عضو كنيست: المعارضون الإسرائيليون للحرب القذرة على غزة يتعرضون للاضطهاد
قال عضو معارض في الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي إن المعارضين الإسرائيليين لحرب الإبادة الجماعية المستمرة على قطاع غزة للعام الثاني والتي وصفها ب”الحرب القذرة” يتعرضون للاضطهاد السياسي من قبل الحكومة الإسرائيلية.
وكتب البرلماني عن حزب حداش اليهودي العربي “عوفر كسيف” مقالا في صحيفة الغارديان البريطانية، قال فيه إن الكنيست الإسرائيلي ساحة للاحتفال بمرتكبي جرائم الحرب بوصفهم أبطالاً، في حين يُضطهد أولئك الذين يكافحون من أجل العدالة باعتبارهم خونة.
وفي خطوة غير مسبوقة بتاريخه، فرض الكنيست الإسرائيلي يوم 11 تشرين ثاني/نوفمبر 2024، أشد عقوبة على عوفر كسيف، بعد أن دعم دعوى جنوب إفريقيا ضد (إسرائيل) بشأن ارتكاب إبادة جماعية في قطاع غزة.
وقرر الكنيست إبعاد كسيف عن جلساته حتى ربيع 2025 كما حرمه من راتبه لمدة أسبوعين، عقابا على توقيعه على عريضة دعم لقضية جنوب إفريقيا، واتهامه علنا القادة الإسرائيليين بالدعوة إلى ارتكاب جرائم ضد الإنسانية في غزة.
رعب وصدمة الإبادة
قال كسيف إن مذكرات الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الجيش السابق يوآف جالانت فاجأت العديد من أفراد المجتمع الدولي، باعتبار أنه “كيف يمكن لديمقراطية دستورية مفترضة، مقيدة بسيادة القانون، مع سلطة قضائية مستقلة، أن تنتهك القوانين والأعراف الدولية إلى هذا الحد الخطير؟”.
وعقب كسيف “لكن أولئك الذين راقبوا برعب وصدمة الإبادة الجماعية التي حدثت على مدى العام الماضي لم يكونوا في حاجة إلى كشف من جانب المحكمة الجنائية الدولية لمعرفة مدى جرائم الحرب والفظائع التي ارتكبت في غزة”.
وتابع “ولا شك أن الفلسطينيين، في أنقاض غزة التي تعرضت للقصف، أو الضفة الغربية المحتلة، أو القدس الشرقية التي ضمتها (إسرائيل) بشكل غير قانوني، لم يفاجأوا”.
وأبرز أنه “على مدى عقود من الزمان، حُرم جيل بعد جيل من الفلسطينيين من حقوقهم وحرياتهم الأساسية تحت رعاية الاحتلال الإسرائيلي، وبالنسبة لهم، فإن فكرة سيادة القانون الإسرائيلي سخيفة مثل أي محاولة استعمارية لإضفاء الشرعية على الطغيان من خلال الشرعية الجوفاء”.
وقال البرلماني الإسرائيلي إن حكومة نتنياهو “تستخدم نفس المفهوم الفارغ للشرعية ــ لتبرير قتل أعداد كبيرة من الفلسطينيين في غزة، واستهداف المستشفيات والمراكز الطبية، ومنع توزيع المساعدات الإنسانية، وطرد سكان شمال غزة بالقوة”.
وأضاف أنه “عندما يتم استخدام المجاعة والحرمان من الضروريات الأساسية للحياة البشرية كأسلوب من أساليب الحرب لأكثر من عام، فما الكلمة الأخرى التي يمكن استخدامها لوصف هذا الواقع غير الإبادة الجماعية؟”.
وأبرز أنه في الوقت نفسه، هناك حملة تطهير عرقي مستمرة تتكشف في الضفة الغربية، حيث طُردت أكثر من عشرين مجتمعاً بالقوة وسط مستويات متصاعدة من عنف المستوطنين. وفي هذا الصدد، فإن أوامر المحكمة الجنائية الدولية قليلة للغاية ومتأخرة للغاية.
كذبة الديمقراطية الإسرائيلية
أكد كسيف أن فكرة الديمقراطية في (إسرائيل) في عهد نتنياهو سخيفة لأنها لم تكن موجودة قط، وذلك بسبب تعريف دولة “إسرائيل” باعتبارها مفهوماً عرقياً، وهو ما يتناقض مع مبدأ المساواة السياسية.
وقال إن الدولة التي تعلن بموجب قوانينها الأساسية تفوق مجموعة سياسية على أخرى لا يمكن اعتبارها دولة ديمقراطية، بل دولة عرقية.
وأضاف أنه “منذ تأسيسها، كانت (إسرائيل) تنتهج سياسات تمييزية ضد الفلسطينيين (داخل الأراضي المحتلة عام 1948) في كافة مجالات الحياة ـ الإسكان، والتوظيف، والرعاية الاجتماعية، والتعليم. وحتى قانون الحقوق الإسرائيلي المفترض، أو القانون الأساسي: الكرامة والحرية الإنسانية، لا يجرؤ على ذكر الحق في المساواة”.
وتابع “لكن حكومة نتنياهو الحالية تتميز عن سابقاتها بأنها لا تتظاهر بالتمسك بأي وهم بالديمقراطية. فهي تتألف من أسوأ ما في المجتمع الإسرائيلي، المزيد من الوزراء الأشرار، والمزيد من المتعصبين العنصريين، والمزيد من المستوطنين والمتعصبين المجرمين”.
ولفت إلى ما جاء في النقطة الأولى من اتفاق تشكيل الائتلاف بزعامة نتنياهو بأنه “يمتلك الشعب اليهودي الحق الوحيد غير القابل للتصرف في كامل مملكة أرض (إسرائيل)، ستقوم الحكومة بتطوير المستوطنات في جميع أجزائها، بما في ذلك يهودا والسامرة (الضفة الغربية)”.
ونبه إلى هذا كان قبل هجمات السابع من أكتوبر 2023 التي لا يمكن أن تبرر الإبادة الجماعية المستمرة في غزة.
وبحسب كسيف فإن حكومة (إسرائيل) تعمل في الوقت الحاضر على صياغة دولة أكثر تماسكاً وعنفاً وعنصرية مع مرور كل يوم. وتحت ستار مكافحة ما يسمى “الإرهاب”، يتم تمرير التشريعات التي تهدف إلى تقليص المجال الديمقراطي بوتيرة متسارعة.
ويتعرض المعلمون والأكاديميون والطلاب والصحافيون والعمال للاستهداف والرقابة والإسكات. ويجري حالياً صياغة مشروع قانون خاص لمنع الأحزاب التي يشكلها المواطنون العرب في (إسرائيل) غالبية سكانها من المشاركة في الانتخابات الوطنية، بحسب البرلماني الإسرائيلي المعارض”.
وحذر كسيف من أن نتنياهو يسعى إلى تحقيق حلمه بأن يكون أول رئيس وزراء إسرائيلي منذ عقود يوسع أراضي الدولة، ولأجل ذلك فهو على استعداد لإغراق المنطقة بأكملها في أنهار من الدماء، بينما حكومته تضحى بالأسرى الإسرائيليين ولا ترى أي خطأ في التخلي عن كل أمل بوقف إطلاق النار الكامل والسلام.
وختم بأنه “يتعين على المجتمع الدولي أن يفهم أن دعم الحكومة الإسرائيلية يتعارض مع دعم شعب (إسرائيل) وأن هذه الحكومة لابد من التخلص منها حال الرغبة في تحقيق الأفضل للفلسطينيين والإسرائيليين ودعم الطرفين بوسائل السلام والحرية، وليس الحرب والدمار”.