واشنطن استخدمت حق النقض 49 مرة ضد قرارات أممية بشأن “إسرائيل”
استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية الأربعاء، حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي يدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة، وهي المرة 49 التي تستخدم فيها واشنطن حق النقض ضد مشاريع قرارات أممية تتعلق بإسرائيل.
وتم تقديم مشروع القرار من قبل الأعضاء العشرة المنتخبين في مجلس الأمن، وصوتت جميع الدول الأعضاء، باستثناء الولايات المتحدة، لصالح الإجراء.
ويمثل هذا الفيتو مرور أكثر من عام على توفير الغطاء الدبلوماسي الأميركي لإسرائيل بينما تواصل شن حرب الإبادة الجماعية على غزة، والتي توسعت الشهر الماضي مع غزو دولة الاحتلال للبنان.
ولكن هذا الدعم الدبلوماسي لإسرائيل من واشنطن ليس بالأمر الجديد، وقد كان يتم على أساس مشترك بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري منذ عقود.
وبالإضافة إلى منح “إسرائيل” نحو 3 مليارات دولار كمساعدات عسكرية سنويا، كانت الولايات المتحدة أيضا أكبر حليف لإسرائيل في الهيئات الدولية.
وكثيرا ما استخدمت واشنطن حق النقض في مجلس الأمن لمنع التدابير الدبلوماسية التي تستهدف “إسرائيل” بسبب جرائمها ضد الفلسطينيين واحتلالها أرضهم.
الفيتو رقم واحد
بحسب المكتبة الافتراضية اليهودية، استخدمت الولايات المتحدة حق النقض 48 مرة أخرى ضد مشاريع قرارات مجلس الأمن المتعلقة بإسرائيل منذ أن بدأت استخدامه لأول مرة في عام 1970.
القرار الأول S/10784، كان أعرب عن القلق العميق “إزاء تدهور الوضع في الشرق الأوسط” وكان يستهدف العدوان الإسرائيلي على الحدود اللبنانية.
وفي حينه صاغت غينيا، الدولة السابقة ليوغوسلافيا، والصومال، مشروع القرار، وكانت الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة التي استخدمت حق النقض ضده. وامتنعت بنما عن التصويت.
كما استخدمت الولايات المتحدة حق النقض ضد عدة قرارات مماثلة في السنوات اللاحقة.
ففي عام 1975، وهو العام الذي اندلعت فيه الحرب الأهلية في لبنان، دعا القرار S/11898 “(إسرائيل) إلى الكف فوراً عن شن أي هجمات عسكرية ضد لبنان”. ومرة أخرى، كانت الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة التي استخدمت حق النقض.
وفي عام 1982، وهو العام الذي شهد بعضاً من أعنف الهجمات الإسرائيلية على لبنان، قدمت إسبانيا مشروع قرار يطالب (إسرائيل) “بسحب كل قواتها العسكرية فوراً ودون قيد أو شرط إلى الحدود المعترف بها دولياً للبنان” في غضون ست ساعات. وقد استخدمت واشنطن حق النقض ضده.
واستخدمت الولايات المتحدة حق النقض ضد قرارات مماثلة في أعوام 1985 و1986 و1988.
القدس المحتلة
إن قضية الوضع النهائي للقدس المحتلة، كانت منذ فترة طويلة هدفا للفيتو الأمريكي في الأمم المتحدة.
وكان مشروع القرار S/12022، الذي قدم في عام 1976، قد دعا (إسرائيل) إلى حماية “الأماكن المقدسة التي تقع تحت احتلالها ووقف التدابير التي تهدف إلى تغيير الطابع المادي والثقافي والديموغرافي والديني للأراضي المحتلة.
وفي حينه كانت الولايات المتحدة الدولة الوحيدة التي صوتت ضد مشروع النص.
وفي عام 1982، قدمت المغرب وإيران والأردن وأوغندا مشروع قرار بعد أن أطلق جندي إسرائيلي النار على المصلين، مما أسفر عن قتل اثنين على الأقل، داخل مجمع المسجد الأقصى في القدس.
