تحليلات واراء

تحذيرات دولية من تصعيد نتنياهو الإبادة في غزة لإفشال مبادرات السلام

حذرت أوساط دبلوماسية دولية من لجوء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى تصعيد حرب الإبادة الجماعية المستمرة على قطاع غزة منذ أكثر من 13 شهرا لإفشال مبادرات السلام ووقف إطلاق النار.

وأبرزت صحيفة الغارديان البريطانية هذه التحذيرات بعد أن أحيا الرئيس الأمريكي جو بايدن الجهود الدبلوماسية الرامية إلى التوصل إلى هدنة في غزة على أمل البناء على الزخم الذي تولده وقف إطلاق النار المتفق عليه حديثًا في لبنان.

وبحسب الصحيفة فإن هناك شكوك في وجود مثل هذا الزخم خارج إدارة بايدن، التي تتوق إلى استخدام الأسابيع القليلة الأخيرة لإنقاذ “بقايا الشرف الدبلوماسي” بعد الأشهر الأربعة عشر الدموية الماضية في الشرق الأوسط.

وقال مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان أمس الأربعاء إن بايدن أمر مبعوثيه بالاتصال بتركيا وقطر ومصر “وغيرها من الجهات الفاعلة في المنطقة” لاستئناف المحادثات الإقليمية بشأن غزة.

“إسرائيل” العقبة أمام المفاوضات

وذكرت الصحيفة أن وقف إطلاق النار في لبنان قد يجعل من غير المرجح التوصل إلى اتفاق في غزة ــ حيث تجاوز عدد الضحايا الفلسطينيين الآن أكثر من 44 ألف، لأسباب سياسية داخلية في “إسرائيل”.

ومن المرجح أن يضاعف الصقور اليمينيون المتشددون الذين قاوموا الهدنة على الحدود الشمالية إصرارهم على “النصر الكامل” في غزة، بحسب الصحيفة التي حذرت من أن معاناة غزة لا يزال محكوم عليها بالاستمرار.

ونبهت الصحيفة إلى إعلان حركة حماس أنها مستعدة للتوصل إلى اتفاق على أساس الشروط المتفق عليها مسبقا والتي تضمنت الانسحاب الإسرائيلي وعودة النازحين إلى شمال غزة وتبادل المعتقلين الفلسطينيين مقابل الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة.

لكنها أشارت إلى أن نتنياهو كان قد عرقل مرارا في السابق التقدم نحو اتفاق تبادل الأسرى بإصراره على مواصلة الحرب وأن تحتفظ القوات الإسرائيلية بالسيطرة على ممرات استراتيجية الأهمية في القطاع.

كما لفتت إلى أنه وفي الوقت نفسه، تركز قوات الاحتلال الإسرائيلي على إفراغ شمال غزة من سكانها الفلسطينيين، وسط شكوك متزايدة في أن حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة تنوي احتلال المنطقة بشكل دائم.

وقال وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش في وقت سابق من هذا الأسبوع إن “إسرائيل” يجب أن تحتل قطاع غزة وتقلص عدد سكانه الفلسطينيين إلى النصف من خلال “تشجيع الهجرة الطوعية”.

وفي الوقت نفسه تقريباً، كان وزير الزراعة آفي ديختر يقول لمجموعة من المراسلين الأجانب إن الائتلاف الحكومي الإسرائيلي لا يزال يركز على “النصر الحاسم” في غزة.

وقال ديختر، بحسب وكالة رويترز: “هل نحن في بداية النهاية؟ بالتأكيد لا. لا يزال أمامنا الكثير لنفعله”.

خطط اليمين الإسرائيلي المتطرف

أبرزت الغارديان أن الفارق الأساسي بين وقف إطلاق النار في لبنان ووقف إطلاق النار في غزة هو اليمين المتطرف الإسرائيلي الممثل في الائتلاف الحاكم لديه خطط ضم لقطاع غزة، وهو ما لا يملكه في لبنان.

