تحليلات واراء

عام على حرب غزة: صمود فلسطيني مقابل يأس وهجرة إسرائيلية

رغم تدمير البنية التحتية وإبادة عشرات آلاف الفلسطينيين أغلبهم من الأطفال والنساء، فإن الشعب الفلسطيني يواصل إظهار صمود اسطوري تقوم على الصبر والوطنية والتعلق بوطنه والدعم غير المشروط لمقاومته، مع صور تسلط الضوء على الصمود الأسطوري للأمة الفلسطينية بين أنقاض قطاع غزة، وسط آلام ومعاناة لا تطاق.

في هذه الأثناء، هناك اليأس والهجرة العكسية مع فرار مليون مستوطن متطرف من الأراضي الفلسطينية المحتلة.

تتصرف “إسرائيل” وكأنها خسرت الحرب بالفعل، في ساحة المعركة في غزة والضفة الغربية المحتلة وبقية فلسطين التاريخية. إسرائيل محاصرة في مستنقع غزة الرهيب وتنزف، في وضع يصر فيه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على إطالة أمد الحرب للحفاظ على منصبه السياسي وتأخير محاكمته بتهمة الفساد.

ويضاف إلى هذه الجبهات المتوترة بالنسبة لإسرائيل، الهجوم الذي شنته القوات المسلحة اليمنية ـ الحوثيون ـ بصاروخ باليستي فرط صوتي على تل أبيب يوم الأحد، كاشفا عن ضعف “إسرائيل” على كافة المستويات، إذ قطع الصاروخ مسافة 2040 كيلومترا في 11 دقيقة ونصف الدقيقة دون أن يتم اعتراضه.

أهداف لا تتحقق

في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، بدأ نتنياهو عملية إبادة جماعية في غزة بهدف “تدمير حماس” و”تحرير الإسرائيليين المعتقلين” لدى المقاومة.

وصرح رئيس الوزراء، الذي يتزعم حزب الليكود اليميني المتطرف، بأن الحرب سوف تستمر حتى تحقيق كل الأهداف التي لم تتحقق بعد، في مواجهة أي نوع من الضغوط، سواء كانت داخلية أو خارجية.

وعلى الجبهة الشمالية يخوض الجيش الإسرائيلي مواجهات دامية مع حزب الله اللبناني الذي يفرض على “إسرائيل” هزائم متتالية ويستنزف خططها القائمة على القوة العسكرية المفرطة.

والحرب في غزة تشكل وضعاً لا مخرج منه للنظام الصهيوني. وكان هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول بمثابة ضربة حاسمة، وجرح لن تلتئم “إسرائيل” منه ولن تتمكن الإمبريالية من إنقاذه.

صرح رئيس العمليات السابق في الجيش الإسرائيلي، يسرائيل زيف، للقناة 12 الإسرائيلية أن الحرب في غزة أصبحت أطول حرب وأكثرها إرهاقًا في تاريخ الكيان الصهيوني.

وبحسب تقديره، فإن الكيان والقوات الإسرائيلية عالقون في “مستنقع غزة الرهيب” والمخرج الوحيد هو الانسحاب الفوري للقوات.

لقد خسرت “إسرائيل” بالفعل المعركة في الرأي العام العالمي، وذلك من خلال الارتفاع الواضح في شعبية الدولة الصهيونية في مختلف أنحاء العالم.

والواقع أن الخسائر المتواصلة التي تتكبدها “إسرائيل” في مختلف الأراضي، وبحث الصهاينة عن “مخرج مشرف”، كل هذا يثبت أن حماس ليست عدواً مهزوماً، بل إنها عدو مرن يملي قواعد القتال على أولئك الذين أقسموا على تدميرها.

مخاطر في الأفق

إن سلسلة من المخاطر تلوح في الأفق فيما يتصل باستمرار الاحتلال الإسرائيلي.

فبالإضافة إلى فشل كل محاولات تدمير حركة المقاومة الإسلامية واحتلال غزة نهائياً، وتصاعد العنف في الضفة الغربية، وشبح الانتفاضة الثالثة، أثبتت “إسرائيل” عجزها عن شن حرب واسعة النطاق ضد حزب الله، الخصم الأكثر قوة من حماس، والذي يتمتع بقدرات عسكرية هائلة.

لقد أثبت جنود الاحتلال عدم قدرتهم على خوض صراع قتالي مباشر مع المقاومين الفلسطينيين.

وليس من قبيل المصادفة أن تشير التقارير العسكرية إلى زيادة تعاطي الكحول والمخدرات، فضلاً عن إيذاء النفس والانتحار في الجيش الإسرائيلي، بالإضافة إلى الاكتئاب الناجم عن الضغوط النفسية والخوف من الموت في القتال المباشر.

وفي هذا السياق بالذات، تبدي كتائب القسام وسرايا القدس ومجموعات المقاومة الأخرى استعدادها للعمل في تضاريس ذات خصائص غزة والضفة الغربية. وهو نوع من المواجهة حيث تفقد الدعم الجوي والمدفعية الإسرائيلية فعاليتها لأنها لا تستطيع الهجوم دون تعريض جنودها للخطر في نفس الوقت.

لكن الأهم من كل ذلك أن مقاتلي المقاومة يتمتعون بروح الشجاعة والاستشهاد، التي تمكنهم من الحفاظ على تفوقهم كمقاتلين جهاديين في هذه الحرب، الأمر الذي يتطلب منهم أساليب تكتيكية مناسبة لهذا النوع من المواجهة، ومعرفة كيفية استغلال التضاريس ورصد تحركات القوات الإسرائيلية بشكل صحيح.

إن الحرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة لن تتمكن من تحقيق أي من أهدافها العدوانية، وخاصة القضاء على المقاومة الفلسطينية. وسوف ينتصر الفلسطينيون بسلاح المقاومة، لأن “إسرائيل” لا يمكن أن تصبح نموذجاً شريراً للاستعمار والقمع وإبادة السكان الأصليين.

Related Articles

Back to top button