ودعا القرار “القوة المحتلة (إسرائيل) إلى مراعاة وتطبيق أحكام اتفاقية جنيف الرابعة ومبادئ القانون الدولي التي تحكم الاحتلال العسكري بدقة، والامتناع عن التسبب في أي عرقلة أمام أداء المجلس الإسلامي الأعلى في القدس لمهامه المقررة”.
وفي عام 1986، استخدمت الولايات المتحدة حق النقض ضد مشروع نص آخر يدعو (إسرائيل) إلى احترام الأماكن المقدسة الإسلامية.
تكريس الاحتلال لفلسطين
في عام 1976، استخدمت الولايات المتحدة حق النقض ضد قرار يدعو (إسرائيل) إلى الانسحاب من جميع الأراضي الفلسطينية – وفي هذه الحالة، امتنعت المملكة المتحدة والسويد وإيطاليا عن التصويت.
وقد أكد مشروع القرار التونسي الذي قدم في عام 1980 على “الحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني”. وصوتت الولايات المتحدة ضده، وامتنعت المملكة المتحدة وفرنسا والنرويج والبرتغال عن التصويت.
ولم يتم منع أي قرارات تدين المستوطنات الإسرائيلية، التي تعتبر غير قانونية بموجب القانون الدولي، إلا من قبل الولايات المتحدة في أعوام 1983 و1997 و2011.
في عامي 2004 و2006، رفضت الولايات المتحدة دعوة (إسرائيل) إلى وقف الحروب ضد غزة، والتي أدت مجتمعة إلى قتل مئات المدنيين.
الموقف الأخير لأوباما
في أواخر عام 2016، وبعد انتخاب دونالد ترامب ولكن قبل توليه منصبه، امتنعت إدارة الرئيس السابق باراك أوباما عن التصويت على مشروع قرار يطالب بوقف توسع المستوطنات الإسرائيلية.
وكانت هذه هي المرة الأولى منذ أربعة عقود التي يتم فيها تمرير قرار من الأمم المتحدة يدين دولة الاحتلال.
وقد حدث هذا على الرغم من أن الولايات المتحدة استخدمت حق النقض ضد تصويت مماثل في عام 2011، وكانت تلك هي المرة الوحيدة التي استخدمت فيها إدارة أوباما حق النقض خلال فترة رئاسته.
وفي ديسمبر/كانون الأول 2017، استخدمت الولايات المتحدة حق النقض ضد مشروع قرار لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يرفض خطوة ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.
وبعد عدة أشهر، في يونيو/حزيران 2018، استخدمت الولايات المتحدة حق النقض ضد مشروع قرار صاغته الكويت يدين استخدام (إسرائيل) للقوة ضد المدنيين الفلسطينيين. وفي حينه كانت القوات الإسرائيلية قد قتلت العشرات من المتظاهرين السلميين في غزة خلال احتجاجات مسيرة العودة.
وكما هو الحال في العديد من الحالات الأخرى، كانت الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة المعارضة لهذا الإجراء.
منذ بداية حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة في أكتوبر 2023، حاول أعضاء مجلس الأمن تقديم قرارات تدعو إلى وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب.
لكن هذه الجهود تعرقلت في مناسبات عديدة من جانب الولايات المتحدة. فمنذ بداية الحرب، عرقلت واشنطن أربعة قرارات مختلفة تدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة.
علاوة على ذلك، منعت الولايات المتحدة قرارا يهدف إلى الاعتراف بفلسطين كعضو كامل العضوية في الأمم المتحدة.
وندد العديد من زعماء العالم بالجهود الأميركية الرامية إلى عرقلة الدعوة إلى وقف إطلاق النار في الهيئة الدولية، كما أعرب حلفاء واشنطن الغربيون عن أسفهم لفشل تمرير هذه الإجراءات.