وقد انتقد وزير الأمن الداخلي، إيتمار بن جفير، وقف إطلاق النار في لبنان، لكن اليمين لم يكن مستعداً لإسقاط الائتلاف بسببه. ومع ذلك، فقد هدد بشكل موثوق بإسقاط نتنياهو إذا تم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مع حماس.

وذكرت الغارديان أن نتنياهو “لديه كل الأسباب التي تجعله يصدق شركاءه في الائتلاف في هذا الشأن، فقد وعدهم “بالنصر الكامل”، وبعد التوصل إلى تسوية في لبنان ضد رغباتهم، أصبح لديه مجال أقل للمناورة في غزة”.

وتابعت قائلة “سيكون من الصعب الحفاظ على الائتلاف الحكومي الحالي في مواجهة صور تلفزيونية للأسرى الفلسطينيين المفرج عنهم وهم يرفعون علامات النصر”

وأضافت “أما حماس فإن القدرة على إثبات بقائها وصمودها بعد كل هذه الحرب على غزة تشكل الحد الأدنى في أي محادثات لوقف إطلاق النار، وليس لدى المقاومة ما تخسره”

وشددت الغارديان على أنه في غضون ذلك، أصبح نتنياهو يعتمد بشكل متزايد على مكانته كزعيم في زمن الحرب لإبقاء الملاحقات القضائية بتهمة الفساد المختلفة بعيدة المنال. وقد طلب فريقه القانوني تأجيل ظهوره على منصة المتهمين المقرر يوم الاثنين المقبل، على أساس أنه مشغول للغاية بقيادة المجهود الحربي.

ويواجه نتنياهو اتهامات بالرشوة والاحتيال وانتهاك الثقة في ثلاث قضايا منفصلة، ​​ويحتاج إلى البقاء في منصبه للحصول على أفضل فرصة للبقاء خارج السجن.

وإن استمرار حالة الحرب هو أفضل حجج نتنياهو ضد الانتخابات المبكرة قبل انتهاء ولاية الكنيست الحالية في أكتوبر/تشرين الأول 2026، وفي غياب الحرب في لبنان، فإنه يعتمد بشكل أكبر على استمرار الحرب في غزة.

تطوران في الحسبان

لكن بحسب الغارديان فإن هنالك تطوران في الأفق قد يكسران هذا المنطق القاسي. الأول هو احتمال اندلاع حرب أكبر، إذ كان المبرر الأول الذي قدمه نتنياهو لوقف إطلاق النار في لبنان هو “التركيز على التهديد الإيراني”، لكنه رفض توضيح ما يعنيه ذلك.

وقد أوضح نتنياهو على مدى سنواته العديدة في منصبه أنه يرى في البرنامج النووي الإيراني تهديداً وجودياً لإسرائيل، وأنه يريد أن يكون إرثه إرث الزعيم الذي نجح في تحييد هذا التهديد.

وهذا من شأنه أن يشعل فتيل صراع من شأنه أن يلغي الحاجة إلى حرب غزة لتوفير أوراق اعتماده العسكرية وذريعة لتغيبه عن جلسات المحكمة.

أما التطور الحاسم الثاني فهو عودة دونالد ترامب الوشيكة إلى السلطة، والذي أوضح لنتنياهو أنه يريد أن تنتهي المعارك بحلول الوقت الذي يعود فيه إلى المكتب البيضاوي في العشرين من يناير/كانون الثاني. وهذا الطلب يضع نتنياهو في مأزق محتمل، حيث يضطر إلى الاختيار بين أهم راعي له على الساحة العالمية وشركائه في الائتلاف.

وختمت الغارديان “إنها معضلة سيحاول نتنياهو الإفلات منها في الأسابيع المقبلة. وقد يكون أحد السبل المتاحة له تصعيد القصف بلا رحمة على غزة لإرضاء اليمين المتطرف، حتى يصبح السلام الذي يعرضه على ترامب بمثابة صمت المقبرة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى