تحليلات واراء

دروس المقاومة الفلسطينية: فرصة لم تتوافر منذ عقود للأنظمة العربية

تبرز دروس المقاومة الفلسطينية في غزة لتوفر فرصة لم تتوافر منذ عقود للأنظمة العربية عشية انعقاد القمة العربية الطارئة في القاهرة في وقت تجابه فيه القضية الفلسطينية أشد مراحلها خطورة.

وكان تم الدعوة إلى القمة العربية الطارئة لبحث الرد العربي الرسمي على خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتهجير سكان قطاع غزة في خضم حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية المستمرة على القطاع منذ السابع من تشرين أول/أكتوبر 2023.

ويبرز الصحفي الجزائري عثمان لحياني، صمود المقاومة في غزة سواء أمام حرب الإبادة الإسرائيلية أو تهديدات “الجحيم” التي دأب على إطلاقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وهو ما يمثل رسالة واضحة للأنظمة العربية.

ويقول لحياني إن المقاومة الفلسطينية تعاملت مع التهديد الأميركي بفتح أبواب الجحيم، ومع الزهو الإسرائيلي به، بثبات انفعالي لافت، وبثقة سياسية كبيرة، تظهر إدراكاً لحقيقة الموقف، وقدرة على التمييز بين المناورة بالتهديد، والتهديد الجدي الذي يمكن أن يتحول إلى فعل.

ويضيف “حتى الآن لم تصرخ المقاومة، وهي تبقي على موقفها الميداني والسياسي والأخلاقي قوياً بما أمكن، بينما يُسمع الصراخ والصخب السياسي عالياً في تل أبيب، بسبب تعقيدات ما بعد الحرب، والانقسام الداخلي، وبسبب ظهور المقاومة بشقيها العسكري والسياسي في صورة مفاجئة للعدو وللصديق، وسرعة استرجاع نفس الحياة بحده الأدنى في قطاع غزة”.

ويرى لحياني أن المقاومة الفلسطينية “توفر وهي تتصرف على هذا النحو، كل أسباب الشجاعة للنظام الرسمي العربي، وتمنح كل الإمكانية لأن يحفر مجرى مسار مختلف أكثر حزماً وصرامة”.

ويعتبر أن صمود المقاومة “تعزز فرصة لم تتوافر منذ عقود، لتوليد موقف وخيار عربي يتكئ على صلابة موقف المقاومة وقدرتها التفاوضية، بحيث يمكن الاعتماد والتأسيس على ذلك في القمة العربية والقمة الإسلامية التي تليها”.

وذلك “لاتخاذ ما يناسب الموقف والحالة الفلسطينية، إزاء التهديدات الأميركية والإسرائيلية، دون محاولة فرض إملاءات على الواقع الفلسطيني، أو السعي لمنح واشنطن وتل أبيب مكاسب مجانية لم تحققاها عبر الحرب، بما فيها محاولة تحييد حماس والمقاومة من غزة”.

رسائل المقاومة الواضحة

على مدار دفعات الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين في الأسابيع الأخيرة، كتبت المقاومة رسائلها السياسية بوضوح على جدران منصات تسليم الأسرى.

من تلك الرسائل ما ظهر في 15 شباط/فبراير الماضي من رسالة موجهة إلى الدول العربية بالأساس، حين رفعت المقاومة أعلام الدول العربية، بما فيها تلك التي كان أو لا يزال موقفها ملتبساً تجاه المقاومة، أو لديها حساسية أيديولوجية تجاه البندقية الفلسطينية.

هذه الرسالة تقول إن المقاومة تحتكم إلى واقعية سياسية تتجاوز إكراهات الظرفية الصعبة، ولديها متسع أفق لتجاوز العقدة تجاه الأطراف العربية التي لم تبذل جهداً كافياً خلال المرحلة السابقة، والتعامل بإيجابية والاحتكام إلى أي توافق عربي.

وهذه الرسالة على ما فيها من واقعية سياسية وقدر من الانفتاح الإيجابي والرصين، فيها قدر عالٍ من الصرامة، “نحن اليوم التالي”، ويجب أن تقرأ بشكلها الصحيح لدى صانع القرار العربي، في لحظة توليد التصور العربي إزاء مسائل التهجير وإعادة الإعمار وإدارة القطاع وآليات توحيد الحكم الفلسطيني وإنهاء الانقسام الذي يبقى شوكة في حلق الفلسطينيين أنفسهم.

صحيح أن رفع سقف التوقعات من مخرجات القمم العربية كان مخيباً دائماً، لكن النصر يختبئ أحياناً في بطن الهزيمة. ليس مطلوباً من القمة أكثر من رفض التهجير وخطة إعمار، والباقي تتكفل به الشعوب والمقاومة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى