، لم يتبق سوى عدد قليل جداً من الأماكن في غزة التي خصصتها “إسرائيل” كمناطق آمنة للمدنيين الفلسطينيين، حيث يضع الجيش الإسرائيلي المزيد والمزيد من الأراضي تحت أوامر الإخلاء وينفذ هجمات هناك.
وقد أجبر هذا العديد من السكان على الفرار إلى الشريط الساحلي الضيق في المواصي، والذي صنفه الجيش الإسرائيلي كمنطقة إنسانية. وتزداد الظروف في هذه المنطقة اكتظاظاً وانعداماً للشروط الصحية، حيث تسعى أسرة تلو الأخرى إلى إيجاد مكان آمن للاحتماء من الغزو الإسرائيلي.
لكن منطقة المواصى ليست خالية من القصف الإسرائيلي أيضاً. ففي سبتمبر/أيلول، أصابت غارة جوية إسرائيلية المنطقة الإنسانية، مما أسفر عن قتل 19 شخصاً على الأقل. وفي يوليو/تموز، استشهد 90 فلسطينياً في المواصي بغارة جوية إسرائيلية.