
منذ أكثر من شهرين، تُغلق قوات الاحتلال الإسرائيلي جميع المعابر المؤدية إلى قطاع غزة، وتمنع دخول الغذاء والماء والدواء، لتبدأ مرحلة جديدة من الإبادة الجماعية بحق أكثر من مليوني إنسان. المجازر التي ارتُكبت بالسلاح لم تتوقف، لكن الآن سلاح التجويع يفتك بالباقين.
مجاعة غزة
وأكدت الأمم المتحدة عبر نائبة المتحدث باسم الأمين العام، ستيفاني تريمبلاي، أن المساعدات الإنسانية لم تدخل القطاع منذ قرابة شهرين، رغم الحاجة الماسة.
وتُعطّل العمليات الإنسانية بقرار إسرائيلي مباشر، والمستشفيات تنهار دون أدوية، فيما يُمنع تطعيم الأطفال أو علاج المرضى، وسط كارثة صحية وإنسانية شاملة.
شريك في الصمت
أمام كل هذا، تقف السلطة الفلسطينية متفرجة. لا إعلان رسمي باعتبار غزة منطقة منكوبة، ولا تحرّك فعلي لإجبار الاحتلال على فتح المعابر.
وما يُقال من تصريحات خجولة لا يرتقي إلى مستوى الكارثة، ويكشف عن تواطؤ واضح أو تخلٍّ كامل عن مسؤولية إنقاذ أرواح المدنيين في القطاع.
الإبادة مستمرة بدعم أمريكي وصمت عربي
وما يجري في غزة اليوم ليس أزمة مؤقتة، بل جريمة ممنهجة ترتكبها إسرائيل بدعم أمريكي وصمت عربي فاضح.
أكثر من 167 ألف شهيد وجريح منذ أكتوبر، ومع ذلك لا تزال غزة تُعاقب حتى في رمقها الأخير. أطفال ينامون جوعى، ونساء يفقدن أبناءهن على أبواب المستشفيات المغلقة، ولا أحد يحرّك ساكنًا.
وفي ذات السياق، أكد “المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان” أن ما يجري في قطاع غزة هو أحد أكثر أشكال الإبادة الجماعية قسوة وتجريدًا للكرامة الإنسانية، مشيرًا إلى أن سياسة التجويع الممنهج التي تنفذها إسرائيل تستهدف القضاء على قدرة السكان على البقاء من خلال تدمير سبل العيش، ومنع دخول المساعدات، واستهداف سلاسل الإمداد الغذائي ومراكز التوزيع والتكايا.
وأوضح المرصد أن النساء والأطفال، الذين يشكلون أكثر من ثلثي سكان القطاع، هم الأكثر تضررًا من هذه السياسة، حيث يواجه مليون طفل خطر سوء تغذية حاد، وتتعرض النساء الحوامل والمرضعات لمخاطر صحية جسيمة تهدد حياتهن وحياة أطفالهن في ظل الانهيار الكامل للمنظومة الصحية ونقص المياه والغذاء.
كما حذّر المرصد من أن تداعيات هذه المجاعة تتجاوز الحاضر لتقويض مستقبل الفلسطينيين كجماعة وطنية، عبر إنتاج جيل مهدد بالإعاقات الجسدية والنفسية والمعرفية، وهو ما يعكس النية التدميرية المتعمدة خلف هذه الجريمة المستمرة.